ما أن تطأ قدماك ورشة المهندس محمد أبو مطر (35عاماً) بحي الرمال وسط مدينة غزة، حتى تجد طابعة صغيرة الحجم تصنع أدوات مهمة تستخدم في مجالي الصحة والتعليم للتغلب على العديد من المشاكل التي يعاني منها قطاع غزة جراء الحصار المفروض عليه منذ أكثر من 15 عاما.
ومن الأدوات الصحية والتعليمية التي يقوم بصناعتها عبر طابعة ثلاثية الأبعاد قناع خاص بالوقاية من فيروس كورونا الذي ما زال العالم يعاني من أثار هذه الجائحة إلى الآن، وكذلك أحزمة وقف النزيف، وأقنعة العلاج من الحروق، فضلا عن المجسمات العلمية التي تساعد الطلبة في إيصال المعلومات الدراسية بشكل أسهل وسلس.
ويجلس أبو مطر داخل ورشته المليئة بالمعدات الإلكترونية، على طاولة مستطيلة، ويضع أمامه جهاز الحاسوب الخاص به، وبجانبه طابعة ثلاثية الأبعاد وأسلاك بلاستيكية متشابكة بعضها ببعض.
ويشرع أبو مطر بتحويل فكرة الأدوات التي يرغب بصناعتها إلى رسمة ثلاثية الأبعاد عبر جهاز الحاسوب، وتبدأ عملية التصنيع فور تجهيز الرسمة الخاصة بالمنتج المراد تصنيعه، حيث يقوم بوضع لاصق ثم دهانته على قاعدة الطابعة، وبعد ذلك يتم تثبيت الخيط البلاستيكي بطرفها، ليبدأ رأس ماكينة الطباعة الذي يبدو كـ "سن القلم" بالتحرك لتشكل خيوط صغيرة متلاصقة إلى أن يصل لشكل المجسم النهائي وفقًا للرسمة التي صممت مسبقًا عبر تقنية ثلاثية الأبعاد.
وبعد الانتهاء من الخطوات السابقة ينتظر أبو مطر عدة ساعات حتى تتمكن الماكينة من طباعة أول منتج حسب طلب الزبون ومن ثم يعيد الكرة في منتجات أخرى وبنفس آلالية.
ويقول أبو مطر " منذ صغري لدي شغف بالبناء والتركيب وأشعر بالسعادة عند تحويل الأشياء من فكرة إلى أشياء ملموس على أرض الواقع"، مشيراً إلى أن حلمه أن يكون لديه مختبر بداخله جميع الآلات والمعدات التي تمكنه من صنع كل ما يخطر في ذهنه.
وأضاف أن "فكرة وجود طابعة ثلاثية الأبعاد داخل غزة تساعد على توفير جميع الأدوات التي يصعب الحصول عليها نتيجة الحصار المفروض على قطاع غزة منذ أكثر من 15 عاما.
وذكر أن الطابعة ثلاثية الأبعاد تعمل على إنتاج الكثير من المنتجات لقطاعات مختلفة أهمها في مجالي الصحة والتعليم، لافتا إلى أن منتجات الطابعة أحدثت فرقاً واضحاً في السوق المحلي وبتكلفة قليلة.
وأشار إلى أن الطابعة أنتجت أقنعة للطواقم الطبية للوقاية من فيروس كورونا، كما أنتجت أحزمة وقف النزيف للعديد من المصابين أثناء التصعيدات الإسرائيلية على غزة، وكذلك أقنعة لعلاج الحروق، ومجسمات علمية لإيصال المعلومات الدراسية بشكل أسهل.
ولفت أبو مطر إلى أن توجه العالم الآن إلى استخدام الطابعات الثلاثية الأبعاد خصوصا بعد الأزمات العالمية التي لحقت به سواء كان فيروس كورونا أو الحروب بين بعض الدول.
وأشار أبو مطر إلى أهم التحديات والصعوبات التي واجهته أثناء عمله والتي تتمثل في صعوبة الاستعانة بخبراء في هذا المجال، وعدم وجود معدات ومواد خام داخل القطاع لبناء طابعة ثلاثية الأبعاد؛ نتيجة الحصار المفروض على قطاع غزة.
ويطمح أبو مطر إلى وصول أعماله إلى السوق العربي والإقليمي، لكون ما يتم صناعته يتميز بجودة عالية وينافس بعض المصنوع في الخارج، فضلا عن تكاليفه البسيطة.