أصدرت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين بيانا صحفيا بمناسبة الذكرى الحادية والعشرين لاغتيال القائد الوطني أبو علي مصطفى.
وجددت الجبهة في بيانها " العهد مع أبو علي مصطفى ومع كلّ شهداء شعبنا على مواصلة طريق النضال والكفاح الوطني، من أجل تحقيق أهداف شعبنا كاملةً في تحرير فلسطين، وبناء دولته الديمقراطية المستقلة على كامل ترابه الوطني."
وأكدت "أنّ أبو علي مصطفى كان مؤمنًا بأنّ الوحدة الوطنيّة ضرورة لا غِنى عنها وشرط ضروري للانتصار على العدو."
وشددت على أنّ "البناء على ما بدأه أبو علي من خطوات لبناء التيار الوطني الديمقراطي، الذي كان طامحًا لأن يضم قوى وشخصيات وفعاليات وطنية ديمقراطية؛ ويشكل قوة فاعلة في مواجهة نهج التنازلات والتفريط السياسي، ويحد من حالة الاستقطاب والصراع الثنائي، ويؤسس لبناء واقعًا فلسطينيًا ديمقراطيًا، ما يزال مهمة راهنة".
وأوضحت أنّ "الصدق والوضوح والأمانة والإخلاص والتفاني والقدرة على تحمل المسؤولية التي تحلى وتميز بها أبوعلي، في التعامل مع شعبنا الفلسطيني والمسألة الوطنية الفلسطينية يجب أن تجد هذه القيم النبيلة اليوم قبل الغد؛ ترجماتها بما يقود إلى مراجعة وطنية شاملة."
وأضافت: "أيقن أبو علي أهمية وحيوية الربط بين قضيتي التحرر الوطني والاجتماعي، من خلال حماية وصون الحريّات العامة وعدم التعدّي عليها بأي شكل من الأشكال، وتوفير مُقوّمات الصمود الوطني، وبناء المؤسسات الوطنية على أسس الكفاءة والنزاهة والشفافية والمساءلة، وضمان تكريس العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص، وحماية حقوق ومكتسبات شعبنا الاجتماعية، والدفاع كما يجب عن مصالح وتجمّعات شعبنا والانتصار لها في الوطن وفي مواقع اللجوء المختلفة".
وتابعت :انطلق أبو علي من أنّ الصراع بيننا وبين العدو الصهيوني هو صراع تاريخي شامل ومفتوح؛ ارتباطًا بطبيعة وجوهر العدو وأهدافه القائمة على نفي وجود الشعب الفلسطيني المادي والمعنوي عن أرض وطنه، وإقامة ما يُسمّى بالدولة اليهودية.
وأردفت: "آمن أبو علي ارتباطًا بطبيعة العدو وأهدافه وطبيعة الصراع معه، أنّ أنجع وسيلة لإلحاق الخسائر المادية والمعنوية به، وتحويله إلى مشروع خاسر على طريق هزيمته الكاملة، هو طريق الكفاح الوطني والقومي المستمر؛ أي المقاومة بكافة أشكالها وفي مُقدمتها الكفاح المسلح".
وختمت بالقول: "لقد قرأ أبو علي مصطفى الصراع في ترابط أبعاده من خلال ذلك التحالف القائم بين معسكر الأعداء، متمثلًا بالاستعمار والإمبريالية العالمية والحركة الصهيونية والرجعية العربية".
وفيما يلي أبرز المحطات في حياة القائد أبو علي مصطفى ضمن تقرير كتبه : يامن نوباني
قبل اغتياله في السابع والعشرين من شهر آب 2001، حين قصفت طائرات الاحتلال الإسرائيلي مكتبه في رام الله، تعرض الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين أبو علي مصطفى لعدة محاولات اغتيال، أبرزها كان في بيروت والأغوار الأردنية.
فأسفل بناية يسكنها في منطقة الكولا ببيروت، كاد أبو علي أن يرحل عنا مبكرا، عن تلك المحاولات روى الشهيد في حوار تلفزيوني: لولا شكوكنا بتحركات أحد المتطوعين للانضمام للثورة، والذي كان يعمل على حاجز تفتيش قريب من بيتي، لكانت وقعت كارثة في بنايتنا المكونة من 12 طابقا، حيث قام العميل بتجربة إدخال سيارة لكراج تجليس أسفل البناية، وبعد أن اطمأن للوضع، أخرجها من المنطقة وتم تفخخيها وإعادتها إلى الكراج، ما أثار الشبهات والشكوك بأمره، فتم التحقيق معه واعترف بنيته تفجير البناية، واعترف بنقله معلومات عني شخصيا لضابط احتلالي في الجنوب واسمه "أبو جعفر".
وقبل حادثة بيروت وفي موقع آخر من مواقع الثورة، على خط الغور قرب القواعد العسكرية الفلسطينية، كان أبو علي مصطفى يقود مركبة "فيات"، من منطقة كريمة إلى منطقة الشونة الجنوبية، تعرض لقصف مدفعي عنيف، "حتى أن أفراد الموقع الذي وصلته ذهلوا من وصولي سالما، فأخبرتهم أنني اختبأت في حقل موز ومشيت بسرعة كبيرة والقذائف تتساقط حولي وورائي".
أبو علي مصطفى ومنذ عودته إلى أرض الوطن عام 1999 بعد رحلة اغتراب طويلة أمضاها متنقلا بين الأردن وسوريا ولبنان، أدرك أنه في خطر، لكن لم يمنعه ذلك من لعب دور هام خلال انتفاضة الأقصى وعرف بمواقفه الوطنية، وقد جمعته مع الفصائل والقوى الوطنية علاقات طيبة، وتفانى في عمله الجماهيري والسياسي لتحقيق أهداف وغايات شعبه.
ولد الشهيد في بلدة عرابة جنوب مدينة جنين عام 1938. كان والده علي الزبري مزارعا في البلدة منذ عام 1948، بعد أن عمل في سكة حديد وميناء حيفا، وأحد المشاركين في ثورة 1936.
درس المرحلة الأولى في بلدته، ثم انتقل عام 1950 مع أسرته إلى عمّان، وبدأ حياته العملية وأكمل دراسته فيها. وكان مقتنعا قناعة تامة خلال مسيرته النضالية بأن الصراع مع الاحتلال صراع مصيري لا يمكن إنهاؤه إلا إذا امتلكنا قوة وطاقة الفعل الوطني على مختلف الأصعدة والمرتكزات، وانطلاقا من كوننا أصحاب الحق ومن خلال القدرة على استقراء الاحتلال بموضوعية وتوجيه النقد للذات والمساءلة.
وانتسب أبو علي مصطفى في سن السابعة عشرة من عمره إلى حركة القوميين العرب، التي أسسها جورج حبش الأمين العام السابق للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وذلك عام 1955، واعتقل بعد عامين (1957) وقضى خمس سنوات في سجن، ولدى خروجه من المعتقل تسلّم قيادة منطقة الشمال في الضفة الغربية، وشارك في تأسيس "الوحدة الفدائية الأولى" التي كانت معنية بالعمل داخل فلسطين، كما خضع للدورة العسكرية لتخريج الضباط الفدائيين في مدرسة "أنشاص" المصرية عام 1965.
وبحسب أرشيف الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، فإن الشهيد قبل أن يتفرغ للعمل الكفاحي، عمل مراسلا في بنك الإنشاء والتعمير، وعمل في منجرة، ومحل للزجاج، وفي مصنع للكرتون، كما عمل في أعمال أخرى بسيطة ومتعددة وقد أسهم انتماؤه للفقراء والطبقة العاملة إسهاما عميقا في تكوين فكره وشخصيته وسلوكه، وأكسبه ذلك حسا فطريا بقضايا الكادحين وهمومهم.
في عام 1963 تعرف أبو علي مصطفى على رفيقة دربه وكفاحه "أم هاني"، وكان ذلك بعد الإفراج عنه من السجن مباشرة، وتزوج منها في 23 يوليو/ تموز 1964، حيث أصر أبو علي على هذا التاريخ محبة منه للقائد الخالد جمال عبد الناصر. وبعد الزواج انتقل وأسرته إلى مدينة جنين، وسكن في الحارة الشرقية، وافتتح محلا تجاريا للمواد الزراعية، ثم حوّله إلى مطعم شعبي للفول والحمص والفلافل.
في هذه الفترة قاد أبو علي مصطفى منظمة الحركة في منطقة شمال الضفة الغربية، حتى أعيد اعتقاله عام 1966، بعد أحداث معركة السموع، وبقي في السجن ثلاثة أشهر، لينتقل بعدها إلى عمّان ويعمل في مصنع للكرتون، ثم ليعاود تفرغه للعمل الكفاحي بعد هزيمة حزيران.
في أعقاب حرب حزيران عام 1967، قام مع عدد من رفاقه في حركة القوميين العرب بالاتصال مع الدكتور جورج حبش لاستعادة العمل والبدء بالتأسيس لمرحلة الكفاح المسلح، وكان هو أحد المؤسسين لهذه المرحلة، ومنذ انطلاقة الجبهة الشعبية قاد الدوريات الأولى نحو الوطن عبر نهر الأردن، لإعادة بناء التنظيم ونشر الخلايا العسكرية، وتنسيق النشاطات ما بين الضفة وقطاع غزة، وكان ملاحقا من قوات الاحتلال واختفى لعدة شهور في الضفة في بدايات التأسيس.
تولى أبو علي مصطفى مسؤولية الداخل في قيادة الجبهة الشعبية، ثم المسؤول العسكري لقوات الجبهة في الأردن حتى عام 1971، وكان قائدها أثناء معارك المقاومة في سنواتها الأولى ضد الاحتلال، كما شارك في أحداث معركة الكرامة عام 1968.
وغادر الأردن سرا إلى لبنان. وفي المؤتمر الوطني الثالث عام 1972 انتخب نائبا للأمين العام للجبهة.
عاد أبو علي مصطفى إلى أرض الوطن في نهاية أيلول عام 1999، وتولى مسؤولياته كاملة كنائب للأمين العام حتى عام 2000، وانتخب في المؤتمر السادس أمينا عاما للجبهة الشعبية، وظل يشغل هذا المنصب حتى استشهاده عام 2001.
بيان صادر عن الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في الذكرى الحادية والعشرين لاستشهاد القائد أبو علي مصطفى
أبناءَ شعبنا الفلسطيني... أبناءَ أمّتنا العربيّة... أحرارَ العالم
تحلُّ يومَّ غدٍ الذكرى الحادية والعشرين لاستشهاد القائد الوطني والقومي والأممي الرفيق أبو علي مصطفى، بعمليّة اغتيالٍ غادرةٍ نفّذتها طائرات الموت الصهيونيّة في السابع والعشرين من آب/أغسطس 2001؛ لتكون أوّل عمليّة اغتيالٍ ينفّذها العدوّ الصهيوني بحقّ قائدٍ فلسطينيٍّ من الصفّ الأوّل إبان انتفاضة الأقصى، بحيث أن أهداف ودلالات عملية الاغتيال كانت واضحة بما يكفي، ولعلّ من أهمّها هو قطع ذلك المسار الوطني والقومي والوحدوي والثقافي والكفاحي والميداني الذي شقّه القائد أبو علي خلال مسيرته النضاليّة الطويلة، التي بدأت منذ انتسابه لحركة القوميين العرب أواسط خمسينيات القرن المنصرم، ثمّ الجبهة الشعبيّة لتحرير فلسطين من موقعه المتقدّم فيها نائبًا لأمينها العام، وأمينًا عامًّا لها من بعد، والاتجاه الذي جسّده في رؤيته لطبيعة وجوهر الصراع مع العدو الصهيوني وكيفية إدارة هذا الصراع بأبعاده المتعدّدة المستويات، وكذلك موقفه الصارم من نهج التسوية واتّفاق أوسلو ومساره الكارثي عربيًّا وفلسطينيًّا، ودوره المحوري الذي مارسه في الداخل الفلسطيني، وخاصة خلال الانتفاضة التي انفجرت بعد أقل من شهرين من انتخابه أمينًا عامًا للجبهة، حيث بادر إلى تفعيل أدواتها الشعبية ووسائل مقاومتها وتفعيل بعدها الشعبي؛ مطلقًا ذراعها باسم قوات المقاومة الشعبية الفلسطينية، وبالتوازي مع ذلك أعطى أولوية للحلقة التنظيمية وتصليب عود وبنية الجبهة داخليًا، وصولًا لمحاولة إحداثه تغييرًا من خلال الخطوات الحثيثة التي قطعها على طريق بناء التيار الوطني الديمقراطي الذي استشهد وهو يضع لبناته التأسيسية، حيث كانت خاتمته الطبيعية من عدونا الصهيوني؛ هي المباغتة بالاغتيال وإنهاء حياة هذا القائد والنموذج الثوري الفريد.
نعم.. فلقد كان أبو علي مصطفى قائدًا ونموذجًا فريدًا بحقّ، منذ أن اتّكأ على إرادته الذاتيّة، وهو يبني نفسه بيده؛ حين أدرك أنّ الاستعداد لخوض غمار النضال والتضحيّة والكفاح القوميّ والوطنيّ من أجل تحرير الأمّة العربيّة ووحدتها وتحرير فلسطين، وإعطاء مضمونٍ حقيقيًّ لموقع المسؤوليّة والقيادة الأولى؛ يتطلب الانكباب على القراءة والبحث في الكتب والصحف والمجلّات، وقراءة وفحص تجارب الشعوب والثورات العالميّة وحرب الغوار والعصابات، والخضوع للدورات النظريّة والتثقيفيّة والعمليّة، والتحاور البناء مع رفاقه ورفيقاته وبما يفتح أفقًا دائمًا للتزوّد الثقافي، وكذلك الإصغاء إلى ما يقوله الناسُ بحرص القائد المسؤول، وهو الإنسانُ الفلاح البسيط الذي لم يتوفّر له فرصة إكمال تعليمه، حيث بدأ تجربته في قواعد العمل السري والكفاح المسلّح من خلال التحاقه في أوّل دورةٍ عسكريّةٍ نفّذتها حركة القوميين العرب في كليّة "أنشاص" العسكريّة بمصر؛ فمن قواعد الفدائيين في الأردن ولبنان وسوريا... كان هذا القائد النموذج المتّكئ على إرادته في بناء ذاته وتطوير وعيه وثقافته وصقل تجربته وزيادة خبرته؛ يرسم معالم الطريق في حزبه الذي وصل إلى موقع الأمين العام فيه بجدارة الاستحقاق الذي لا يضاهيه فيه أحد، كما جدارة أن يكون شهيدًا على درب حرية شعبه وعودته واستقلاله... وهنا لا يمكن عزل دلالات استهداف الرفيق أبو علي مصطفى عن حجم التحدّي المفروض على كل معاني الوجود الوطني الفلسطيني، ودون إدراك الواجبات المفروضة علينا، والنهوض بها متمثّلين قيَّمه وقيم الشهداء وسيّرهم؛ فالحقوقُ لا تُهدى ولكن تنتزع، وعلى الأوطان ومصيرها "لا مكان للمساومة بل للمقاومة" كما قال الشهيد أبو علي، وكما شدّد في أكثر من مناسبةٍ على أنّنا "نحتاج إلى مراجعةٍ سياسيّةٍ شاملة، تضمن استقراء كيفية فهم العدو، بموضوعيّة، وهذا يتطلّب شجاعةً في نقد الذات والمساءلة"، ومن وحي كلماته هذه التي لا أصدق منها، كونها مكتوبةً بالدم والكفاح القومي والوطني الشاق والطويل على مدى خمسين عامًا؛ يجب أن نستقي الدروس والعبر التي جسّدها هذا القائد النموذج طوال تجربته، وما نزال بحاجةٍ لاستقرائها والعمل بها:
أولًا- لقد كان أبو علي مصطفى مؤمنًا بأنّ الوحدة الوطنيّة ضرورة لا غِنى عنها وشرط ضروري للانتصار على العدو، وقد جسّد قناعته هذه في الفكر والممارسة، من بوابة وحدة الهدف والخيار والمصير، وفي مواقفه المبدئيّة بمواجهته للانحراف السياسي والحياد عن الهدف الوطني الجامع، والمهمة الاستراتيجية لفصائل العمل الوطني، وهي تحرير فلسطين. واليوم تحضر قيمة الوحدة الوطنية التي تمسّك بها أبو علي، خاصة مع استمرار حالة الانقسام الكارثي، وتقدّم المخططات التصفوية (القديمة – الجديدة) للقضية الفلسطينية.
ثانيًا- إن البناء على ما بدأه أبو علي من خطوات لبناء التيار الوطني الديمقراطي، الذي كان طامحًا لأن يضم قوى وشخصيات وفعاليات وطنية ديمقراطية؛ ويشكل قوة فاعلة في مواجهة نهج التنازلات والتفريط السياسي، ويحد من حالة الاستقطاب والصراع الثنائي، ويؤسس لبناء واقعًا فلسطينيًا ديمقراطيًا، ما يزال مهمة راهنة يجب الاضطلاع بها؛ كي نعيد الاعتبار لقضيّتنا الوطنية العادلة، من بوابة استعادة مشروعنا التحرري ومؤسستنا الوطنية الجامعة: منظمة التحرير الفلسطينية، المرتكزة إلى استراتيجية وطنية موحدة وشاملة، تجمع في صفوفها كل فصائل وقوى شعبنا، وبما يُعزز بُنيتنا الداخلية وأدواتنا ووسائلنا ومقاومتنا على طريق إنجاز حقوقنا الوطنية كاملة.
ثالثًا- الصدق والوضوح والأمانة والإخلاص والتفاني والقدرة على تحمل المسؤولية التي تحلى وتميز بها أبوعلي، في التعامل مع شعبنا الفلسطيني والمسألة الوطنية الفلسطينية؛ تجسيدًا لشعار: كل الحقيقة للجماهير، بحيث يجب أن تجد هذه القيم النبيلة اليوم قبل الغد؛ ترجماتها العملية في الرؤى والمواقف كما الممارسة، خاصة مع ما وصله واقع الحال الفلسطيني كما قضيّتنا الوطنية، من خلال وقفة صدق ووضوح وشجاعة مع الذات، وبما يقود إلى مراجعة وطنية شاملة، لمسار تجربتنا الوطنية، وتصحيحها، بما يُعيد لشعبنا الأمل ولقضيّتنا وحضورها الوطني والقومي والأممي المطلوب.
رابعًا- لقد أيقن أبو علي أهمية وحيوية الربط بين قضيتي التحرر الوطني والاجتماعي، من خلال حماية وصون الحريّات العامة وعدم التعدّي عليها بأي شكل من الأشكال، وتوفير مُقوّمات الصمود الوطني، وبناء المؤسسات الوطنية على أسس الكفاءة والنزاهة والشفافية والمساءلة، وضمان تكريس العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص، وحماية حقوق ومكتسبات شعبنا الاجتماعية، والدفاع كما يجب عن مصالح وتجمّعات شعبنا والانتصار لها في الوطن وفي مواقع اللجوء المختلفة.
خامسًا- انطلق أبو علي من أنّ الصراع بيننا وبين العدو الصهيوني هو صراع تاريخي شامل ومفتوح؛ ارتباطًا بطبيعة وجوهر العدو وأهدافه القائمة على نفي وجود الشعب الفلسطيني المادي والمعنوي عن أرض وطنه، وإقامة ما يُسمّى بالدولة اليهودية؛ المدعومة بالكامل من القوى الإمبريالية العالمية وفي مُقدّمتها الولايات المتحدة الأمريكية، باعتبارها قاعدتها المتقدمة في الوطن العربي، وعليه، لم تقتصر رؤية الرفيق أبو علي للصراع باعتباره بين الشعب الفلسطيني والاحتلال الإسرائيلي، بل هو بالأساس بين الأمة العربية جمعاء وقواها الحيَّة، والعدو الصهيوني، الذي يهدف إلى السيطرة والهيمنة على كل المنطقة ومقدّراتها وثرواتها، وإخضاعها بالكامل لأطماعه الإمبريالية الاستعمارية.
سادسًا- آمن أبو علي ارتباطًا بطبيعة العدو وأهدافه وطبيعة الصراع معه، أنّ أنجع وسيلة لإلحاق الخسائر المادية والمعنوية به، وتحويله إلى مشروع خاسر على طريق هزيمته الكاملة، هو طريق الكفاح الوطني والقومي المستمر؛ أي المقاومة بكافة أشكالها وفي مُقدمتها الكفاح المسلح، وليس طريق التسويات والمفاوضات العبثية، تحت عباءة ما سُمي بالسلام والتطبيع الذي جلب لشعبنا وأمتنا وقضيتنا كوارث وطنية وقومية: سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية وإعلامية... حيث يستدعي ذلك من القوى والأحزاب والمؤسسات الوطنية والقومية في كل بلد عربي إلى مجابهته، على طريق بناء الجبهة العربية الموحدة لمواجهة التطبيع والتصفية.
سابعًا- لقد قرأ أبو علي مصطفى الصراع في ترابط أبعاده من خلال ذلك التحالف القائم بين معسكر الأعداء، متمثلًا بالاستعمار والإمبريالية العالمية والحركة الصهيونية والرجعية العربية.
وعليه؛ رأى أن مجابهة هذا المعسكر وأهدافه للهيمنة والتوسع والإخضاع ونهب خيرات وثروات شعوب الأرض والوقوف أمام حقها في تحقيق حريتها وتقرير مصيرها وامتلاك مقدراتها؛ يتطلب أكبر اصطفاف/تحالف أممي لمواجهته وإلحاق الهزيمة به، وهنا يحضر أهمية مد جسور العلاقة الأممية بين كل القوى والأحزاب والمؤسسات والفعاليات التي تعمل على مقاومة معسكر الأعداء هذا، وكل تجسيداته القائمة في أرجاء المعمورة؛ على حساب شعوبها وحقوقها ومستقبل أجيالها.
أبناء شعبنا الوفي: في الذكرى الحادية والعشرين لاستشهاد القائد الوطني والقومي والأممي أبو علي مصطفى؛ نجدّد العهد معه ومع كلّ شهداء شعبنا أن نواصل طريق النضال والكفاح الوطني، من أجل تحقيق أهداف شعبنا كاملةً في تحرير فلسطين؛ كلّ فلسطين من دنس العدو الصهيوني، وعودة أبناء شعبنا المُهجّرين في مواقع اللجوء إلى أرض وطنهم، وحقه في الاستقلال وتقرير المصير، وبناء دولته الديمقراطية المستقلة على كامل ترابه الوطني.
المجد والتحية للقائد النموذج أبو علي مصطفى وكل الشهداء الميامين
المجد والتحية لكل أسرى وأسيرات شعبنا في سجون العدو الصهيوني
المجد والتحية لشعبنا الفلسطيني وأمتنا العربية وأحرار العالم
والنصر حتمًا حليفنا
الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين
دائرة الإعلام المركزي
26/8/2022