- المحامي علي ابوحبله
"لن يأتي أي قائد أو زعيم عبر بروباجندا، أو دبابة إسرائيلية، أو بقرار إقليمي أو دولي.. الرئيس الفلسطيني المقبل سيأتي عبر صناديق الانتخابات" كان هذا آخر تصريح لحسين الشيخ، عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، والذي باجتهادات البعض يقترب يوما بعد يوم من كرسي السلطة منذ منحه منصبا مهما قبل أيام وهو منصب أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية ،
يفسر البعض لعبة تسلق سلم المناصب التي يحظى فيها الشيخ بمساندة الرئيس الفلسطيني محمود عباس، برغبة الأخير في البتّ في قضية خليفته في أقرب فرصة ممكنة، إذ يريد عباس تقسيم كعكة السلطة الآن ودون تأخير. أما على المستوى القانوني، فينص القانون الأساسي الفلسطيني على أن رئيس مجلس النواب هو من يجلس على كرسي الرئاسة مؤقتا في حال وفاة الرئيس أو عجزه عن القيام بمهماته، في انتظار نتائج الانتخابات الرئاسية، وهو أمر ربما لا يحدث أبدا بسبب حالة الانقسام الفلسطيني التي يصل مداها في بعض الأحيان إلى داخل الفصائل الفلسطينية نفسها، ما يحول دون فرص قيام برلمان منتخب في وقت قريب.
قرار الرئيس الفلسطيني محمود عباس، بتكليف حسين الشيخ المقرب منه بمهام أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، اعتباراً من تاريخ توقيع الكتاب في 25 من الشهر الجاري، والذي يعتبر الموقع الأهم بعد موقع رئيس اللجنة التنفيذية الذي يشغله عباس نفسه، لم يكن مفاجئا في ظل اختياره في فبراير (شباط) الماضي، في جلسة المجلس المركزي الفلسطيني، عضوا في التنفيذية بديلا عن الراحل صائب عريقات الذي كان أمين سر التنفيذية، إلى جانب آخرين استكملوا شواغر المنظمة، بينهم محمد مصطفى رئيس مجلس إدارة صندوق الاستثمار بدلا عن حنان عشراوي (مستقلة) التي قدمت استقالتها، وفريد سروع بدلا عن تيسير خالد الذي قدم استقالته (جبهة ديمقراطية
).
تجديد وملئ القيادات كان أحد أهم مخرجات اجتماع المركزي، باعتبار ذلك تمهيدا لمرحلة مستقبليه متعلقة بخليفة الرئيس محمود عباس. وقبل هذا الاجتماع، كانت حركة فتح قد حددت خياراتها وقررت الدفع بحسين الشيخ إلى اللجنة التنفيذية خلفا لعريقات، والإبقاء على عزام الأحمد في موقعه إلى جانب الرئيس الفلسطيني محمود عباس، وهم ممثلو الحركة الأكبر في المنظمة عن (فتح ) ).
الدفع بالشيخ كان قرار عباس الشخصي. وبحسب مفهوم فتحاوي خالص، فإن الرئيس الفلسطيني يجب أن يكون في اللجنة المركزية لحركة فتح وفي اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، وحتى الآن فإن عباس والأحمد والشيخ يجمعون المنصبين
يأمل الرئيس الفلسطيني محمود عباس في أن تُمرر السلطات بسلاسة كما حدث في وقت سابق عندما تسلم هو رئاسة السلطة الفلسطينية بعد وفاة ياسر عرفات، لكن الأجواء والسيناريوهات تبدو مختلفة كثيرا في الوقت الراهن. في هذا الصدد، يرى محللون ومتابعون في الشأن الفلسطيني إن فتح تعتبر أن رئاسة السلطة ورئاسة المجلس المركزي ورئاسة المنظمة حق من حقوقها، لكن في حال شغور منصب الرئاسة وإجراء الانتخابات سيكون السيناريو الأول المتمثل في أن يكون رئيس المجلس التشريعي هو نفسه رئيس السلطة الفلسطينية مستبعدا للغاية بسبب استحالته قانونيا ودستوريا.
أما السيناريو الثاني حسب رأي خبراء مختصون بالشأن الفلسطيني ، والذي يتمثل في تسليم رئاسة منظمة التحرير الفلسطينية لأمين سرّها الذي سيجلس بموجب ذلك على كرسي رئاسة السلطة أيضا، فهو نظريا ممكن، لكن هذا السيناريو سيواجه تحديا سياسيا كبيرا، إذ إن رئاسة المنظمة قد لا تحتاج إلى إجراء انتخابات، عكس رئاسة السلطة التي من المفترض أن تتم باختيار شعبي، " السيناريو الأقرب هو تولي حسين الشيخ رئاسة منظمة التحرير والسلطة أيضا، حينها تنطلق المرحلة الأصعب التي سيهدف من خلالها الرئيس الجديد إلى الحصول على اعتراف إقليمي وعربي ودولي"، ووفق كل المؤشرات : "الشيخ هو المرشح المفضل لعباس، ولعل نوعية المهام التي يُكلَفه بها رئيس السلطة الفلسطينية مؤخرا تؤكد هذا الأمر، ويؤكد أن حسن الشيخ هو الخليفة المنتظر".
غير أن هذه النظرة ليست محل إجماع بين المحللين على ما يبدو. هناك عدة معطيات تشكك في إمكانية خلافة الشيخ لعباس، أولها كثرة المرشحين لمنصب الرئاسة، ثم ثانيها، وهذا السبب الأهم ربما، وجود عدد من المتدخلين من ذوي المصالح عربيا وإقليميا ودوليا في اختيار رئيس السلطة الفلسطينية، ناهيك بالدور الإسرائيلي في هذه العملية.وبرأي الخبراء والمحللون ليس شرطا : "منح مسؤولية أمانة سر منظمة التحرير الفلسطينية لا يعني بالضرورة ترؤس السلطة الفلسطينية وحركة فتح، فالحركة لديها نائب رئيس، ولا يعني ذلك بالضرورة أن يكون هذا النائب هو رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية المستقبلي، لأن رئاسة السلطة تكون وفق القانون الأساسي، أي عبر الانتخاب".
أن شغور منصب الرئاسة قد يتسبب في خلافات عديدة راجعة أساسا إلى سوء تنظيم عملية انتقال السلطة، وعدم قدرة القيادة السياسية على السيطرة على الوضع في الوقت الحالي في ظل عدم وضوح مراكز القوى المتدخلة في المشهد، و"لو كان لدينا مجلس تشريعي، فإن عملية انتقال السلطة ستكون أيسر، ولن توجد مشاكل فيما يتعلق بمراكز القوى الموجودة في النظام السياسي الفلسطيني". و"في ظل غياب الآليات الواضحة، ستظهر أطراف خارجية أخرى للعب دور في ترجيح كفة بعض الأشخاص، ولكن الأطراف الفلسطينية لن يكون لديها القدرة على تثبيت أي شخص لا يرغب فيه الشعب الفلسطيني".
وختاما، كل المؤشرات تقود إلى أن شغور منصب الرئيس ينذر بحرب شرسة بين الفلسطينيين من مختلف الأطراف، إذ لا يمكن تجاهل دور دولة الاحتلال الإسرائيلي التي لن تقبل رئيسا يحمل برنامجا سياسيا مخالفا لمخططاتها
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت