في ضوء المعطيات الدولية ...الا تستحق غزة الأفضل؟

بقلم: أحمد إبراهيم

حماس.jpg
  • أحمد إبراهيم

الا تستحق غزة والمواطن المقيم بها حياة أفضل؟
لا أعلم لماذا يطاردني دوما هذا السؤال منذ أن سيطرت حركة حماس على غزة ، وسأتطرق إلى هذه القضية موضوع المقال من خلال المعطيات الرسمية لعدد من التقارير الدولية التي وضعتها بعض من المؤسسات العالمية في هذا الصدد.
منذ سيطرة حركة حماس على الأوضاع في غزة عام 2007 وهناك دقة في الأوضاع الاقتصادية بالقطاع ، وتعترف بعض من التقارير الفلسطينية أن ظروف الحياة ساءت الحياة في غزة من جميع النواحي ، وتعيد ذلك بسبب الإدارة الاقتصادية السيئة من قبل حماس والمقاطعات العالمية والحروب مع إسرائيل بينما في الضفة الغربية تحسن الوضع الاقتصادي كل عام بسبب وجود السلطة والتفاني والمسؤولية.
وتتهم بعض الأقلام والتقارير حركة حماس بأنها لم تنجح في الحفاظ على مستوى المعيشة في غزة الواقعة تحت سيطرتها بل جعلت الوضع أسوأ، وعندما استولت حماس على القطاع في عام 2007 ، كان مستوى المعيشة في قطاع غزة مشابهًا للضفة الغربية.
ويشير البنك الدولي في تقرير له إلى أنه الآن ، بعد 15 عامًا من سيطرة حماس على القطاع، أصبح متوسط مستوى المعيشة في الضفة الغربية 2.5 مرة أعلى منه في قطاع غزة ، وفقًا لقوانين وتقارير البنك الدولي ، حتى عندما تحاول المراجعات أن تكون موضوعية ، فلا شك في أن سيطرة حماس على غزة تسببت في مشكلة اقتصادية كبيرة هناك.
كثير من التقارير تشير إلى أن النمو الاقتصادي في قطاع غزة كان أسرع وأفضل مما كان عليه في الضفة الغربية حتى عام 2007 ، ولكن بعد ذلك تغيرت الأمور بسبب مصالح حماس والصراعات السياسية.
ينخفض الناتج المحلي الإجمالي في القطاع العام الخاضع لسيطرة حماس بنسبة 1.5٪ كل عام على عكس زيادة قدرها 3٪ في الضفة الغربية كل عام، وفي سياق مباشر، طالما أن حماس تسيطر على غزة ، فإن الفجوات آخذة في الاتساع.
وفي تقرير لصحيفة انديبندنت أشار إلى أنه وبين عامي 2015 و 2021 ، نما الاقتصاد في الضفة الغربية بأكثر من 20٪ ، على عكس الاقتصاد في غزة الذي تقلص بنسبة 10٪ على الرغم من المساعدة المالية الدولية بقيمة 3 مليارات دولار ، والكهرباء والمياه والبنية التحتية التي قدمتها إسرائيل ، والمنح المالية من الدولة.
بالإضافة إلى ذلك ، فإن معظم تمويل رواتب الموظفين في قطاع غزة، يأتي من السلطة الفلسطينية ، لذلك فإن افتقارهم إلى التماهي مع الغزيين لا يفاجئ أحداً.
ويشير التليفزيون البريطاني في تقرير له إلى أن أكثر من 70٪ من الفلسطينيين في غزة مؤهلون للحصول على مساعدة من الأونروا ، ولديهم أيضًا مساعدة مالية من قطر بقيمة 200 مليون دولار. ومع ذلك ، يعيش أكثر من نصف السكان تحت خط الفقر ، على عكس الضفة الغربية حيث يعيش 4٪ فقط من السكان تحت خط الفقر. علاوة على ذلك ، يبلغ معدل البطالة في قطاع غزة يصل إلى  42٪ مقارنة بـ 9٪ فقط في الضفة الغربية.
اللافت أن التقرير قال أيضا أن المواطنين في قطاع غزة لا يستطيعون الحصول على المياه العذبة ولكنهم يشترونها من المحلات التجارية باهظة الثمن.
وبحسب ما أذاعه البنك الدولي، بسبب مصالح حماس، فإن الوضع الاقتصادي سيتدهور حتى بدون حروب مع إسرائيل وعقوبات من قبل المجتمع الدولي.
وقد قرر البنك الدولي والخبراء الماليون أنه إذا استمر الوضع، فإن غزة ستعيش أوضاعا أصعب، ومن أجل جعل الحياة في قطاع غزة أفضل، يجب على حماس التنحي وإعطاء السيطرة للسلطة الفلسطينية.
كل الحقائق تظهر ذلك، وربما ليس هذا ما يريده كل الشعب الفلسطيني ولكنه ما يحتاجه كل الشعب الفلسطيني.
حقائق واقعية
وفي هذا الصدد فقط وبناء على مراجعاتي العلمية لما يجري في غزة أود القول بعدد من الحقائق ، أولها أن حركة حماس أو القائمين على النشاط الاقتصادي بالقطاع ابدوا مرونة كبيرة في عدد من القضايا الاقتصادية والإنسانية الفلسطينية ، وعلى سبيل المثال سمحوا للمواطنين الفلسطينيين بالعمل في الداخل الإسرائيلي ، وهو أمر مهم ودقيق والأهم يعكس مرونة اقتصادية مطلوبة.
ثانيا فإن الكثير من قيادات حماس بالفعل طرحت أفكارا اقتصادية متميزة لعلاج أزمات المواطنين ، ومنها مثلا السعي الدائم نحو بناء وضع اقتصادي فلسطيني مستقل للقطاع ، والأهم محاولة بناء مشاريع سياحية متميزة يمكن أن تساعد الفلسطينيين في الضفة أو حتى بالداخل الإسرائيلي للحضور إلى القطاع وقضاء أوقاتا متميزة بنفقات قليلة مقارنة بأي منطقة أخرى في إسرائيل، وهناك الكثير من المواطنين الفلسطينيين بالضفة ممن يشتاقون إلى بحر غزة ، وهو أمر يمكن أن ينعكس إيجابيا عليهم وعلى الاقتصاد الفلسطيني في غزة.
ثالثا أعرف وبحق أن هناك أصواتا من حركة حماس خرجت لتنادي بضرورة التواصل الاقتصادي مع الضفة ، والأهم التواصل معها ، الأمر الذي يزيد من دقة هذه القضية وبالطبع يزيد من قيمة التعاون الاقتصادي المشترك بين الضفة وغزة.
رابعا يجب الاعتراف بأن لحركة حماس علاقات طيبة مع الكثير من رجال الأعمال في خارج الوطن من أبناء الشعب الفلسطيني ، وبالحق أقول أنها سعت وتسعى للتواصل معهم للاستثمار في القطاع ومساعدة أبناء شعبنا ، غير أن ظروف الاحتلال والحصار بالطبع تمنع ذلك، غير أن هذه المحاولات وطنية وإنسانية ومتميزة.
وأيا كان الأمر فإن غزة تواجه تداعيات الانقسام ، وهي التداعيات التي يجب التصدي لها الآن في ظل ما تواجهه العالم من تحديات مختلفة ومتعددة.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت