- خالد أحمد
غسيل المخ أو الدماغ من أشهر المصطلحات التي قد يسمعها الشخص في حياته اليومية دون أن يعرف معناها ، بل وقد يتعرض شخص ما لعملية غسيل دماغ طوال حياته دون أن يدرك ذلك ،وقد ظهرت عملية غسيل الدماغ لأول مرة في الخمسينات من القرن الماضي في الولايات المتحدة أثناء الحرب الكورية.
وغسيل الدماغ brain washing نوع من أنواع الدعاية والحرب النفسيَّة موجَّهة ضد العدو ويرمي إلى السيطرة على العقل البشري وتوجيهه بغايات مرسومة مقترنة بإجراءات عسكرية واقتصادية ،وتعني الحرب بجانبيها المادي والمعنوي ،ويكون هدفها النفس البشرية ووضعها في حالة الهزيمة ويتم من خلالها السيطرة على العقل البشري بعد تجريده من معلوماته ومبادئه السابقة.
وفي العصر الحديث نشر الصحفي الأمريكي إدوارد هنتر "Edward Hunter" في جريدة «أخبار ميامي» في أيلول/ سبتمبر1950م مقالاً بعنوان «غسل الدماغ» وكان ذلك أول استخدام لهذا المصطلح، إذ لاحظ هذا الصحفي أن ثلث أسرى الولايات المتحدة الأمريكية قد اتخذوا اتجاهًا جديدًا ضد وطنهم، وكانت هذه الظاهرة هي الأولى من نوعها في تاريخ الحرب البشرية، وقد قصد الصحفي بهذا الاصطلاح "المحاولات المخطَّطة أو الأساليب السياسية المتَّبَعة من قِبَل الشيوعيين لإقناع غير الشيوعيين بالإيمان والتسليم بمبادئهم وتعاليمهم".
إلا أن اصطلاح غسيل الدماغ اتسع معناه، واستُعمِل في مختلف ميادين الحياة من إعلان تِجاري، أو دعاية، أو اجتماع، أو سياسة، ولم يَعُد قاصرًا على الشيوعيين الذين كانوا أول من استخدمه بل تعدَّاه إلى الشرق والغرب ليصبح له تعريف عامٌّ، وهو: "كلُّ وسيلة تقنية مخطَّطة تَرمي إلى تحوير الفِكْر أو السلوك البشري ضد رغبة الإنسان أو إرادته أو سابق ثقافته وتعليمه".
وغسيل الدماغ عملية تجري ضد رغبة الفرد هدفها إضعاف مقاومته والقضاء عليها بعد أن يُجرد من مبادئه السابقة كما يحدث في الحالة الفلسطينية ويطلق عليه "الإسقاط الأمني" والذي بدأت سلطات الاحتلال به عقب احتلال الضفة الغربية وقطاع غزة في العام 1967م ومازال مستمراً حتى يومنا الحالي ،ويندرج مصطلح غسل الدماغ تحت مسميات مختلفة تحمل المفهوم نفسه مثل: إعادة التقويم، وبناء الأفكار، والتحويل والتحرير المذهبي الفكري والإقناع الخفي، والتلقين المذهبي، وتغيير الاتجاهات.
أهداف عملية غسيل الدماغ ؟
تستطيع من خلال غسيل الدماغ أن تجعل شخص يُغير رأيه بل ويشعر بالذنب من الشيء الذي كان يفعله قبل أن يتم غسل دماغه ،وبعد ذلك يمكن أن يتم استخدامهم وتجنيدهم لصالح دولة أو مؤسسة أو شركة ، ومن خلال غسيل الدماغ يُمكن أن نتوقع تصرف الشخص والتحكم في ردود أفعاله .
كيف يتم غسيل الدماغ ؟
أنت مُنذ أن كنت طفلاً إلي يومك هذا تتعرض لعملية غسل دماغ وأنت في العمل تجد المدير يجعلك تعمل بطريقته هو فيمحو موهبتك ويجعلك تسير بطريقته هو فتكون مثل الآلة التي يتحكم بها ، وفي البيت تجد الأب يرفض أفكارك ويحاول أن يجعلك نسخة مشابهة له تماماً فكل تلك الأشياء تندرج تحت بند غسيل الدماغ ، ومن أهم الأمور التي تعمل علي غسل الدماغ .
١ – الأُسرة
أول شيء يعمل علي تكوين عقل الشخص ومعتقداته هي الأسرة ، لذلك تجد الطفل يكون مثل أهله ، إذا كان والدة يحفظ القرآن تجده يحفظ القرآن ، إذا كان والدة مُنظم تجد الطفل منظم ، إذا كان مهمل تجد الطفل مهمل لذلك فالأسرة هي التي تبدأ في عملية تكوين الدماغ وأفكارها وهذا من أنواع غسيل الدماغ .
٢ – المدرسة
بعد ذلك يتجه الطفل إلي المدرسة التي تُكمل دورها في عملية غسل الدماغ عن طريق المناهج التي يتم تدريسها ، وللمدرسة دور هام في إكمال العقل لذلك الدول المتقدمة تهتم بالتعليم .
٣ – الإعلام
هذه الوسيلة من أخطر الوسائل التي تستخدمها الدول والحكومات لغسيل الدماغ ، فعندما يُصبح الإعلام في يد الحكومة بهذا الشكل تضمن أن تظل السُلطة بين يديك ، عن طريق إلهاء الشعب بمشاكل جانبية ، وإقناعهم بأن الأخطاء التي تفعلها الحكومة تحمل كل الخير للشعب ومع استمرار تكرار هذه الحجج وهذا الكلام يُصبح الشخص مُقتنع أن الإعلام علي حق وبالتالي الحكومة علي حق ، لذلك مُعظم السلطات والحكومات تُحاول السيطرة علي إعلام بلادها .
العوامل التي تجعل الشخص مُستعداً لغسيل الدماغ ؟
- الصدمات النفسية المفاجئة
- التهديد المستمر
- المواقف الشديدة المرعبة كالمعارك الدامية والكوارث
- الإرهاق العصبي المستمر كالسهر المتواصل أو النوم المتقطع
- الجوع والعطش الشديدين
- الآلام الجسمية والنفسية الشديدة
لذلك نجد الجماعات الإرهابية المتطرفة وسلطات الاحتلال تستغل تلك النقاط في أي شخص للإيقاع به ومن ثم التحكم به ، فعندما يكون الشخص مُحطماً نفسياً تجده مستعداً بصورة أكبر لعملية غسيل الدماغ ، كما أن تكرار التهديد والإرهاق العصبي تجعلان الشخص في أتم الاستعداد لغسل المخ وغرز الأفكار الغريبة والمتطرفة به.
كيف تتم عملية غسيل الدماغ؟
- عزل الفرد اجتماعياً عزلاً كاملاً في مستشفى، معتقل، سجن ومناداته برقم وليس اسمه.
- استخدام مؤثرات الجوع والتعب والصدمات الكهربائية والعقاقير الطبية المخدرة والكحول والمواد الكيميائية.
- إضعاف الفرد عن طريق تخفيض ساعات نومه وقد يصل الأمر حد حرمانه من النوم .
- نقص الغذاء والحرمان منه ومن الملابس الكافية.
وكل ذلك يجعل المستهدف في حالة اكتئاب شديد لا يستطيع القيام بأي نشاط ، ويصبح الفرد في حالة لا يستطيع فيها السيطرة على نفسه أو توجيهها ويتم إشعاره بأنه تحت ضبط تام لا حول له ولا قوة فيه ، حيث يتم خلق صراع بداخله يجعله في حالة من الخوف الدائم من الإعدام أو الفناء ،ويصبح الفرد في وضع صعب متلهفاً للخلاص مما هو فيه، وعندها يكون قد وصل إلى حاله يكون من السهل إقناعه بأنه متهم بتهم خطيرة لكنها غامضة وغير واضحة.
أمّا الصينيون أنفسهم فقد أطلقوا على محاولتهم تلك مصطلح( تقويم الأفكار)، كما اعتبروا ذلك برنامجاً تثقيفياً عاماً لا يقصد منه العدو، حيث استخدم مفهوم غسيل الدماغ في مختلف ميادين الحياة وأنشطتها، فهي وسيلة مخططة ترمي إلى تحويل الفكر أو السلوك البشري ضد رغبة الإنسان أو إرادته أو ثقافته أو تعليمه.
وأخيراً وبكلمات قليلة غسيل الدماغ هو جعل الإنسان يتبنى أفكاراً عكس معتقداته.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت