- معتصم حمادة
- عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
■هذا هو السؤال الذي يشغل بال المراقبين والدوائر السياسية الفلسطينية خصوصاً والعربية والدولية عموماً، خاصة وأن الرئيس محمود عباس، منح في خطاب العام الماضي المجتمع الدولي مهلة عام واحد لحل القضية الفلسطينية، وفقاً لقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة. وكما نقلَ عنه، فقد رأى في أحد المجالس أن فترة العام التي منحها للمجتمع الدولي، كانت أطول من اللازم، مستنداً في رأيه إلى ما تشهده الأرض المحتلة والقضية الفلسطينية من تطورات متسارعة.
فماذا شهدت القضية الفلسطينية والأرض المحتلة، خلال العام المنصرم بين دورتين للجمعية العامة للأمم المتحدة؟
■ ■ ■
■ على صعيد ممارسات الاحتلال، يمكن القول أن جيش الاحتلال شنَّ على الشعب الفلسطيني في المناطق المحتلة حروباً يومية، بالقتل العمد على الشبهة، دون تردد أو تخوف من أي مساءلة من قبل حكومته، والاعتقالات الجماعية شبه اليومية في غزوات ليلية لأحياء المدن والقرى والمخيمات الفلسطينية، ومصادرات دائمة للأرض لتوسيع المشروع الاستعماري الاستيطاني، ومصادرة الآلات الزراعية، ومصادرة آبار المياه وقطعان المواشي لتدمير القطاع الزراعي الفلسطيني، وعرقلة العمل على المعابر الفلسطينية لتشجيع الاستيراد والتصدير عبر الداخل الإسرائيلي، والتنكيل اليومي بالأسرى في السجون والزنازين، ومواصلة تهويد القدس وأسرلتها، بما في ذلك مؤخراً، شن الحرب المفتوحة على المدارس العربية لوضعها أمام خيارين: إما تبني البرنامج التربوي الإسرائيلي، لنسف الرواية الفلسطينية وإلغائها ومنع وصولها إلى الجيل الفلسطيني الجديد، وإما إغلاق المدارس، وفي الحالتين النتيجة واحدة. أما الأقصى فما زال تحت وطأة الاجتياح اليومي لقطعان المستوطنين تحت حماية رجال الشرطة، وقد تحولت ساحاته إلى أماكن للصلاة التلمودية في محاولة لخلق أمر واقع، تهدف سلطات الاحتلال إلى ترسيمه ضمن اتفاق ما مع الجهات الراعية للمقدسات الإسلامية في القدس، عاصمة الدولة الفلسطينية.
أما في قطاع غزة، فقد استمر الحصار والعدوان، وكانت آخر جرائمه حرب الأيام الثلاثة (5 – 8/8/2022) التي دمرت المنازل على ساكنيها المدنيين، وأودت بحياة أكثر من أربعين شهيداً، معظمهم من النساء والأطفال وكبار السن، دون أن نتناسى إجراءات مصادرة جثامين الشهداء وهدم منازل ذويهم، ما يؤكد همجية الاحتلال الإسرائيلي ومدى وحشيته ■
■ بما خص الوعود الأميركية بعملية سياسية لتطبيق «حل الدولتين»، كشفت الولايات المتحدة أوراقها كافة، حين أبلغت الإدارة الأميركية على لسان الرئيس جو بايدن، ووزير خارجيته توني بلينكن، ومساعدته بربارة ليف، ومبعوث البيت الأبيض إلى المنطقة هادي عمرو، ومستشار الأمن القومي جيك سوليفان، أن لا عملية سياسية في المدى المنظور، وأن تطبيق «حل الدولتين» أمر بعيد المدى، وأن الحل البديل هو التوجه نحو «السلام الاقتصادي»، عبر تعزيز العلاقات الاقتصادية مع إسرائيل، وتعميق التبعية لاقتصادها، وحل بعض القضايا العالقة كجمع شمل العائلات الفلسطينية، وغير ذلك من القضايا الناتجة عن سياسة الحصار الإسرائيلي على السكان الفلسطينيين، وعرقلة حياتهم اليومية. وقد ترجم الرئيس الأميركي هذا التوجه بالنقاط العشر، التي تعهد بها إلى الرئيس محمود عباس في لقاء بيت لحم، بما في ذلك تسهيل العبور على جسر الكرامة، الذي ما زال على حاله، وقد استبدلته إسرائيل بتسهيل السفر عبر مطار رامون في النقب، أي أن الوعود الأميركية التي تعهد بها بايدن عشية انتخابه وبعد وصوله إلى البيت الأبيض، تبخرت تماماً ولم يتم الالتزام بأي منها.
بالمقابل قدم بايدن كل الدعم لإسرائيل (إعلان القدس)، وكل الدعم لسياسة التطبيع العربي – الإسرائيلي، متجاهلاً القضية الفلسطينية في حساباته مع إسرائيل، حيث خلا «إعلان القدس» من أي ذكر لها، أو على الصعيد العربي والإقليمي، على غرار ما جاء في كلمته في مؤتمر جدة مع الدول العربية.
أما الجانب الإسرائيلي، مدعوماً بلا حدود من الجانب الأميركي، فقد استمر على نهجه السياسي في تجاهل القيادة السياسية الفلسطينية، باعتبارها شريكاً في العملية السياسية، فضلاً عن إعلانه بوضوح، على لسان الثنائي الحكومي لابيد وغانتس أن «حل الدولتين» الذي تدعو له الولايات المتحدة وغيرها هو مجرد وهم، وإن إسرائيل ترفض أي شكل من أشكال الدولة الواحدة، وأن «السلام الاقتصادي» هو الحل الوحيد الممكن، لصالح حكم إداري ذاتي للسكان، مقطع الأوصال تحاصره المستوطنات والقواعد العسكرية والطرق الالتفافية والجسور والأنفاق والمعابر الإسرائيلية، تقيده شروط أمنية صارمة، بما في ذلك مواصلة التنسيق الأمني وتكريس الضفة الفلسطينية مستعمرة اقتصادية لإسرائيل، والتأكيد بالمقابل بقاء «القدس الموحدة» عاصمة لإسرائيل دون غيرها، مقابل (ربما) بناء «قدس عربية» للفلسطينيين في البلدات العربية المجاورة للقدس.
أما المجتمع الدولي فلم يجد فيه الرئيس عباس آذاناً صاغية، خاصة الاتحاد الأوروبي الذي ما زال يربط بين الاعتراف بدولة فلسطينية، وبين الوصول مع إسرائيل إلى حل وفق مشروع «حل الدولتين»، أي إبقاء الحالة الفلسطينية أسيرة الرؤية الأميركية – الإسرائيلية – الأوروبية لحل الدولتين حتى إشعار آخر ■
■ على الصعيد الرسمي الفلسطيني، كان التطور الأبرز انعقاد الدورة 31 للمجلس المركزي في م. ت. ف. في شباط (فبراير) الماضي، وقد أعاد التأكيد (مع بعض التطويرات المهمة) على القرارات السابقة في المجلسين الوطني والمركزي، خاصة وقف العمل بالمرحلة الانتقالية لاتفاق أوسلو، وتعليق الاعتراف بإسرائيل، والتحلل من باقي الالتزامات الأمنية والسياسية والاقتصادية لصالح استراتيجية كفاحية بديلة، تعيد الاعتبار للبرنامج الوطني، وكلف المجلس المركزي اللجنة التنفيذية تنفيذ قرارات المجلس المركزي (التي لم تعد مجرد توجهات بل باتت قرارات ملزمة). ومنذ ذلك الوقت والقيادة السياسية تعمل على تعطيل تنفيذ القرارات، فضلاً عن تعطيل اجتماعات اللجنة التنفيذية (راجع مقالتنا: مؤسسات م. ت. ف. تحت المجهر) وما زالت التصريحات الرسمية للقيادة السياسية لسلطة الحكم الإداري الذاتي تراهن على «حل الدولتين» (كما جاء في اللقاء الأخير للرئيس عباس مع أحمد أبو الغيط الأمين العام لجامعة الدول العربية). وما زالت تراهن على «المقاومة الشعبية السلمية»، بديلاً للاستراتيجية الكفاحية التي دعا لها المجلسان الوطني والمركزي، وما زالت قيادة السلطة عند حدود الدعوة إلى ما يسمى «أفق سياسي» شرطاً للعمل بالحل الاقتصادي، باعتباره، كما تعتقد، حلاً مؤقتاً.
أي بتعبير آخر، لم يدخل على الاستراتيجية السياسية للقيادة السياسية لسلطة الحكم الإداري الذاتي، أي تطور أو تغيير، في مواجهة التطورات الواضحة والصريحة للجانبين الأميركي والإسرائيلي، واعتكاف الاتحاد الأوروبي، الغارق في حربه ضد روسيا، عن أي دور فاعل وذي تأثير عملي في المسار السياسي، في وقت تعيش فيه السلطة الفلسطينية أزمة مالية واقتصادية، وصلت حدود العجز عن دفع رواتب الموظفين، وفشل مشاريع التنمية تحت الاحتلال، ما يؤكد خرافة «الحل الاقتصادي» تحت الاحتلال، بديلاً لدولة مستقلة كاملة السيادة ذات اقتصاد وطني يلبي مصالح البلاد ■
■ ميدانياً، شهدت الضفة الفلسطينية نهوضاً جماهيرياً مميزاً، تطور إلى حد استعمال السلاح في التصدي لدوريات الاحتلال، ومقاومة عمليات الاعتقال بالقوة، ما أحدث نقلة في الحالة الجماهيرية، انتقلت منها من الرهان على دور للسلطة الفلسطينية إلى المبادرة الميدانية في ترجمة عملية لمقاومة شعبية بكل الأساليب والوسائل الممكنة، حتى أن دولة الاحتلال بدأت تتحدث عن مناطق في الضفة باتت خاضعة للمسلحين، وتقارير تتحدث عن تراخي وضعف قبضة السلطة، بل هناك من تنبأ بانهيار الأجهزة الأمنية للسلطة لفشلها في تأدية دورها في التزامات التنسيق الأمني.
لا بد من القول في هذا السياق، أن المبادرات الفردية على الصعيد الشعبي وإن كانت تندرج في سياق الجو الوطني وفي سياق القناعات الراسخة، كما أسست لها أنشطة القوى الوطنية وتعبئتها للحالة الجماهيرية، إلا أن هذه المبادرات أتت لتملأ الفراغ الناجم عن غياب تشكيل الأطر الوطنية الجامعة لتنظيم المقاومة الشعبية في مواجهة الاحتلال. فلم يبادر أي من الفصائل (حتى الآن) ليتقدم الصفوف لتشكيل القيادات المحلية للمقاومة الشعبية، حيث بؤر الصدام شبه الدائم مع الاستيطان والاحتلال، ولم يتقدم أي من الفصائل لإطلاق مبادرة عملية ميدانية (خارج الدعوات اللفظية في البيانات والتصريحات الصحفية). لتشكيل نواة للقيادة الوطنية الموحدة، حتى اللقاء القيادي الذي ترأسه في إحدى المرات، محمود العالول، لتشكيل القيادة الموحدة، ماتت نتائجه قبل أن تولد، في ظل سياسات انقسامية فئوية، ما زالت تهيمن على الوعي السياسي للعديد من الأطراف في الحالة الوطنية، الأمر الذي يتطلب إطلاق صيغ عمل وطنية أكثر جدارة، وأكثر جدية، وأكثر قدرة على الفعل، لتأطير النهوض الجماهيري، الذي بدأ يأخذ أشكالاً، تمهد لانتفاضة أشمل قادمة لا محالة، باعتبارها هي الحل الممكن لإنقاذ البرنامج الوطني من التقويض ■
هذا هو المشهد العام للحالة الفلسطينية، فما هي خيارات القيادة الفلسطينية لتقدمه إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة؟! ...
■ ■ ■
نعتقد أن القيادة السياسية الفلسطينية تقف الآن في ظل ما شهده العام بين دورتين للأمم المتحدة من تطورات، بين خيارين اثنين:
• الخيار الأول: أن تستعيد خطاب العام الماضي، فتعرض للمظلومية الفلسطينية كما عرضها الرئيس محمود عباس في برلين وباريس وأنقرة، ومنابر أخرى عربية ودولية، وأن تستعيد الرهان على «حل الدولتين» و«المقاومة الشعبية السلمية»، وأن تطالب الولايات المتحدة بالوفاء بتعهداتها، وأن تطالب بفتح «أفق سياسي» يبعث الأمل في نفوس الفلسطينيين، وأن تدعو الأمم المتحدة لتحمل مسؤولياتها، دون تفاصيل عملية، وأن تؤكد تمسك شعبنا بأرضه ووطنه، وتدين جرائم الاحتلال الإسرائيلي، وأن تتهمه بالعمل على تقويض «حل الدولتين».
وطبقاً لتقديرات كثيرة؛ فإن تكرار مثل هذا الخطاب، أينما كانت التجديدات التي يمكن أن تدخل عليه، سيضعف صدقية الخطاب الرسمي الفلسطيني، لا في أعين المجتمع الدولي فحسب، بل في أعين الفلسطينيين أنفسهم، مما يزيد من حدة الشك في جدية المسؤول الفلسطيني في البحث عن حل للقضية، يكفل الحقوق الوطنية الفلسطينية والكرامة الفلسطينية. كما سيفتح هذا الخطاب للمزيد من الخلافات في الحالة الفلسطينية، ويزيد حالة الانقسام تأزماً، وسيلحق الضرر بمكانة م. ت. ف. ممثلاً شرعياً ووحيداً لشعب فلسطين، وسيفتح الباب أمام دعوات تشكيل البدائل، أو بناء المحاور للتشويش على المنظمة، فضلاً عن انعكاس ذلك على اللجنة التنفيذية التي ستبدو بلا حول وبلا دور فعلي وملموس، مجرد عنوان بلا مضمون، مقابل ردات فعل جماهيرية ساخطة وتصاعد المقاومة الشعبية، تقابلها دولة الاحتلال – دون أدنى شك – بمزيد من القمع الدموي، ما يلقي بظلال الشك على الحاجة إلى سلطة فلسطينية عاجزة عن حماية شعبها وتأمين استقرار حياته اليومية، وستعزز القناعة بكل أشكال المقاومة في ظل خطورة أن تفتقد هذه المقاومة إلى سياق وإطار سياسي يوحدها ويرسم استراتيجيتها وتكتيكاتها ميدانياً، دون أن نتجاهل في الوقت نفسه انعكاس ذلك على حركة فتح نفسها، باعتبارها «الحزب الحاكم» أو لنقل بوضوح أكثر هي «حزب الحاكم» في ظل ما تعانيه من أوضاع أرغمتها على تأجيل مؤتمرها الثامن أكثر من مرة، لعدم القدرة على استكمال الترتيبات التنظيمية، والافتقار إلى الوحدة حول الرؤية السياسية للمرحلة القادمة، خاصة في ظل تزايد الحديث عما يسمى اليوم التالي للرئيس عباس.
قد يبدو هذا المشهد سوداوياً، لكن هذه السوداوية هي الواقع اليومي للحالة في الضفة الفلسطينية، بل إن البعض يؤكد أن الحالة أكثر سوداوية مما نعتقد، وأن الحالة أكثر تعقيداً مما نراها، وأن عوامل الانفجار الداخلي، والتي لا تقود إلا إلى الفتنة، أكثر مما نعتقده، مما يتوجب وضع استراتيجية للخلاص الوطني، تختلف تماماً عن العودة إلى ما ورد في الخطاب الفلسطيني العام الماضي أمام الأمم المتحدة.
وهذا ما يقودنا إلى طرح الخيار الثاني الذي نعتقد أنه الطريق للخروج من النفق نحو شمس الخلاص الوطني.
• الخيار الثاني: يستمد هذا الخيار قوته من كونه يشكل ترجمة لقرارات الشرعية الفلسطينية، كما صاغتها دورة المجلسين الوطني والمركزي، ومن كونها خيارات الوفاق الوطني، كما يستمد هذا الخيار قوته من قرارات الشرعية الدولية التي تكفل للشعب الفلسطيني حقوقه الوطنية المشروعة غير القابلة للتصرف، في العودة وتقرير المصير والاستقلال، كما يستمد هذا الخيار قوته من إعلان الاستقلال في 15/11/1988، ومن وثيقة الوفاق الوطني في 26/6/2006، ومن مخرجات اجتماع الأمناء العامين في 3/9/2020، كما أنه لا يقوم على الرهان على وعود خلبية أميركية أو غيرها، ينطلق هذا الخيار من الاعتراف الواضح والصريح أن خيار أوسلو قد وصل إلى الطريق المسدود، ولم يتبقَ منه سوى التنسيق الأمني مع سلطات الاحتلال الإسرائيلي، والتبعية الاقتصادية لإسرائيل، بما في ذلك التقيد بالغلاف الجمركي الموحد، في ظل مرجعية عليا تحاول الإدارة المدنية لدولة الاحتلال أن تحتل مكانتها، وهذه كلها إجراءات وسياسات، ليس من شأنها سوى أن تعزز الاحتلال وتعزز وجوده، خاصة في ظل تصاعد القمع اليومي لجنوده، وتوسيع مشاريعه الاستعمارية في خطة تهدف إلى تقويض أسس البرنامج الوطني، وليس من شأن هذه السياسات (أيضاً) إلا استكمال تهويد القدس وطمس معالمها الوطنية، وخنق اقتصادها الفلسطيني، وفصلها عن محيطها الجغرافي، بكل ما في هذا من تداعيات ومآلات خطيرة على القدس وعلى جوارها.«
كما يستمد هذا الخيار قوته من كونه بات يشكل مطلباً وطنياً ملحاً، يجري التعبير عنه بأشكال مختلفة منذ العام 2015، في هبات وانتفاضات جماهيرية، كانت ذروتها «معركة القدس» و«معركة سيف القدس» التي رسمت بوضوح سياسة وحدة الساحات، بين جناحي الوطن (48 + 67) والشتات، في ظل البرنامج الوطني (البرنامج المرحلي).
كذلك يستمد هذا الخيار قوته كونه يستجيب ويستنهض الحالة الشعبية العربية، وستكون له أصداؤه لدى القوى التقدمية والديمقراطية والإنسانية في العالم.
وبناءً عليه؛ فإننا نفترض أن يحمل الخطاب الفلسطيني إلى الأمم المتحدة العناصر التالية، كأساس للسياسة الفلسطينية البديلة والجديدة، وكرد على فشل المجتمع الدولي في الاستجابة للمهلة التي منحه إياها الرئيس عباس لحل القضية الفلسطينية وخلاص الشعب الفلسطيني من الاحتلال والاستيطان.
1) أن يتضمن الخطاب إعلاناً واضحاً وعملياً بوقف العمل بالمرحلة الانتقالية لاتفاق أوسلو، بما في ذلك تعليق الاعتراف بدولة الاحتلال، إلى أن تعترف بالدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس على حدود 4 حزيران (يونيو) 67، ووقف كل أشكال التنسيق الأمني، ووقف العمل بـ«بروتوكول باريس الاقتصادي»، ومغادرة الغلاف الجمركي الموحد.
2) أن يتضمن إعلاناً عن بسط السيادة الوطنية على كامل الأراضي الفلسطينية (أراضي دولة فلسطين)، والإعلان عن الوجود العسكري والاستيطاني الإسرائيلي عدواناً سافراً على السيادة الوطنية، وتأكيد حق الدولة الفلسطينية وشعبها في الدفاع عن السيادة الوطنية على كامل أراضي الدولة بكل الأساليب والإمكانيات المتاحة.
3) التقدم من الأمم المتحدة، حسب الإجراءات الرسمية، بطلب الحماية الدولية لدولة فلسطين، أرضاً ومؤسسات وشعباً.
4) التقدم إلى مجلس الأمن بطلب العضوية العاملة لدولة فلسطين، استناداً إلى قرار الجمعية العامة 19/67 للعام 2012، بنيل العضوية المراقبة.
5) التقدم من الأمم المتحدة بطلب رسمي لعقد مؤتمر دولي تحت إشراف المنظمة الدولية، وبموجب قراراتها ذات الصلة، وبرعاية مباشرة من مجلس الأمن، لعقد مؤتمر دولي، ينهي الاحتلال الإسرائيلي لدولة فلسطين.
لا شك أن مثل هذه العناصر تحتاج إلى صياغات قانونية تستند إلى قرارات الشرعية الدولية، وإلى مبادئ القانون الدولي، الذي يكفل للشعوب حقها في تقرير مصيرها بنفسها على أرضها دون أية عوائق.
كما يحتاج كل هذا التوجه السياسي إلى ترتيب البيت الفلسطيني، بدءاً من الدعوة لحوار وطني لإنهاء الانقسام، وتشكيل مجلس وطني جامع، وانتخاب لجنة تنفيذية لا تكتفي بضبط اجتماعاتها فحسب، بل تتحمل مسؤولياتها الكاملة في إدارة الملفات السياسية، وكذلك توفير الغطاء السياسي للمقاومة الفلسطينية الباسلة في الدفاع عن سيادة الدولة الفلسطينية المستقلة، بما في ذلك القدس العاصمة.
كما يتطلب مثل هذا التحرك إعادة النظر بأوضاع الحكومة الفلسطينية ومهامها، إلى حين قيام حكومة دولة فلسطين المستقلة والمحررة من الاحتلال والاستيطان. إن حكومة تحت الاحتلال يعني أولاً وقبل كل شيء توفير عناصر الصمود والثبات للشعب الفلسطيني في مقاومته للاحتلال، وعدم الخوض في الشأن السياسي الذي يفترض أن يكون من مهام اللجنة التنفيذية، باعتبارها حكومة المنفى لدولة فلسطين.
هذا كله يفترض توفير آليات نضالية وفق استراتيجية توحد جبهات النضال بين الضفة والقطاع، ومناطق الـ 48 ومناطق الشتات، فمعركة إقامة الدولة الفلسطينية هي معركة الشعب الفلسطيني كله، وليست معركة مناطق الـ 67، وحدها كما هي معركة نضالية ميدانية، وهي في الوقت نفسه، معركة سياسية ودبلوماسية، ما يفترض إعادة النظر بالسلك الدبلوماسي الفلسطيني، لصالح تحريره من قبضة البيروقراطية والفساد، وتحويله إلى سلك دبلوماسي مقاوم، ترتبط مصالحه بمصالح القضية الفلسطينية بعيداً عن كل أشكال الامتيازات التي تجعل من السلك الدبلوماسي، فئة اجتماعية منفصلة عن الواقع الحياتي والاجتماعي للشعب الفلسطيني في الضفة، أو القطاع المحاصر، أو مخيمات اللجوء.
لذلك نفترض أن يسبق الإطلالة على المجتمع الدولي في الأمم المتحدة اجتماع اللجنة التنفيذية، تتخذ القرارات الملزمة يتلوها اجتماع قيادي فلسطيني يعلن نهاية مسار أوسلو لصالح المسار الجديد الذي أقره المجلسان الوطني والمركزي، والذي سيكون هو خطاب فلسطين إلى منبر الأمم المتحدة ■
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت