جورج وسوف: فلسطين في القلب

جورج وسوف من الفحيص.jpg

"فلسطين في القلب".. ثلاث كلمات أطلقها "سلطان الطرب" جورج وسّوف ألهبت حماس الجمهور، في ثاني ليالي مهرجان الفحيص بدورته الثلاثين، مساء أول من أمس، قبل أن يحيّي أهلها "اللي صامدين من سنين".

ولم يمنع المرض وسوف من تقديم ليلة قدّم فيها خلطة من أغنياته التي أطلقها على مدار عقود، وسط تفاعل كبير من أجيال متعددة قدمت من كافة أنحاء الأرض وفلسطين، ومن بينهم عرب من جنسيات مختلفة، وسوريّون مثله أيضاً.

وأطلق "أبو وديع"، حفله هذا من خلف ستارة سوداء، بأغنية "خسرت كل الناس"، فظهر صوته قبل أن يطل وفرقته ومن خلف شاشة عملاقة تتقلب فيها صوره من حفلات وأغنيات مصوّرة سابقاً.

وفي ساحة المسرح الرئيس للمهرجان، كانت هناك حالة أكبر من الانسجام مع أغنياته.. محبو وسوف يصرخون ويهتفون: "أبو وديع.. أبو وديع"، وهو يرفع يده اليمنى ببطء فيحيّيهم، فيما يرتدي آخرون قمصاناً بيضاء صيفية (تي شيرت) تحمل صورته، وهو الذي حيّا الأردن والفحيص مهرجاناً ومدينة.

وقدّم وسوف نخبة من أغنياته القديمة والحديثة، كان من بينها: "بيحسدوني لمّا بضحك"، و"طول ما إنت غايب"، و"حد ينسى قلبه"، و"قلب العاشق دليله"، و"خلّي عندك خبر"، و"لهفة قلبي"، و"حبيبي كدة"، و"سلف ودين"، وغيرها.

وكان لأغنية "حلف القمر"، وقع كبير في نفوس الحضور، باعتبارها من أكثر أغنياته انتشاراً وأقدمها أيضاً، فالأغنية قدّمها في العام 1984، أي أن غالبية الحضور لم يكن مولوداً أو كان طفلاً أو يافعاً حين قدّمها، وهي من كلمات شفيق المغربي وألحان نور الملّاح، وضمّها ألبوم "الهوى سلطان" الذي أطلقه عربيّاً، وضم الأغنية التي حملت اسم الألبوم وهي من كلمات بديع يزبك وألحان جورج يزبك، والتي بسببها حمل لقب "سلطان الطرب"، وأغنية ذائعة الصيت "روحي يا نسمة"، و"الحبايب"، و"قولي ولا تخبّيش".

وكحال العديد ممّا سبقها وممّا لحقها، شارك الجمهور وسوف أغنية "لو نويت"، فصدحت الحناجر: "لو نويت تنسى اللي فات واللي كان والذكريات.. وإنه غيري خد مكاني وإنه قلبك مش عشاني.. ليه تجرّحني بكلامك طب ما تهجر من سكات".. وأغنية "لو نويت" من كلمات شوقي شريف وألحان شاكر الموجي وعصام جاد، وصدرت في العام 1992، كواحدة من أغنيات ألبومه "روح الروح".

ولم يفت "سلطان الطرب" أن يقدّم "عيون القلب"، رائعة نجاة الصغيرة التي اشتهرت بصوته حين كان يافعاً ولا تزال، وكذلك مقطع "بعد ما اتعودت بعدك" من أغنية "فكروني" لكوكب الشرق أم كلثوم.

وكان لافتاً أنه، وكما في حفلاته الأخيرة، أحيا وسوف حفله بمساعدة كرسيّ شفاف مثبت على أرضية المسرح، بحيث يستريح على مقعده أحياناً، ومن ثم ما يلبث أن يقف مجدداً متكئاً على مقبض هو جزء من تكوين الكرسي الذي يبدو معدّاً خصيصاً لحفلاته، فيتفاعل مع جمهوره كما أغنياته التي كان "كوراله" المكوّن من اثنين فقط يساعدانه على إكمال العديد من مقاطعها.

