- أشرف محمود صالح
كالعادة أخبار الشخصيات العامة تتصدر الصحف دائما بالخط العريض , سواء كانت أخبار سارة أو أخبار سيئة , وكان آخرها حادثة محاولة إغتيال د. ناصر الدين الشاعر الأكاديمي والسياسي المعروف , ولكن المشكلة ليس في الأخبار بحد ذاتها بل أنها في التصريحات المرافقة للأخبار , فحادثة الإغتيال أعادتنا من جديد الى إسلوب الردح والمزايدة والإتهام بالتقصير , وإنفجر خبر محاولة الإغتيال ليتحول الى شظايا من التصريحات والتعليقات التي تعبر عن حالة الإنقسام الأسود أولاً , وتزيد من سخونته ثانياً , وهذا إن دل فهو يدل على غل وحقد كامن في القلوب ينتظر اللحظة المناسبة كي ينفجر دون أن يراعي حقيقة المشهد ووضوح الصورة , ودون أن يبحث عن الحقيقة المرة التي نعاني منها كفلسطينيين ونستر عليها بالمجاملات والنفاق والكذب , لتصل بنا المرحلة أن نعلق أخطاءنا على شماعة الآخرين , وأكبر مثال حي على هذا الكذب والنفاق هو أننا دائما نقول أن إسرائيل والعرب هم السبب في الإنقسام الأسود , وغدا سنقول أن إسرائيل والعرب هم السبب في إنتشار الجريمة في الشارع الفلسطيني بمن فيها محاولة إغتيال ناصر الدين الشاعر .
إن المانشيت العريض لخبر محاولة إغتيال د. ناصر الدين الشاعر تجاهل حقيقة الشعب الفلسطيني وسلط الضوء على قطبي الصراع والخصوم السياسيين , ورصد حالة تسجيل النقاط بينهما , فكل فريق أو خصم يريد أن يسجل نقطة لصالحة ضد الآخر , فتخيل كل طرف أن منطقة حكمة آمنة ولا يوجد فيها جرائم قتل , وتخيل كل طرف أن محاولات الإغتيال هي عبارة عن تصفيات سياسية بحث دون أن ينتظر نتائج التحقيقات , فتحولت قضية ناصر الدين الشاعر الى مناكفات سياسية كالعادة , والجميع تجاهل الحقيقة كما جرت العادة , الحقيقة المرة وهي أن مجتمعنا الفلسطيني مجتمع قبلي وعشائري وحزبي ومتعصب , ويجب أيضاً أن نفصل بين القبلية والعشائرية والحزبية , وبين التعصب , فكلمة التعصب كلمة شاملة ومرافقة لطباع الشعب الفلسطيني وللأسف , فالشعب الفلسطيني متعصب لقبيلته ولعشيرته ولحزبة ولرأيه ولفريق الكرة الذي يشجعه أيضاً , ولو بحثنا عن جرائم القتل في الشارع الفلسطيني سنجدها ناتجة عن هذا التعصب , ومن أهم هذه الجرائم هي جرائم قتل الثأر وجرائم التصفيات السياسية , وكلاهما نتيجة التعصب للقبيلة وللحزب , وأحياناً وللأسف الشديد نجد أن هناك جرائم قتل نتيجة خلاف بين مشجعي كرة القدم .
يجب أن لا تتحول قضية محاولة إغتيال د.ناصر الدين الشاعر الى قضية تصفية حسابات سياسية كالعادة , ويجب على كل طرف أن لا يتشاطر ويتفلسف ويقول أن منطقة نفوذة تنعم بالأمن والأمان وأنه لا يوجد جريمة في منطقة نفوذه , فالكل يعلم أنه لا أحد في العالم يستطيع أن يوقف الجريمة , حتى في أمريكيا نفسها لا تستطيع الحكومة أن توقف الجريمة , ولكن هناك إجراءات تتم بعد وقوع الجريمة كالقبض على الجاني ومحاسبته بالقانون , وهذا هو مربط الفرس في أي جريمة تحدث على وجه الأرض , ومن وجهة نظري المتواضعة وقبل أن تكتمل تداعيات محاولة إغتيال د. إغتيال ناصر الدين الشاعر , أرى أن جريمة محاولة الإغتيال قريبة أن تكون تصفية حسابات ناتجة عن خلاف قبلي أو عشائري قبل أن تكون تصفية حسابات سياسية , وأرى أن تخف حدة التصريحات من قطبي الصراع لحين القبض على الجنات وتقديمهم للمحاكمة , وبعد أن تتضح الأمور يتم محاسبة الجاني ورفع الغطاء التنظيمي عنه في حال أنه خلاف سياسي , ورفع الغطاء العشائري عنه في حال أنه خلاف عشائري .
أشرف محمود صالح – فلسـطين – غزة
كاتب وإعلامي ومختص بالشأن السياسي
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت