كشف موقع "واينت" العبرية، مساء الأربعاء، بأن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، يعتزم زيارة إسرائيل خلال الفترة القريبة المقبلة، وذلك في خطوة أخرى نحو تعزيز العلاقات الثنائية بين تل أبيب وأنقرة، في أعقاب إعلان الجانبين، استئناف العلاقات الدبلوماسية بينهما بشكل كامل وعودة السفراء إلى البلدين.
وذكر الموقع التابع لصحيفة "يديعوت أحرونوت" بأن الخطوة التالية في إطار المساعي لتعزيز العلاقات الإسرائيلية التركية، هي إجراء إردوغان أول زيارة له إلى إسرائيل منذ أيار/ مايو 2005.حسب ترجمة موقع "عرب 48".
وشدد الموقع على أن الترتيبات بدأت بالفعل خلف الكواليس للتحضير لزيارة إردوغان الأولى منذ 17 عامًا إلى إسرائيل؛ فيما يعمل المسؤولون في وزارة الخارجية على وضع إستراتيجية للتعامل مع تصريحات مستقبلية قد تصدر عن الرئيس التركي وتراها الحكومة الإسرائيلية "مُسيئة" لتل أبيب.
ويرى المسؤولون في تل أبيب، بحسب "واينت"، أن إردوغان سيتجنب توجيه انتقادات لاذعة لإسرائيل في سياق جرائم سلطات الاحتلال في الضفة الغربية والقدس المحتلتين وقطاع غزة المحاصر، وذلك على ضوء القناعة الإسرائيلية بأنه بعد التطبيع الكامل للعلاقات الثنائية سيكون لإردوغان "ما يخسره"، في إشارة إلى أن تل أبيب مستعدة لإعادة سحب سفيرها لدى أنقرة وخفض مستوى العلاقات في مواجهة انتقادات حادة مسقبلية قد يوجهها إردوغان لتل أبيب.
وأشار الموقع العبري إلى أن إسرائيل ستعمل على تعيين سفير جديد في تركيا خلال الفترة القريبة المقبلة، وأوضح أن المرشحة الرئيسية للمنصب هي الدبلوماسية الإسرائيلية، إيريت ليليان، التي كانت مسؤولة عن عمل السفارة الإسرائيلية في تركيا، خلال السنوات الأخيرة.
وفي وقت سابق، اليوم، أعلن رئيس الحكومة الإسرائيلي يائير لابيد، أن حكومته ستستأنف العلاقات الدبلوماسية الكاملة مع تركيا بعد سنوات من التوتر بين الدولتين. وقال في بيان "تقرر مرة أخرى رفع مستوى العلاقات بين البلدين إلى مستوى العلاقات الدبلوماسية الكاملة وإعادة السفراء والقناصل العامين من البلدين".
وأضاف لابيد أن "إعادة العلاقات مع تركيا تعتبر مكسبا مهما للاستقرار الإقليمي وبشرى اقتصادية مهمة جدا لمواطني إسرائيل". وفي أنقرة، صرح وزير الخارجية التركي، مولود تشاوش أوغلو، بأن تركيا "لن تتخلى عن القضية الفلسطينية" على الرغم من استئناف العلاقات الدبلوماسية الكاملة مع إسرائيل.
وشهدت العلاقات بين إسرائيل وتركيا تحولا "إيجابيا" مهد للتقارب بين الجانبين في الآونة الاخيرة، وذلك بعد زيارة الرئيس الإسرائيلي، يتسحاق هرتسوغ، إلى تركيا في آذار/ مارس الماضي، في أول زيارة لرئيس إسرائيلي إلى هذا البلد منذ 2007، وعمل الأخير على فتح قنوات اتصال دبلوماسية رفيعة المستوى للاتصال بأنقرة وعمل على تعزيزها.
وكان إردوغان قد وصف زيارة هرتسوغ إلى تركيا واللقاء الذي جمعه به بأنه يمثل "نقطة تحول في علاقاتنا"؛ وقام وزير الخارجية التركي بزيارة نادرة إلى إسرائيل في نهاية أيار/ مايو الماضي، في إطار تحسين العلاقات الدبلوماسية.
يذكر أن العلاقات الثنائية بين تل أبيب وأنقرة بدأت بالتدهور في عام 2008 بعد عدوان إسرائيلي على غزة. وجمدت العلاقات بين البلدين بعد أزمة العام 2010 عندما قتل عشرة مدنيين أتراك في هجوم إسرائيلي استهدف السفينة "مافي مرمرة" التي كانت في طريقها لكسر الحصار المفروض على قطاع غزة.
وأبرم اتفاق مصالحة بين الجانبين في عام 2016 الذي شهد عودة السفراء، لكنه انهار تقريبا في 2018-2019 بعد مقتل أكثر من مئتي فلسطيني من قطاع غزة برصاص قوات الاحتلال الإسرائيلي خلال قمع الجيش الإسرائيلي لمسيرات العودة التي نظمت قرب السياج الأمني الفاصل، شرقي القطاع.
وبدأت المصالحة الجديدة بعد أن تولى يتسحاق هرتسوغ منصبه في تموز/ يوليو 2021. وعلّق الرئيس الإسرائيلي، هرتسوغ، اليوم، على الإعلان الرسمي الصادر عن الجانبين بشأن استئناف العلاقات الدبلوماسية بشكل كامل، بالقول إن التجديد الكامل للعلاقات "سيشجع العلاقات الاقتصادية ويعزز السياحة المتبادلة، والعلاقات الودية بين البلدين".
وقال هرتسوغ، في بيان مقتضب صدر عن ديوانه، إنه "أرحب بعودة العلاقات الدبلوماسية الكاملة مع تركيا"، مشيرا إلى أن ذلك تم بعد عملية "مهمة" قال إنه قادها خلال العام الماضي، وأضاف أن "الشراكة وحسن الجوار في شرق البحر الأبيض المتوسط أمران مهمان لنا جميعًا. يمكننا وينبغي علينا العيش في سلام".
وعلى الرغم من الخلافات الدبلوماسية في السنوات الأخيرة، استمرت العلاقات التجارية بين الجانبين وظلت تركيا وجهة مفضلة للسياح الإسرائيليين. وأعرب إردوغان عن استعداده "للتعاون (مع إسرائيل) في مجال الطاقة ومشاريع أمن الطاقة" مع احتمال نقل الغاز الإسرائيلي إلى أوروبا عبر تركيا، في وقت تثير الحرب في أوكرانيا مخاوف بشأن الإمدادات.
ويرى مراقبون أن "هناك أزمة اقتصادية كبيرة جدا في تركيا. بما في ذلك ارتفاع التضخم بشكل كبير وانخفاض قيمة الليرة التركية، الأمر الذي يدفع تركيا إلى تحسين وضعها الاقتصادي لجذب الاستثمار الأجنبي المباشر"، واعتبروا أن "تركيا هي بالفعل أحد أهم شركاء التصدير لإسرائيل إذ تبلغ قيمة التجارة بينهما 7،7 مليارات دولار".