قال مسؤول سياسي إسرائيلي، إن الرئيس الألماني، فرنك فالتر شتاينماير، بدأ الإعداد لزيارة إسرائيل في الأيام القريبة المقبلة، وذلك لإرضائها بعد تصريحات الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبومازن)، حول "قيام إسرائيل بخمسين هولوكوست ضد الشعب الفلسطيني".
وأكد أن شتاينماير سيحمل معه اقتراحاً جديداً وسخياً بغرض إجراء مصالحة مع عائلات الرياضيين الإسرائيليين الذين قُتلوا في "عملية ميونيخ".
وقال المسؤول إن "الرئيس وغيره من المسؤولين الألمان غاضبون بشدة على تصريحات أبو مازن؛ لأنها سببت لهم إحراجاً شديداً أعاد إلى الأذهان أهوالاً من التاريخ الأسود، ولذلك فإنهم مستعدون الآن لعمل أي شيء في سبيل إرضاء إسرائيل. وهم يدرسون إمكانية أن يعترف الرئيس الألماني بقصور بلاده في حماية الرياضيين الإسرائيليين، الذين قتلوا خلال أولمبياد ميونيخ قبل 50 سنة، ويعلن تحمل مسؤولية الحكومة هذا التقصير وتبعاته".
المعروف أن ألمانيا تقيم في الخامس من الشهر المقبل مراسم ضخمة في الذكرى السنوية الخمسين لهذه العملية. ولكن عائلات الضحايا الإسرائيليين أعلنت أنها ستقاطع هذه المراسم؛ لأن ألمانيا ترفض منحهم تعويضات إضافية. وكانت الحكومة الألمانية قد وافقت على دفع تعويضات بمبلغ 5.5 مليون يورو (إضافة إلى 4.5 مليون يورو دفعتها لهذه العائلات في الماضي)، بينما العائلات تطلب تعويضها بمبلغ يصل إلى نحو 90 مليون يورو. وقد ردت ألمانيا أن هذا مبلغ غير معقول ورفضت دفعه، ووافق معها على ذلك ممثلون عن عائلتين إسرائيليتين، وأعلنوا، في تصريحات لصحيفة "يديعوت أحرونوت"، أن من يقود نضال العائلات هي جهة تجارية تلجأ إلى نوع من "الابتزاز المسيء" لذكرى الضحايا.حسب تقرير لصحيفة "الشرق الأوسط".
لكن هذا لم يمنع بقية العائلات من الاستمرار في المعركة، ضاغطين على الحكومة الإسرائيلية لتناصرهم، بعد أن قرروا مقاطعة المراسم في ميونيخ، إذا لم تتراجع حكومة برلين. وقرر الرئيس الإسرائيلي، يتسحاق هيرتسوغ، هو أيضاً، إلغاء مشاركته في المراسم الشهر المقبل، في حال مقاطعة عائلات الرياضيين الحدث. وخرجت أوساط إسرائيلية بتقارير تدعي فيها أنه "في أعقاب عملية ميونيخ خلال الألعاب الأولمبية عام 1972، غالبية الرياضيين الإسرائيليين المخطوفين قتلوا في حينها بنيران قوات الأمن الألمانية، بعد أن احتجزتهم رهائن مجموعة من الفدائيين الفلسطينيين وطالبت بالإفراج عن أسرى فلسطينيين في السجون الإسرائيلية مقابل إخلاء سبيلهم".
إسرائيل طالبت الحكومة الألمانية بالكشف عن عشرات آلاف الوثائق المتعلقة بعملية ميونيخ، والمحفوظة في أرشيفات، وتتناول أحداثاً سبقت وتلت العملية وتخضع منذئذ لسرية مطلقة. وذكرت صحيفة "يديعوت أحرونوت"، في نهاية الأسبوع الماضي، أن هذه الوثائق بدأت تتكشف الآن، وأن ما سُمح بنشره منها يفيد، بحسب الصحيفة، بأن "هناك اشتباهاً في اختطاف طائرة (لوفتهانزا)؛ تم بعد نحو الشهرين من (ميونيخ)، جرى تدبيره مسبقاً، بالتنسيق بين المنظمات الإرهابية (أي الفلسطينية) والسلطات الألمانية، وأنه جرى كتمثيلية تمت فبركتها من أجل ألا يضطر الألمان إلى محاكمة القتلة الفلسطينيين في أراضيهم، وإطلاق سراحهم بصفقة، كما حصل فعلاً".
وادعت الصحيفة أن خاطفي طائرة "لوفتهانزا" لم يكونوا يعلمون أين ستهبط الطائرة، "لكن السلطات الألمانية فعلت أي شيء كي يصلوا إلى ميونيخ. فإنهاء المسألة هناك أسهل. وخلال ساعات معدودة، من دون مفاوضات، ومن دون أن يعلم العالم وإسرائيل شيئاً، فعل الألمان كل شيء من أجل إنهاء الصفقة سريعاً". واتهمت الصحيفة السلطات الألمانية بأنها لا تزال تخفي عدداً كبيراً من الوثائق حول هذا الموضوع وتفرض السرية عليها، "والتي تعكس حجم الفشل وحجم الإخفاء" لما حدث في عملية ميونيخ وملابساتها.
وتتوقع إسرائيل أن يعلن شتاينماير عن تحمل ألمانيا المسؤولية عن إخفاقاتها التي ساهمت في مقتل الرياضيين الإسرائيليين، حسبما ذكرت صحيفة "هآرتس". كما تتوقع أن يعلن موافقة ألمانيا على رفع مبلغ التعويضات بشكل كبير، يرضي العائلات والحكومة الإسرائيلية ويطوي صفحة تصريحات الرئيس الفلسطيني.
المعروف أن أبو مازن كان قد وصل إلى ألمانيا (الثلاثاء) ليقنع قادتها بالاعتراف بفلسطين دولة كاملة العضوية في الأمم المتحدة، لكن أحد الصحافيين الإسرائيليين استفزه بسؤال إن كان مستعداً لاستنكار قتل الرياضيين الإسرائيليين في ميونيخ عام 1972، فأجاب أن الشعب الفلسطيني يتعرض لخمسين مذبحة من الاحتلال الإسرائيلي وسماها "50 هولوكوست". ثم بدأت إسرائيل تدير حملة تحريض شعواء ضده في العالم، وكذلك ضد المستشار الألماني، الذي استغرق منه الأمر ساعتين ليخرج للإعلام وينتقد أبو مازن. ورغم تراجع الرئيس الفلسطيني عن تصريحه، فإن الحملة الإسرائيلية مستمرة.