- المحامي علي أبوهلال
في تطور هام تجاه الحقوق الوطنية الفلسطينية والصراع الفلسطيني الإسرائيلي، اعتبرت منظمة الكنائس المشيخية في الولايات المتحدة أن إسرائيل دولة فصل عنصري، وأكدت المنظمة أنها ستصوت اليوم الثلاثاء الخامس من شهر تمور/يوليو الجاري، في مؤتمرها العام، على مشروع قرار يعتبر إسرائيل دولة فصل عنصري، ويشبه معاملتها للفلسطينيين بتعامل نظام ادولف هتلر النازي مع اليهود، ويتهم القرار إسرائيل بسرقة إمدادات المياه الفلسطينية لصالح المستوطنات اليهودية و"إنكار حق الفلسطينيين في حرية الإقامة".
القرار ينص أيضا على أن حكومة الفصل العنصري في إسرائيل "تقسم السكان على أسس عرقية من خلال إنشاء محميات منفصلة و"غيتوات" للفلسطينيين"، وفي أحد البنود يشير القرار إلى أنه من الخطأ أن "لا ينتقد أعضاء الكنيسة سياسات إسرائيل، بسبب تاريخ الهولوكوست النازي وفشل العديد من المسيحيين في التحدث علانية عن الهولوكوست في ذلك الوقت. ويشمل القرار الاعتراف بيوم النكبة في ١٥ أيار وتنظيم فعاليات سنوية للتثقيف عنه.
من المتوقع ان يتم التصويت بالأغلبية لصالح هذا القرار الهام على ضوء تمرير غالبية المؤتمرات الفرعية للكنيسة التي عقدت اجتماعاتها خلال الأشهر الست الماضية، قرارات مشابهة بنسبة موافقة تصل الى ٨٠%.
وجاءت هذه التوقعات إثر تنفيذ أنصار الحق الفلسطيني حملة متواصلة، منذ أكثر من عامين للدفع باتجاه التصويت على القرار وسيتواجدون خلال المؤتمر.
ومن الجدير بالذكر ان لجنة الدعوة للمساواة العرقية داخل الكنيسة أيدت القرار بالتوصية بأن تستبدل الإشارة إلى "معاداة السامية" بكلمة "معاداة لليهود" لأنها تعتقد أن معاداة السامية "تشمل مجموعات أخرى من الناس بالإضافة إلى أشقائنا اليهود". ويبلغ عدد اعضاء الكنيسة المشيخية في الولايات المتحدة الأمريكية نحو مليوني أميركي.
لا شك ان هذا القرار يعتبر تطور هام في الولايات المتحدة الأمريكية التي تعتبر الدولة الأكبر في العالم والتي تقدم الدعم السياسي والاقتصادي والمالي والعسكرية لدولة الاحتلال منذ قيامها حتى اللآن، وقد يفتح هذا القرار الباب لدى العديد من المنظمات الأمريكية أن تذو حذو هذه المنظمة في تصنيف إسرائيل دولة فصل عنصري خاصة بعد أن اعتبرت منظمة العفو الدولية " أمنستي" ومنظمة "هيومن رايتس ووتش" دولة فصل عنصري منذ بداية هذا العام.
وكانت منظمة العفو الدولية " أمنستي" قد أعتبرت في تقرير لها أصدرته في مطلع شهر شباط/ فبراير الماضي تحت عنوان "نظام الفصل العنصري (أبارتهايد) الإسرائيلي ضد الفلسطينيين، أن إسرائيل هي نظامٌ قاسٍ يقوم على الهيمنة وجريمة ضد الإنسانية"، وإن إسرائيل متورطة في "هجوم واسع النطاق موجه ضد الفلسطينيين يرقى إلى جريمة الفصل العنصري ضد الإنسانية".
كما اتهمت منظمة "هيومن رايتس ووتش" إسرائيل بالتمييز ضد الفلسطينيين في جميع المناطق الواقعة تحت سيطرتها، ويؤكد التقرير أن "جميع الإدارات المدنية والسلطات العسكرية في إسرائيل تقريبا" متورطة "في تطبيق نظام الفصل العنصري ضد الفلسطينيين في جميع أنحاء إسرائيل وفي الضفة الغربية وقطاع غزة"، وكذلك "ضد اللاجئين الفلسطينيين وأحفادهم خارج الإقليم".
ودعت منظمة العفو الدولية المحكمة الجنائية الدولية إلى النظر في جريمة الفصل العنصري في التحقيق التي تنوي القيام به في الأرض الفلسطينية المحتلة، كما دعت جميع الدول إلى ممارسة الولاية القضائية العالمية لتقديم مرتكبي جرائم الفصل العنصري إلى العدالة. وقالت: "لا يوجد مبرر محتمل لنظام مبني على القمع العنصري المؤسسي والمطول لملايين الناس. لا مكان للفصل العنصري في عالمنا، والدول التي تختار السماح بإسرائيل ستجد نفسها في الجانب الخطأ من التاريخ". وأضافت: "الحكومات التي تواصل تزويد إسرائيل بالسلاح وحمايتها من المساءلة في الأمم المتحدة تدعم نظام الفصل العنصري، وتقويض النظام القانوني الدولي، وتفاقم معاناة الشعب الفلسطيني. يجب على المجتمع الدولي مواجهة واقع الفصل العنصري الإسرائيلي، والسعي وراء العديد من السبل لتحقيق العدالة التي لا تزال غير مكتشفة بشكل مخجل".
ينبغي مواصلة الحملة الوطنية والدولية سواء على صعيد حكومات الدول أو المنظمات الحقوقية ومؤسسات المجتمع المدني، وغيرها من المؤسسات والمنظمات لإعلان إسرائيل نظام "فصل عنصري" يمارس كافة أشكال السياسات والممارسات العنصرية بحق الشعب الفلسطيني، وهذه الممارسات تعتبر جريمة دولية تستوجب العقاب لدى المحكمة الجنائية الدولية وفقا لنظامها الأساسي، ولدى القضاء الجنائي الدولي في العديد من الدول ضمن اختصاصها الجنائي العالمي.
*محام ومحاضر جامعي في القانون الدولي.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت