- بقلم علي بدوان
أثناء اجتيازي للدورة العسكرية، إبان خدمتي الإلزامية (في العسكرية) قبل نحو اربعة عقود، وبعد شهرٍ من بدء الدورة العسكرية، التي كان عنوانها اختصاص قائد فصيلة مشاة خاصة ميكانيكية ( ب م ب1)، تمهيداً لتخريجنا كضباط مجندين برتبة ملازم. بعد بدء شهر من تلك الدورة، ونحن في الكلية العسكرية للمشاة في ريف مدينة حلب، أن تعارفنا جميعاً على بعضنا البعض، رغم الأعداد الكبيرة.
في مهجعنا، في الكلية، كنّا خمسة فلسطينيين من أصل نحو اربعين طالب ضابط من جميع أنحاء سورية ومن كل المحافظات في المهجع إياه. وكانت المفاجأة لي بوجود طالب ضابط معنا في المهجع، يمتلك اللهجة المحلية لأهالي اللاذقية، وكنّا نعتقد بأنه (لاذقاني)، ليتبين لنا في حقيقة الأمر أنه فلسطيني/سوري، ومن مدينة يافا، نشأ وعاش مع أسرة والده وأعمامه في احياء مدينة اللاذقية. منذ لجوء عائلة اسكندراني الى سورية عام النكبة.
إنه الصديق زكي اسكندراني، مُدرس الرياضيات حالياً في مدرسة تابعة لوكالة (اونروا) في مخيم الرمل الفلسطيني في اللاذقية. ذاك المخيم الذي يعود مواطنيه من لاجىء فلسطين، وبشكلٍ رئيسي لمدينتي حيفا ويافا، وبعض القرى التابعة لهما، وقضاء عكا والناصرة. مثل قرى وبلدات : مثلث الكرمل في اجزم، وعين حوض، وعين غزال وجبع الساحل. وعتليت، والصرفند، وكفر لام، والطنطورة، وطيرة حيفا، والخيرية، والبروة (بلدة الشاعر محمود درويش)، وأم الفرج، والزيب، والياجور، والفريديس، وسنديانة، وعمقا، والنهر، وفراضية، ودبورية، واكسال … وهناك بضع عائلات فلسطينية من أبناء قطاع غزة.
معرفتي بالصديق زكي اسكندراني، قادتني لمعرفة عددٍ من افراد عائلته، ومنهم العميد الركن في الشرطة في سورية موسى اسكندراني، ومعرفة غير مباشرة بالدكتور (البروفيسور نمر محمود اسكندراني) ... الذي كان أحد قيادات حزب البعث العربي الاشتراكي، ومن الأجيال التي عملت في صفوف المقاومة الفلسطينية. وقد نال شهادة الثانوية العامة (البكالوريا، او التوجيهي كما نقول في فلسطين) في مدرسة التجهيز في اللاذقية (ثانوية الشهيد جول جمّال).
دخل نمر اسكندراني الى كلية الطب في جامعة دمشق، كأول طالب فلسطيني ينال المرتبة الأولى في الشهادة الثانوية العامة على مستوى سورية في الخمسينيات من القرن الماضي، واصبح في فترة من الفترات اوائل السبعينيات مديراً لمشفى دمشق الوطني (مشفى المجتهد). وتابع دراسته في الولايات المتحدة، واختص بالجراحة العصبية الدماغية، وذاع صيته هناك بالمستوى العلمي والمهني في جرحة الأعصاب.
أسس في نيوجرسي في الولايات المتحدة، الجمعية العربية التي ضمت نخبة من المغتربين العرب، واوكلت له العديد من المهام الطبية والسياسية في والولايات المتحدة، وسورية، وفي مخيمات وتجمعات الشتات الفلسطيني.
انتقل الى رحمته تعالي في 20/9/2022، وترك خلفه سمعة طيبة في كل مكان تواجد وعمل فيه.. وسارت ذريته على طريقه العملي، حيث الطبيبة لينا اسكندراني، وهنادي اسكندراني ... رحمه الله.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت