أهل غزة بين الأمل وانعدام الثقة إزاء تصاريح العمل في إسرائيل

عمال فلسطينيون ينتظرون العبور من معبر إريز من شمال قطاع غزة لإسرائيل في الرابع من سبتمبر أيلول 2022. تصوير محمد سالم - رويترز

بعد أيام من انتهاء جولة قتال قصيرة الشهر الماضي، عاد عمال من قطاع غزة عبر الحدود للعمل في إسرائيل، بموجب نظام تصاريح معمول به في إطار استراتيجية إسرائيلية لاستخدام محفزات اقتصادية للمساعدة في تحقيق الاستقرار في القطاع المضطرب.

وبالنسبة لسعداء الحظ من العمال، فإن حصولهم على فرصة عمل في إسرائيل يعني جني عشرة أضعاف ما يمكن أن يكسبوه من العمل في القطاع، ما يمثل حافزا قويا لسكان القطاع الساحلي الفقير الضيق الذي يؤوي نحو 2.3 مليون شخص.

يقول عمر أبو سيدو (31 عاما)، ويعمل في شركة لغسل السيارات في سديروت جنوب إسرائيل منذ ستة أشهر، "الحمد لله كان عليا ديون وسديتها، وتزبيط (تضبيط) في المنزل وشغلات كتير كانت ناقصة عليا وجبتها".

ويقول البنك الدولي إن نسبة البطالة في غزة تبلغ نحو 50 بالمئة وإن أكثر من نصف السكان يعيشون تحت خط الفقر. وقد تفاقمت الأوضاع في ظل جولات القتال المتكررة والحصار الاقتصادي الذي تفرضه كل من إسرائيل ومصر منذ سنوات.

وفي أغلب الأحيان تكون عملية تقديم طلب للحصول على تصريح متداخلة بين الجهات التي تديرها حركة حماس الإسلامية والسلطة الفلسطينية الرسمية، التي فقدت السيطرة على القطاع عام 2007 لكنها هي التي تتعامل مع السلطات الإسرائيلية في هذا الأمر.

كما يشكو بعض العمال من أن التصاريح لا تضمن لهم الكثير من حقوق العمل الاعتيادية، بما في ذلك المعاشات التقاعدية والتأمين للتعويض عند الحوادث.

إلا أن هذا لم يكن له تأثير يُذكر للحد من الإقبال. وتقول وزارة العمل التي تديرها حماس في غزة إنها تلقت 100 ألف طلب للحصول على تصاريح منذ مارس آذار، عندما بدأت المشاركة في عملية تقديم الطلبات.

ويضيف أبو سيدو، الذي وصل مبكرا عدة ساعات للعودة عبر معبر إريز إلى إسرائيل، حيث يكسب 350-400 شيقل (102-117 دولارا) يوميا، "فرقت كتير والوضع صار أفضل بكتير"، بعدما كان يجني 40 شيقل ( 11.60 دولار) في غزة.

وبدأت إسرائيل تقديم تصاريح العمل في إطار استراتيجيتها المزدوجة لفرض السيطرة العسكرية وفي الوقت نفسه تقديم بعض الامتيازات الاقتصادية لتقليل التوترات، بعد مواجهة استمرت 11 يوما العام الماضي مع حماس التي تسيطر على غزة.

غموض مستمر

إلى جانب التصاريح، التي يقول محللون إنها تضيف نحو سبعة ملايين شيقل (مليونا دولار) يوميا إلى اقتصاد غزة، وعدت إسرائيل أيضا بتخفيف أكثر للقيود الاقتصادية، بناء على المؤشرات الإيجابية من حماس.

ومع إدراكه للفوائد الاقتصادية لسكان غزة، يحذر إيهاب الغصين، وكيل وزارة العمل في قطاع غزة، من الوقوع في شرك تقديم تنازلات لقوة الاحتلال ويقول إن متطلبات إسرائيل "لن تؤثر على مواقفنا السياسية".

ويقول مسؤولون إسرائيليون إن التصاريح تجبر سلطات حماس في غزة على الاختيار بين الإبقاء على معارضتهم الأساسية لإسرائيل ومنح الفلسطينيين فرصة الحصول على وظائف بأجر مرتفع.

وقال موشيه تترو، قائد مديرية التنسيق العسكري والارتباط لقطاع غزة، "القيادة‭ ‬في قطاع غزة لازم تاخد قرار... بدهم افتتاح (انفتاح) مدني واقتصادي أم بدهم خراب ودمار؟".

وفي وقت سابق هذا الشهر، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي يائير لابيد، الذي يخوض معركة انتخابية في نوفمبر تشرين الثاني سعيا لإعادة انتخابه، إن الحكومة قد تزيد عدد التصاريح إلى 20 ألفا من نحو 15 ألفا حاليا.

وستتوقف أي زيادة أخرى على موافقة حماس على إعادة رفات جنود إسرائيليين مفقودين، يُعتقد أنهم قُتلوا في غزة.

وبالنسبة لسكان غزة فإن الخلاف السياسي يتركهم معرضين لإغلاق الحدود المفاجئ وغير المتوقع من جانب إسرائيل وأيضا لتعامل غامض وصعب الفهم مع الطلبات.

وقال حسين نبهان (33 عاما)، وهو أب لستة أطفال "أنا قدمت طلب قبل سنة... غيري قدم من شهرين أو ثلاثة وطلعوا أساميهم، واحنا ملناش واسطة من الآخر".

وبشكل منفصل، تنكر كل من حماس والسلطة الفلسطينية وجود أي رشاوى أو تأثير للعلاقات في اختيار من يحصلون على التصاريح.

وحتى بالنسبة لأولئك الذين يجتازون العملية بنجاح، يبقى الكثير من الغموض، ومع الترحيب بالفوائد، يدرك العمال باستمرار أنه يمكن سحبهم في أي وقت.

وكانت الاشتباكات التي اندلعت الشهر الماضي بين إسرائيل وحركة الجهاد الإسلامي محدودة النطاق، ولم تقع مواجهة كاملة مع حماس. ولكن بعد ما لا يقل عن ست جولات من الصراع منذ أن أجلت إسرائيل قواتها من غزة في عام 2005، هناك وعي دائم بأن الأمور يمكن أن تتغير بسرعة.
وقال أبو سيدو "لما بيصير تصعيد بيصير الواحد يخاف ما يطلعوش تاني وإنه يقف (التصريح)، إحنا على تكة".

(الدولار = 3.4258 شيقل)

المصدر: وكالة قدس نت للأنباء - رويترز