تخصص "اللغة العربية والإعلام" علامة فارقة مع تزايد البطالة وتنامي الحاجة للصحفي الشامل

بقلم: محمود خلوف

اللغة العربية والإعلام---.png
  • بقلم: د.محمود محمد خلوف
  • أكاديمي وخبير إعلامي

 

 بدأت مشواري في تخصص الصحافة والإعلام في جامعة النجاح الوطنية في العام الدراسي 1994-1995 وترسخ انطباع في ذلك الحين بأنني محظوظ للغاية لكوني ضمن الدفعة الأولى في تخصص منفرد وبخاصة أنه كان الأول من نوعه في حينه بالضفة الغربية المحتلة.

واستمرت قناعتي بأن الظروف جاءت لصالحي لسنوات عدة، وبالذات عندما تقدمت للوظيفة عام 1998 في وكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية في منافسة خريجي جامعات عدة، وبخاصة أنني جئت بالترتيب الأول، وتم توظيفي دون الحاجة للتدريب.

والآن بعد 26 عاما من العمل الصحفي، و12 عاما من العمل الأكاديمي في الجامعات الفلسطينية والعربية، والخدمة في مواقع مختلفة بمؤسسات صحفية محلية وعربية ودولية تبلورت لدي قناعات مختلفة.

صحيح أن المطلوب من الجامعات هو تخريج طلبة لديهم إمكانات الصحفي الشامل (المحرر المنتج)، لكن في الوقت ذاته باتت البطالة في أعلى مستوياتها، ما يدفع كل شخص يفكر بمستقبل أبنائه بأن يبحث عن تخصصات تسمح للمتخرج بأن يختار بين أكثر من مسار.

إن الخلطة السحرية التي تتناسب مع الواقع الصعب تتمثل في تخصص يمزج بين اللغة والإعلام في ضوء الفرص المتاحة للعمل في سلك التربية والتعليم وفي المؤسسات الإعلامية، وكذلك في دوائر العلاقات العامة، وفي مجال الدعاية والإعلان.

وكانت الجامعة العربية الأمريكية في جنين السباقة في ترخيص هذا التخصص عام 2008، فتراكمت الإنجازات على صعيد التطوير في الخطط وطريقة التدريس، ومواكبة حاجة السوق المحلي والدولي، واستطاع خريجو هذه الدائرة فرض أسمائهم على امتداد فلسطين التاريخية وكذلك على مستوى العالم.

وسبق أن تناولت تجربة قسم اللغة العربية والإعلام المختلفة بتميزها ومسارتها، والمجالات التي يفتحها أمام الخريج في مقال نشرته في عديد المواقع الإخبارية في العاشر من شباط/ فبراير 2017، ومنذ ذلك الحين تخرجت أفواج من الطلبة والتقيت مسؤولي مؤسسات إعلامية، واجتاز طلبة هذا القسم مسابقات لشغل وظائف فكانوا في الصدارة لأن لديهم إمكانات للعمل بوظيفة صحفي شامل.

لقد حظيت تجربة قسم اللغة العربية والإعلام باهتمام خاص خلال استضافة نحو 60 صحفية صغيرة من طالبات مدارس محافظتي جنين وطوباس في استوديوهات التلفزيون والإذاعة في الجامعة العربية الأمريكية على مدار الأسابيع الثلاثة الأخيرة من شهر آب/أغسطس 2022، إذ عبرت غالبية الطالبات عن إعجابهن بالتجربة، وبخطة القسم، والمجالات المتاحة للعمل بعد التخرج.

إن كل ما سبق جعلني أتيقن بأنني لم أكن محظوظا بالشكل الذي اعتقدته عام 1994، وبالذات أن أقسام الإعلام في الجامعات الفلسطينية تتيح للمتخرج العمل ضمن تخصصات شديدة التحديد وضمن مسار واحد وهو العمل الإعلامي فقط، وليس ضمن مسارات عدة كما هو حال قسم اللغة العربية والإعلام.

إن الطفرة الإيجابية تحققت بوجود تخصص يمزج بين اللغة العربية والإعلام، وهذا لم يكن صدفة في الجامعة العربية الأمريكية، بل أتى استجابة لحاجة المؤسسات الإعلامية لمدققي لغة ومحررين أكفاء، وقائمين باتصال قادرين على وضع الرسالة الاتصالية ضمن قالب لغوي مناسب وبأسلوب احترافي، وكذلك قادرين على توظيف الأدب والنقد والبلاغة والنحو في خدمة الصحافة، والأهم يخرجون للجمهور بلغة سليمة.

لقد استطاع خريجو هذا القسم تبوء الوظائف التربوية المختلفة (موجه تربوي، مدرس،...إلخ) إذ نافسوا نظرائهم العاملين في سلك التربية والتعليم باقتدار.

كما حقق خريجو اللغة العربية والإعلام نتائج مشرفة في العمل الإعلامي بعد أن عملوا بقوة في شبكات إعلامية، وقنوات فضائية، ووكالات أنباء مرموقة، ومنها على سبيل المثال لا الحصر في: "الجزيرة"، و"روسيا اليوم"، ووكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية "وفا"، ووكالة "وطن"، وموقع "بكرا"، والإذاعة الفلسطينية، وقناة فلسطين الفضائية، وقناة فلسطين اليوم، وجريدة الحياة الجديدة،... وغيرها.

وعلى الرغم من لغتي القوية وبالذات في النحو، إلا أنني أشعر بالحاجة الماسة باستمرار للعمل على نفسي، وهذا ما جعلني أقول: لو كان هذا التخصص موجودا لما كنت بحاجة لجهد إضافي على صعيد تطوير لغتي، وتوظيفها في العمل الصحفي.

إن واقعية المؤثرين برسم السياسات في هذا القسم يجعله دائما صامدا أمام المنافسين من الأقسام والكليات الأخرى، وبالذات في ظل تطوير المنهاج باستمرار لمواكبة التطورات المتسارعة في الاتصال والإعلام، وحتى في الجوانب التربوية.

وفي الختام كتبت هذه العبارات لأنني أعي ما يفكر به الآباء حاليا في ظل محدودية فرص العمل، كما كتبتها بناء على تجربة مهنية ممتدة فالواقعية ورغبة المؤسسات في تقليل تكاليف الإنتاج تدفعها للبحث عن متخرج مؤهل للقيام بمهام العمل الميداني والمكتبي في آن واحد، وتكون متشجعة أكثر عندما يكون مؤهلا مهنيا ولغويا، وهنا تكمن قوة هذا القسم الواعد.

 

 

 

 

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت