وافقت المحكمة المركزية الإسرائيلية في بئر السبع (القاضي إلياهو بيتان) على الالتماس المقدّم من كل من جمعية حقوق المواطن وجمعية المخططين "بمكوم"، باسم اللجنة المحلية لقرية وادي النعم وسكان القرية، وقد أصدرت المحكمة توجيهاتها للمجلس القطري للتخطيط والبناء لإجراء مداولة أخرى حول المخطط العام لقرية وادي النعم في النقب.
وقد ورد في الحكم "إن قضية مساحة الحدود البيئية الواردة في المخطط، والتي تبعد اليوم 5 كيلومترات عن مفترق ناؤوت حوفاف، وتحول دون إنشاء أو التسوية القانونية للمنازل السكنية في هذا الحيّز، هي قضية هامة، تؤثر على الكثير من السكان القاطنين في منطقة نفوذ المخطط."
هذا، وتعدّ قرية وادي النعم التي يبلغ تعداد سكانها 10,000 نسمة، أكبر قرية غير معترف بها في النقب. وكانت كلّ من جمعية حقوق المواطن و "بمكوم" قد قدمتا قبل نحو عامين معارضة للمخطط التفصيلي للقرية باسم السكان، وذلك بادعاء أن حدود المخطط قد تم تحديدها وفقا لقيود بناء غير محدثة، وهذا ما من شأنه أن يؤدي إلى تهجير الكثير من السكان، ولن تسمح لهم بالحفاظ على نمط حياتهم الريفي.
وكانت اللجنة اللوائية للتخطيط والبناء قد رفضت الاعتراض الذي قدمه السكان، بمساعدة المخططة دافنا سبورطا، من جمعية بمكوم، وقد قام رئيس اللجنة اللوائية برد الطلب، وهذا ما دفع إلى تقديم استئناف إلى اللجنة القطرية. وفي أعقاب ذلك، توجهت الجمعيتان والسكان إلى المحكمة المركزية في بئر السبع.
واليوم، نقضت المحكمة المركزية في بئر السبع قرار رئيس اللجنة آنف الذكر، وقضت بضرورة أن يعقد المجلس القطري مداولة إضافية في المخطط، كما قررت المحكمة بأن قضية مساحة الحدود البيئية الواردة في المخطط، والتي تبعد اليوم 5 كيلومترات عن مفترق ناؤوت حوفاف، وتحول دون إنشاء أو التسوية القانونية للمنازل السكنية في هذا الحيّز، هي قضية هامة، تؤثر على الكثير من السكان القاطنين في منطقة نفوذ المخطط".
في ردّها على الالتماس، ادعت اللجنة اللوائية بأن القيود المفروضة على البناء، والتي تنبع من الحاجة للحفاظ على مسافة من المصانع الموجودة في منطقة ناؤوت حوفاف الصناعية، قد تمّ التحقق منها من خلال فحوصات حديثة محثلنة. إلا أنّه عند الكشف عن هذه الفحوصات تبين عن عدم تطابق نتائجها مع حدود المخطط التي تم ترسيمها على مسافة 5 كم من بوابة المنطقة الصناعية ، بما من شأنه أن يقلّص المساحة المسموح البناء فيها بصورة كبيرة، وبدون مبرر. وبالتالي حرمان عائلات كثيرة التي تسكن هذه المنطقة من إمكانية تسوية مساكنهم في أماكن سكناهم الحالية في القرية.
كما اتضح أنه بناء على قرار اللجنة الفرعية لقضايا التخطيط القطرية قد تم تشكيل طاقم مشترك بين الوزارات لإعادة فحص قيود البناء وإمكانية تقليصها، ولكن هذا الطاقم ومنذ إنشاؤه التقى لمرات قليلة جدا ولم يحرز التقدم بالوتيرة المناسبة الأمر الذي يخالف قرار اللجنة.
في ضوء ما سبق، قررت المحكمة أن طبيعة المخطط للقرية وأهميته، وارتكازه على قيود وحدود للقرية التي لا صلة لها بالواقع أو بفحوصات محثلنة تدعمه، هي أمور تستوجب إجراء مداولة في لجنة الاستئنافات التابعة للمجلس القطري. كما حكمت المحكمة لصالح الملتمسين بمبلغ 25،000 شيكل، لتغطية أتعاب القضية.
هذا، ورحّب كل من المحامية عبير جبران والمحامي جيل جان مور من جمعية حقوق المواطن، واللذان مثّلا السكان في الالتماس، بالقرار، وصرّحا: "لقد قامت سلطات التخطيط على مدار سنوات بالدوس على السكان بواسطة قرارات خاطئة وغير مرتكزة إلى الوقائع، وقد تجاهلت السكان ورغباتهم ومست بفرص لتسوية القرية الأكبر غير المعترف بها في النقب. نأمل أن يؤدي القرار القضائي إلى تغيير في التوجه للسكان وطريقة التخطيط، وأن يؤدي في النهاية إلى تسوية القرية وتخطيطها وذلك بعد 70 عاما من العيش بدون بنى تحتية وبدون حقوق أساسية".
المهندسة دافنا سبورطا، من جمعية "بمكوم"، رحّبت أيضًا من جانبها بالقرار، وأضافت: "على مدار ثلاثة عقود ونصف، عمل سكان وادي النعم على الدفع قدما بمخطط لقريتهم، ليلائم نمط حياتهم، وهو مخطط يجب أن يتم وضعه بتعاون وشفافية، ويحول دون اقتلاع آلاف السكان من مكان سكنهم. إن لب الخلاف بين ممثلي البلدة والهيئات الرسمية يتمحور حول سؤال الحدود المقترحة للقرية، وهي تتأثر بصورة مباشرة من حدود بناء منطقة ناؤوت حوفاف الصناعية. إن قرار المحكمة اليوم هو خطوة هامة من أجل إجراء استيضاح معمّق ومهني لهذه المسألة".