ووقف الجمهور المنتشي طوال وصلة وسوف الأخيرة، التي تضمن مجموعة من مقاطع أغنيات متعددة له، على مدار ما يقارب العشر دقائق، في حين حاول البعض الوصول إلى المسرح لمعانقته إلا أن "الأمن" حال دون ذلك، في حين أظهرت مقاطع فيديو انتشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي تجمع العشرات حول سيّارته في أحد شوارع "الفحيص"، بحيث ظهر وهو يحييهم من نافذتها.

وولد وسوف في "الكفرون" بمحافظة حمص السورية العام 1961، لعائلة مكونة من خمسة أبناء، وكانت بداية مشواره مع الفن في سن الرابعة عشرة، حيث اشتهر في سورية من خلال غنائه موال "حاصبيا"، قبل أن ينتقل إلى دمشق للغناء في مطعم الحديقة الخضراء، لكن نقابة الموسيقيين أصدرت قراراً بمنعه من الغناء لأنّه لم يبلغ الثامنة عشرة من العمر، حينذاك، إلا أنّ أحد المعجبين بموهبته توسّط له فسمح له بالغناء بحجّة أن "صوته أكبر من عمره".

بعد انتشاره محلياً، انتقل إلى لبنان، ولم يكن قد تجاوز السادسة عشرة من عمره بعد، وقام الفنانان الكبيران وديع الصافي وجورج يزبك برعايته، فكانت انطلاقته العربية بالتعاون مع كبار الملحنين، وقتها، وبينهم الموسيقار بليغ حمدي، والمبدع الكبير سيّد مكاوي، والملحن الشهير شاكر الموجي، وغيرهم، في حين شكّلت مشاركته في مسابقات "أستوديو الفن" العام 1980، محطة أخرى نحو مزيد من النجومية، ترافق "أبو وديع" منذ عقود.

وفي العام 2001، أجرى وسوف عملية جراحية غير فيها "وركيه"، فيما تعرض ليلة 19 تشرين الثاني 2011 لسكتة دماغية، إثر إهماله تناول دواء ارتفاع ضغط الدم الخاص به، بحيث غاب فيها عن الوسط الفني ثلاث سنوات، كان فيها يتنقل في عدة دول عربية وأوروبية لتلقي العلاج، لكونه، وعلى إثرها، أصيب بشلل في نصفه الأيسر.

وكان أول ظهور له بعد الوعكة الصحيّة الطويلة نسبيّاً، في برنامج "قول يا ملك" على قناتَي "الحياة" المصرية و"الجديد" اللبنانية مع الإعلامي نيشان ديرهاروتيونيان في العام 2014، وكان بداية عودته إلى الساحة الفنية، التي شهدت أغنيات منفردة من إنتاجه الخاص حققت حضوراً كبيراً عبر "يوتيوب" وغيرها من المواقع المتخصصة، بينها: "ملكة جمال الروح"، و"سكت الكلام"، و"بندهلك"، و"حال الجريح"، و"صاحي الليل"، وكان آخرها "يا ع الزمان" في العام الماضي، في حين قدّم وصلة خاصة حملت عنوان "أسماء الله الحسنى" في العام 2017.

وكانت الدورة الثلاثون للمهرجان، انطلقت مساء الأربعاء الماضي، تحت شعاره الدائم "الأردن تاريخ وحضارة"، ببرنامج زاخر بالفعاليات الفنية والثقافية التي تمتد حتى السابع عشر من آب الجاري.

وأحيت حفل الافتتاح فرقة الاستقلال للفنون الشعبية الفلسطينية بأوبريت "أرض السلام" من كلمات الشاعر الأردني ماجد زريقات وألحان وتوزيع الموسيقار اللبناني طوني سابا، كما شاركت فرقة الموسيقى العربية التابعة لدار الأوبرا المصرية بمجموعة من "الأغنيات الخالدة"، قدمها مطربات ومطربون وموسيقيّون شباب، بقيادة المايسترو علاء عبد السلام.
 

المصدر: وكالة قدس نت للأنباء - كتبت بديعة زيدان - الأيام