- المحامي علي ابوحبله
وسط ترقب دولي وأجواء حرب إعلامية تعيشها الصين وأميركا يخشى من تداعياتها ونتائجها ، وصلت رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي الثلاثاء إلى تايوان، في ثالث محطة من جولتها الآسيوية التي ترفع منسوب التوتر بين واشنطن وبكين الرافضة لزيارة المسئول الأميركية لتايوان ، تشمل جولة بيلوسي الآسيوية كلا من اليابان وكوريا الجنوبية وماليزيا وكذلك سنغافورة التي بدأت بها جولتها يوم الاثنين.
ورغم أن الإعلان الرسمي لم يشمل تايوان، لم تهدأ تحذيرات الصين من تداعيات الإقدام على مثل هذه الخطوة، حيث أعلن المتحدث باسم الخارجية أن الصين "سترد بحزم وأن أميركا ستدفع الثمن"، بينما هدد مسئول حزبي بأن القوات الجوية لجيش التحرير الشعبي "ستجعل زيارتها عارا على نفسها والولايات المتحدة"، بينما تحول الإعلام الصيني إلى ساحة حرب خلال الأيام الماضية، فيما اعتبرتها روسيا "زعزعة لاستقرار العالم"
وتعد بيلوسي أرفع مسئول أميركي منتخب يزور تايوان منذ رئيس مجلس النواب السابق نيوت غينغريتش عام 1997، في حال قامت بالزيارة، وحاولت إدارة جو بايدن طمأنة بكين بأنه لا يوجد سبب "للهجوم"، وأنه في حالة حدوث مثل هذه الزيارة فإنها لن تشير إلى أي تغيير في سياسة الولايات المتحدة.
ولا تزال قضية تايوان - الجزيرة المتمتعة بالحكم الذاتي والتي تعتبرها الصين جزءًا من أراضيها - واحدة من أكثر القضايا الدولية الساخنة و إثارة للجدل بين واشنطن وبكين. وناقش الرئيس جو بايدن ونظيره الصيني شي جين بينغ الأمر باستفاضة في مكالمة هاتفية استمرت ساعتين و17 دقيقة الخميس الماضي، مع تصاعد التوترات بين واشنطن وبكين.
وكان محللون غربيون اعتبروا في وقت سابق أن "كل شيء تغير بعد حرب أوكرانيا"، فلم تكن الدول الغربية نفسها تتخيل أن تعاني بهذه الشدة من وطأة العقوبات التي فرضتها على موسكو، لتتحمل هي نفسها تبعات النتائج الاقتصادية المؤلمة ويتعرض قادتها لخطر الرحيل من نتائج وتداعيات الوضع الاقتصادي.
وفي وقت سابق، أوصت وزيرة الخزانة الأمريكية جانيت يلين، برفع بعض التعريفات الجمركية التي فرضتها إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب على الصين، بوصفها وسيلة لكبح جماح التضخم في الولايات المتحدة، عبر فتح الأسواق الأمريكية مجددا أمام المنتجات الصينية ، وبالفعل بدأت الإدارة الأمريكية في دراسة الخطوة، التي لا يمكن أن تتم إلا في سياق هادئ بين البلدين وعبر اتفاق، وليس في سياق عدائي، قد ينظر من خلاله إلى الخطوة الأمريكية المرتقبة وكأنها "هزيمة تجارية".
وتأتي هذه التطورات أيضا قبل أقل من 100 يوم على انتخابات التجديد النصفي لأعضاء الكونجرس والتي تأتي وسط أزمة اقتصادية حادة تنذر بركود في البلاد قد يطيح بالأغلبية الديمقراطية في مجلس النواب الأمريكي ، كما تأتي التطورات وسط انهيار في شعبية الرئيس الأمريكية إلى مستويات تقل عن ٤٠٪، في استطلاعات الرأي التي تظهر أيضا أغلبية كبيرة يرون أن البلاد تتجه نحو الطريق الخطأ بشكل عام.
وقد لا تسمح هذه الأجواء بفتح جبهة عدائية ساخنة جديدة بين واشنطن وبكين. فالولايات المتحدة منخرطة بالفعل في مساعٍ لترميم الجبهة الغربية وتوحيدها ضد روسيا بسبب الحرب في أوكرانيا ، وبالتالي، فثمة توجه داخل البيت الأبيض للتهدئة مع الصين، بدأت ملامحه منذ مباحثات وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن مع نظيره الصيني وانج يي في يوليو/تموز الماضي على هامش اجتماعات وزراء خارجية مجموعة قمة العشرين في بالي الإندونيسية والتي قال عنها بلينكن ، إنها "كانت بناءة وجاءت في محاولة لمنع خروج التوتر الشديد بين بلديهما عن السيطرة
من المستبعد للغاية أن تتابع الصين التهديدات العسكرية بسبب علاقاتها الاقتصادية الوثيقة مع الولايات المتحدة، ومخاوفها من تداعيات أي صراع عسكري مع أمريكا ، في الواقع، يتم إصدار هذه التهديدات لاختبار إدارة بايدن التي يُنظر إليها على أنها ضعيفة واستجابة للاستقطاب المتصور داخل الولايات المتحدة والذي يرغب الحزب الشيوعي الصيني في استغلاله دون تكاليف كبيرة لهيبته".
بدوره، قال ماثيو روبنسون، مدير مركز المعلومات الخليجية الأوروبية (مقره روما): "في حين حذر بعض المسئولين في إدارة بايدن من زيارة بيلوسي إلى تايوان لأنها لا تخلط بين دعم الولايات المتحدة الطويل الأمد لسياسة الصين الواحدة، إلا أن زيارتها المحتملة حظيت بدعم كبير من الحزبين في الكونجرس. أصبح الديمقراطيون والجمهوريون في مجلسي النواب والشيوخ أكثر تشددًا بشأن الصين، وبالتالي شجع العديد من كلا الجانبين بيلوسي على الزيارة".
واتفق روبنسون مع تسوكرمان في أن التهديدات الصينية ربما من المحتمل ألا تكون أكثر من "هواء ساخن" جيوسياسي، لافتا إلى أنه "رغم تصاعد خطاب بكين، فإن هبوط طائرة بيلوسي في تايبيه لن يشكل عملاً حربياً أو غزوا. لقد أوضحت إدارة بايدن أن سياسة الولايات المتحدة تجاه الصين لم تتغير ولن تتغير بغض النظر عن أي زيارة لبيلوسي إلى تايوان".
فيما اعتبر أن بيلوسي وهي أول امرأة تتولى منصب رئيس مجلس النواب، تريد أن تتسلط عليها الأضواء كون هناك تكهنات بأن فترة ولايتها المتبقية موضع شك لأن الجمهوريين يتطلعون إلى استعادة السيطرة على مجلس النواب في انتخابات التجديد النصفي لشهر نوفمبر.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت