- أشرف محمود صالح - فلسطين
على أرض فلسطين والتي تعتبر الملعب الأكثر سخونة من بين الدول العربية وربما الإسلامية , إنتفل مفهوم السياسة من مربع الإدارة والقيادة السليمة الى مربع المصالح الحزبية والإقليمية , فكل الظروف الآن والتي بدأت منذ تاريخ الإنقلاب الأسود والذي وضع حجر الأساس لدولة غزة الى يومنا هذا تخدم وتعزز فكرة أن تكون غزة دولة مستقلة عن باقي الوطن الأم , فأما الشرفاء الذين يناضلون ضد الإنقسام الأسود أولاً والإحتلال ثانياً يجدون أنفسهم كنقطة ضوء في ظلام دامس , فهم يواجهون المصالح الحزبية في داخل فلسطين , والمصالح والأجندة الدولية خارج فلسطين , باتو الشرفاء وكأنهم يبحرون ضد التيار , وأي تيار , التيار الذي ترعرع وكبر على يد التحالفات التي تريد غزة دولة رغم أنف الشرفاء..
باتت الأفكار والمصالح تتناغم أكثر وأكثر تجاه دولة غزة , وللأسف كلما مر الوقت كلما قلة فرصة الحل , فمصر مثلاً ورغم أنها تعمل على قدم وساق ولا تكل ولا تمل في جهودها لإتمام المصالحة , في نفس الوقت حريصة على أن يكون حكماً عسكرياً وأمنياً في غزة يملأ فراغاً أمنياً لا يتيح الفرصة لوجود تيار سلفي جهادي كداعش وأخواتها في غزة , وهذا في حد ذاته يجعل النظام المصري يهتم ويحافظ على وجود حكم حماس في غزة سواء بمصالحة أو بدون مصالحة , أما قطر فهي تجد أن ملعب غزة الصغير يناسب حجمها ويلبي طموحاتها , فهي دخلت من باب حصار غزة الجزئي كي تجعل من أمولها أدات لفرض نفوذها شيئاً فشيئاً حتى تصل الى مرحلة الإحتراف في الملاعب الدولية , وهكذا تركيا دخلت على ملعب غزة ولكنها كدولة كبير تختلف أدواتها , فدعمها لغزة لا يشبع من جوع , فهي تدعم غزة من الناحية المعنوية والإعلامية فقط , ومن باب الترويج أنها ستعيد الخلافة الإسلامية عبر بوابة الإخوان المسلمين وأتباعهم , ورغم أن تركيا الآن تتحالف مع إسرائيل رسمياً , ومن المنتظر أن تطرد حماس قريباً بحسب التقارير الصحفية العبرية , إلا أنها ستيقى تردد شعارات الإسلام السياسي كستار لإخفاء حفلة زواجها من إسرائيل..
أما إيران وحزب الله فلديهم مشكلة في مادة الجغرافيا , فهم يعتبرون أن غزة جزء من محور المقاومة وليس فلسطين , ولأن المقاومين في غزة يتقاضون رواتب من أجنحتهم العسكرية , ولديهم منظومة إدارية ومالية مستقلة عن مؤسسات الوطن , فهذا يسهل الطريق لإيران وحزب الله في دعم المقاومة سواء في الرواتب أو في التجهيزات العسكرية , وهذا الدعم بحد ذاته ساهم في أن تكون غزة دولة مستقلة , والأسوأ من ذلك أن غزة أصبحت مستقلة بمفهوم المقاومة أيضاً , فعندما نسمع حسن نصر الله وفقهاء التشيع في إيران يتحدثون عن غزة كمحور للمقاومة ولا يتحدثون عن فلسطين , وكأنهم ينفون وينكرون كل الأعمال الفدائية والنضالة التي تحدث في الضفة الغربية والشات والداخل..
حتى إسرائيل اليوم تتفاوض مع غزة وتسحب البساط من تحت أقدام السلطة , فالسلام الإقتصادي اليوم هو رسالة واضحة بأن غزة أصبحت دولة برغبة إسرائيلية وموافقة أمريكية ورعاية أممية , والسلطة اليوم تدرك هذا جيداً ولكنها للأسف لا تبحث عن خيارات جدية لتمسك زمام الأمور وتعيد غزة الى منظومة الوطن المتكاملة , ومن وجهة نظري ككاتب ومتابع أن حل كل هذه التحالفات وتفتيتها بيد السلطة , لأن السلطة هي التي تمتلك القوة السياسية والقانونية والدبلماسية كونها تقود منظمة التحرير وتقوم مؤسسات الدولة في الداخل والخارج , وفي نفس الوقت تقود حركة فتح (...) والتي تعتبر الحركة الأكبر على الساحة الفلسطينية سواء من الناحية السياسية أو الجماهيرية أو من الناحية العسكرية , ولهذا فأنا ككاتب أعتبر أن حل مشكلة دولة غزة هو بيد السلطة الفلسطينية , وخاصة في حال أنها عملت وفق قاعدتين أساسيتين , أولاً العودة الى غزة بأي ثمن وبأقرب وقت , وثانياً تفعيل كل الخيارات لديها في مواجهة مشروع إسرائيل القائم الآن والمتمثل في إضعاف السلطة والسيطرة على الضفة الغربية , ودعم دولة غزة .
أشرف محمود صالح - فلسطين
كاتب وإعلامي ومختص بالشأن السياسي
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت