- د. طلال الشريف
طور الإنسان على مر التاريخ طرق حماية الذات والمجموع فكانت المغر والكهوف والسراديب والاستقامات والخنادق وتلك وسائل استخدمها الانسان في الحرب والسلام وكلا الاستخدامين لحاجته في حماية ذات أو مجموع أو في حالات الخطر مثل الحروب أو أقسى درجات الحرارة أو البرودة ومن قسوة المناخ وتخزين المؤن والحبوب ..
يبدو أن الفلسطيني بشكل عام و"الغزي" بشكل خاص يطور أداة جديدة لم تكتب في التاريخ من قبل وهي "القوقعة" أو التقوقع وهي أداة أو طريقة حماية تختلف عما سبق من طرق لأن القوقعة لا تتسع لمجموع وهي أخطر خاصية لهذه الأداة الجديدة لأنها خاصية انعزالية أنانية بطيبعة تشكلها النفسي والإجتماعي وحتى الإقتصادي فالحيوان مالك القوقعة أو مطورها يلتقط اقتصاده ويحتمي بقوقعته للأكل ولا يرى حتى الآخرين خارج قوقعته وعندما يصل الفلسطيني لاستراتيجية القوقعة أو التقوقع فهذا يعني انسحابا أو تقوقعا للداخل والذات وكفرا أولا بالمجموع وثانيا يعني هناك خطورة شديدة خارج القوقعة ويعني ثالثا احدوداب ظهره للتأقلم مع سكن القوقعة قد تطول مدته ولم يعد ظهره قائما وبمرور الوقت تتيبس مفاصله وأربطة جسمه وطرق تفكيره وفي أحسن أحوال العقل، كيف يمكن انقاذه قبل أن يصبح مجازا من ذوات السير على أربع.
لماذا تقوقع الفلسطيني بشكل عام والغزي بشكل خاص؟
أولا: لأن المطلوب منه أكثر من طاقته ومما ينتجه ومما لديه فهو لا يستطيع منح الآخرين شيئا مما لديه إن كان لديه شيئا حتى أولاده وأقرباءه أو جيرانه فماذا سيعطي لوطن محتل وقضية عادلة.
ثانيا: الفلسطيني إن لم يكن أساء للمجموع فالمجموع بأزمته قد أساء إليه بتدهور الحالة الفلسطينية تدريجيا حتى وصلت لمجتمع الكراهية والمفعول به.
ثالثا: أمراء الحرب والسلام والاحتلال قد ذبحوه من الوريد للوريد في رحلة جهل وقمع وقتل وظلم وتكميم أفواه وكذب وترويع وشعارات المتاجرة وأكل السحت والاستعباد حتى اقتربنا بشدة من مجتمع الأسياد الموسرين والعبيد الفقراء المخصيين.
القوقعة أصعب أنماط الحماية لانها تضع حاجزا صلبا مع خارجها لصعوبة كسرها لكنها أسوا أنواع الإنعزال النفسي والمجتمعي أو الإجتماعي، وهل يترتب على ذلك أن نسير في الشارع وكل فرد في قوقعة مشيدة لا يرى ولا يتفاعل مع أحد آخر ، وتتغير صفة الإنسان من أنه كائن اجتماعي، واللي ينزل من السما تتلقاه الأرض ..
هل هي استراتيجية للانتحار وليس للحماية ما وصل إليه الغزازوة ؟
ومن وكيف نكسر استراتيجية القوقعة قبل تمكنها واحدوداب الظهور بلا عودة؟
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت