داخل مكان متواضع، يمارس عدداً من الأطفال أنشطة تفريغ نفسي، بعد العدوان الإسرائيلي الأخير، في مدينة غزة.
حول طاولة مستطيلة، يجلس أربعة أطفال ليرسموا رسومات عشوائية، إحداها بألوان زاهية وأخرى باللون الأسود، لتقف بالقرب منهم الأخصائية النفسية وتراقب اختياراتهم في الرسم والألوان.
يمسك الطفل حسن خليفة (12 عاماً) الألوان بيده، ليبدأ بتلوين رسمته الخاصة، ويقول "التلوين يحتاج إلى تركيز كبير، وذهن صافي، لذلك أندمج أثناء ممارسة هذا النشاط".
وعبر عن خوفه الكبير في الأيام التي شهد بها القطاع عدوان إسرائيلي استمر ثلاثة أيام، "كنت خائف جداً، خاصة أن الأطفال يستشهدون في الحروب".
وأضاف خليفة، أنه بعد انتهاء العدوان طلب من عائلته الالتحاق بمخيم صيفي لتشتيت الخوف من داخله، وتعلم أنشطة جديدة لاستغلال الإجازة الصيفية قبل العودة إلى المدارس.
وذكر أن السباحة نشاطه المفضل، ويضيف ببراءة "الوقت ينتهي سريعاً عندما يأتي نشاط السباحة، وأتمنى أن أبقى طويلاً داخل المسبح".
ويطمح خليفة أن يتقن رياضة السباحة، لشغفه الكبير حولها، لكونها تعطيه طاقة إيجابية كبيرة وتجعله يبقى سعيداً لفترة طويلة بعد انتهائه منها.
وفي ذات السياق تقول الطفلة سمر عكيلة (9 سنوات) أنها تقضي وقتاً ممتعاً خلال ممارستها لأنشطة التفريغ النفسي داخل المخيم.
وتحدثت عن فرحتها بوقف العدوان الإسرائيلي على غزة، "كنت خائفة طيلة أيام العدوان، وسعدت جداً بوقفه، لأعود مجدداً للعب مع أصدقائي".
ولفتت عكيلة إلى سعادتها الكبيرة التي تشعر بها أثناء تعلمها الدبكة، وتطمح إلى اتقانها والاستمرار على تأديتها بشكل صحيح، لتشارك في الاحتفالات التراثية.
ومن جانبها تقول الأخصائية النفسية، نور الشامي، أن الأهالي في مدينة غزة يحرصون على انضمام أطفالهم في أنشطة التفريغ النفسي، خاصة بعد العدوان الإسرائيلي الأخير على القطاع، وقبل عودتهم إلى المدارس.
وأشارت إلى أهمية أنشطة التفريغ النفسي للأطفال قبل عودتهم إلى المدرسة "لتجديد طاقتهم، ونفض غبار العدوان الإسرائيلي الذي يؤثر على نفسيتهم بشكل ملحوظ".
وذكرت الشامي أهمية التفريغ النفسي للأطفال "يعتبر التفريغ النفسي للأطفال ضروري جداً، في ظل الأحداث التي تحاصرهم في ظل العدوان الإسرائيلي المتكرر، الأمر الذي قد يسبب لهم أزمات نفسية قد تلازم البعض منهم طيلة عمره".
وعبرت عن قلقها إزاء ملامح الأطفال التي باتت مختلفة بعد عودتهم لأنشطة التفريغ النفسي بعد العدوان الأخير على غزة، لافتة إلى غياب بسمتهم وهدوئهم الملاحظ والذي يعتبر مؤشر غير إيجابي في علم النفس.
وذكرت الشامي جهودهم الكبيرة في مخيم "فرح ومرح" لإعادة البسمة على وجوه الأطفال، من خلال ممارسة أنشطة تفريغ نفسي يتم اختيارها بعناية فائقة من قبل فريق العمل.
وعددت بعض أشكال التفريغ النفسي التي يمارسها الأطفال داخل المخيم الصيفي، وأهمها الحديث مع الأطفال بشكل إيجابي عن المستقبل، إلى جانب الأنشطة البدنية مثل السباحة والمسابقات المختلفة والدبكة والرسم، والألعاب التنشيطية.
وأوضحت الشامي أن المخيم ركز على فئة محددة من العمر، وهم الأطفال الأكثر تأثراً من العدوان الإسرائيلي على غزة، من (4 سنوات إلى 12 عام).