أعلنت السلطات الأميركية أنها أوقفت مساء الإثنين شابا يشتبه في أنه أطلق النار في مدينة هايلاند بارك القريبة من شيكاغو (شمال) على حشد من الناس كانوا يحضرون استعراضا لمناسبة عيد الاستقلال، في هجوم أوقع ستة قتلى و26 جريحا على الأقل.
ووقعت هذه المأساة الجديدة في بلد لم يتجاوز بعد صدمات متتالية أحدثتها سلسلة هجمات مسلّحة أوقعت العديد من القتلى.
وأفاد مصدر أمني أن المشتبه به روبرت إي. كريمو الثالث الملقّب "بوبي" (22 عاماً) "أوقف بدون حوادث" بعدما رصدته الشرطة وهو يقود سيارة على طريق سريع خارج شيكاغو، لتنتهي بذلك عملية تعقّب شارك فيها المئات من عناصر الشرطة.
وقتل خمسة أشخاص، جميعهم بالغين، على الفور فيما توفي السادس بعد نقله إلى المستشفى. وتلقى 26 مصابا على الأقل تتراوح أعمارهم بين 8 سنوات و85 عاما، رعاية طبية، وبعضهم في حالة حرجة، كما أفاد مسؤول في المستشفى الذي نقل إليه المصابون.
- عربات أطفال وكراس قابلة للطي -
وبعد ساعات قليلة من الحادث، كان مكان المأساة ما زال محاطا بشرائط الشرطة الصفراء، وكان الزمن في الشارع الرئيسي للمدينة متوقفا عند اللحظات التي أعقبت إطلاق النار.
وخلال فرارهم، ترك الناس وراءهم أغراضهم الشخصية التي ما زالت مبعثرة على الأرصفة: دراجات أطفال مزينة بألوان العلم الأميركي وعربات أطفال وكراس قابلة للطي.
وقالت الشرطة إنّ المشتبه به المسلح ببندقية قويّة اعتلى سطح متجر وراح يطلق النار منه على أناس تجمّعوا للتفرّج على الاستعراض السنوي لمناسبة العيد الوطني الذي تحتفل به الولايات المتحدّة في الرابع من تموز/يوليو من كل عام.
وكانت الشرطة نشرت صورة للمشتبه به بدا فيها شاباً نحيل الوجه تغطّي الوشوم رقبته وعرّفت عنه بأنّه "يتحدّر من المنطقة".
وبحسب شرطة هايلاند بارك، البلدة الفارهة الواقعة على ضفاف بحيرة ميشيغان والبالغ عدد سكّانها 30 ألف نسمة، فإنّ المسلّح استقلّ سيارة فضية اللون من طراز هوندا فيت ولاذ بالفرار.
وشارك مئات الشرطيين في عمليات البحث عن مطلق النار الذي أرفقت الشرطة صورته بتحذير قالت فيه للسكّان "عليكم التزام أقصى درجات الحيطة، هذا الرجل فارّ. إنّه يعتبر مسلّحاً وخطراً".
وبعد إلقاء القبض على المطلوب، قال لو جوغمان قائد شرطة هايلاند بارك للصحافيين إنّ توقيفه تمّ "بدون مشاكل" في ختام عملية مطاردة قصيرة على الطريق السريع.
ويملك "بوبي" عدداً من الصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي، يعرّف فيها عن نفسه بأنه موسيقي من شيكاغو يدعى "آويك ذي رابر".
وقبل القبض عليه نشرت الشرطة تعزيزات شملت مدرّعات ووحدات فدرالية.
- "ساحة معركة" -
في هذا اليوم، اصطف مئات الأشخاص على أرصفة هايلاند بارك لحضور موكب عيد الاستقلال الأميركي التقليدي، كما هي الحال في كل الولايات المتحدة.
وفيما كانت فرق موسيقية مؤلفة من تلاميذ ثانويين تسير في الشوارع، سُمع دوي طلقات نارية. وقالت امرأة كانت شاهدة على المأساة أعطت اسمها الأول فقط وهو زوي لشبكة "سي إن إن"، "سمعنا 50 طلقة نارية تقريبا، اعتقدنا جميعنا أنها مفرقعات".
متحدثة عن "حالة ذعر مع سقوط أشخاص واحدا تلو الآخر" روت أنها اختبأت خلف سلة مهملات قبل نقلها إلى مكان آمن. عند مغادرتها، شاهدت "ساحة معركة".
وقالت إميلي برازاك التي كان يفترض أن تشارك في الموكب "كنا نستعد للسير في الشارع وفجأة بدأت أمواج من الأشخاص تركض نحونا. وقبل ذلك بقليل، سمعنا دويا ظننت أنها مفرقعات".
- مقاطع فيديو -
وأفادت وسيلة إعلام أميركية أن منشورات المشتبه به على وسائل التواصل الاجتماعي كانت عنيفة في بعض الأحيان وكانت تشمل أسلحة وعمليات إطلاق نار. ومساء الاثنين، لم تكن حساباته على يوتيوب ومنصات أخرى متاحة.
وبحسب صحيفة "شيكاغو تريبيون" المحلية، يظهر مقطع فيديو نُشر قبل ثمانية أشهر، شابا في غرفة نوم وصف دراسي مع ملصقات لمسلح وأشخاص يتم إطلاق النار عليهم، مع تعليق صوتي جاء فيه "أحتاج إلى أن أقوم بذلك (...) إنه قدري. كل شيء قادني إلى هذا. لا شيء يمكن أن يوقفني ولا حتى نفسي".
وعلّقت الاحتفالات على الفور في العديد من البلدات المحيطة التي أغلقت أيضا شواطئها ودعي السكان إلى توخي الحذر.
وحدثت عملية إطلاق نار في فيلادلفيا (شرق) أصيب فيها شرطيّان بالرصاص أثناء عرض ألعاب نارية، كما أفادت قناة "سي بي إس نيوز" التي بثت شريط فيديو صوّر من ناطحة سحاب يظهر حشدا هاربا.
ولم تعرف ملابسات هذا الحادث حتى الآن ولم يتسن الاتصال بالشرطة المحلية على الفور.
- "آفة أميركية" -
وأحيت هذه المأساة الجدل حول حيازة الأسلحة النارية التي يحملها حوالى 400 مليون شخص الولايات المتحدة.
قال حاكم ولاية إلينوي الديموقراطي جيه بي بريتزكر "من المروّع أن يخرَّب احتفال يكرم أميركا بآفة أميركية".
وإثر الهجوم، تعهّد الرئيس الأميركي جو بايدن مواصلة الكفاح لإنهاء "وباء" العنف المسلح في أميركا وقال في بيان "لن استسلم في مكافحة وباء عنف السلاح"، مشيرا إلى توقعيه أول قانون أساسي بهذا الشأن، لكن تبقى هناك حاجة إلى "المزيد من العمل".
وما زالت الولايات المتحدة تحت صدمة سلسلة عمليات إطلاق نار بما فيها مأساة في مدرسة ابتدائية في يوفالدي في ولاية تكساس أسفرت عن مقتل 21 شخصا، من بينهم 19 تلميذا في 24 أيار/مايو.
وتواجه البلاد عموما زيادة في العنف المسلح، مع مقتل أكثر من 22,400 شخص منذ بداية العام وفق موقع "غن فايولنس أركايف" الذي يشمل حالات الانتحار في بياناته.