قبل بدء اللحظة الأولى من العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، باستهداف شقة سكنية ببرج فلسطين بحي الرمال وسط المدينة، كان ناهض فروخ (42 عاماً) يمارس مهنته في توصيل الطلبات إلى الزبائن بالقرب من مكان القصف.
لم يسلم فروخ من هذا الاستهداف الذي رمى به من مكان مرتفع إلى الأرض، ليفقد وعيه لمدة تزيد عن ستة ساعات، واستيقظ بعدها فاقداً القدرة على النطق والسمع.
تقول زوجة ناهض، انجي فروخ، إن زوجي كان قد استلم طلباً من شركة التوصيل، ومع وصوله إلى برج فلسطين، نزلت أول غارة إسرائيلية على شقة سكنية في البرج، وسقط زوجي من أعلى المكان إلى أسفله.
وذكرت أن بداية استيقاظ ناهض من الغيبوبة بعد إصابته، فقد النظر بشكل مؤقت، وسرعان ما عاد إليه مجدداً، دون السمع والنطق.
ويجتهد فروخ في التواصل مع أفراد عائلته حيث يخرج صوتاً خافتاً يكاد لا يفهم، ويلجأ أحياناً إلى الكتابة ليتمكنوا من التحاور، وفقاً لزوجته.
وأضافت "اختلفت حياتنا بشكل كامل بعد إصابة زوجي، فطريقة التواصل معه أصبحت صعبة للغاية، ويعاني من حالة نفسية سيئة تجعله يعيش اضطرابات مختلفة".
وأوضحت فروخ أن زوجها لم يستطع تقبل إصابته حتى اللحظة، فتارة ينام بعمق هرباً من الواقع، وتارة يبقى مستيقظاً يتنقل بين غرف المنزل محاولاً إصدار صوت من داخله ليعبر بشعوره.
وتابعت أن زوجها يعاني من صداع شديد ولا يستجيب جسده للمسكنات، ما يجعله يشعر بعجز كبير.
ولفتت فروخ إلى سوء وضعهم الاقتصادي بعد إصابة زوجها وتوقفه عن العمل، منوهة إلى أن نجلها ترك دراسته الجامعية ليعيل أسرته المكونة من 9 أفراد بدخل لا يتجاوز الـ 20 شيكل يومياً.
وأشارت إلى أن الأطباء أقرو بحالة زوجها، بأن العصب يعمل بشكل طبيعي في الدماغ، ويحتاج لعلاج نفسي ليتمكن من الشفاء بأسرع وقت ممكن.
وتطرقت فروخ إلى أن الأطباء أخبروها بحالات أخرى مشابهة لإصابة زوجها، وعادت لهم القدرة على السمع والنطق بعد عامين على الأقل من الإصابة بصدمات مختلفة.
ونوهت إلى أن زوجها بدأ بالعلاج النفسي، مشيرة إلى رفضه للعلاج في بداية الإصابة، واستصعاب تقبله لوضعه الحالي.
وبنبرة حزينة تقول فروخ "إن من حق الانسان العيش بسلام، لكننا في قطاع غزة نفتقد لهذا الحق، بسبب العدوان الإسرائيلي المتكرر على قطاع غزة".
وناشدت الجهات المسؤولة بضرورة التدخل العاجل للنظر في إمكانية علاج ناهض، أو توفير فرصة عمل له تمكنه من الاندماج مجدداً في المجتمع، خاصة أنه يعاني من وضع نفسي خطير للغاية.
وبدأ العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في الخامس من أغسطس الماضي بعد اغتيال إسرائيل للقائد العسكري في حركة الجهاد الإسلامي، تيسير الجعبري، في غارة جوية على شقة سكنية في برج فلسطين وسط مدينة غزة.
أسفر عن استشهاد 49 فلسطينياً من بينهم 15 طفلاً، وإصابة أكثر من 360 آخرين، قبل أن يتوقف العدوان بوساطة مصرية في ساعة متأخرة من ليل السابع من أغسطس الماضي.
ويصادف 21 أيلول/سبتمبر اليوم العالمي للسلام، الذي أعلنته الجمعية العامة للأمم المتحدة يوماً مكرّساً لتعزيز مُثل وقيم السلام في أوساط الأمم والشعوب وفيما بينها.