- بقلم علي بدوان
تالا، السنبلة الفلسطينية التي نبتت، وكبرت بمخيم اليرموك، وعندما تفتح وعيها، وجدت الغزاة يحتلون وطنها فلسطين، فتحوّلت من سنبلة مكتنزة الى رمحاً، فكانت في البدء بذرة، ثم سنبل’ حَمَلت سبع سنابل، وفي كل سنبلة مائة حبة، والله يضاعف لمن يشاء.
تالا، البذرة الفلسطينية السورية، التي تفتحت عيناها على دنيا الوجود في مخيم اليرموك بدمشق، من صلبٍ ضاربٍ للجذور عميقاً عميقاً في تربة فلسطين، وفي مدينة حيفا بالذات. فجائت الى الدنيا وجيناتها تحمل وبكثافة، عنوان الوطن السليب. تقرأ، وتتعلم، وتدرس، وتواصل التحصيل العالي من أجله. فالقلم والعلم أداة كفاحية راقية، ومتراس في سياق عملية وطنية مديدة تقودنا الى الوطن ... الى فلسطين ... وإن طال الزمن ... وازدادت العثرات...
تالا، المجتهدة، المواظبة، صاحبة العلامات المتميزة، في الشهادة الثانوية السورية العامة (البكالوريا) دورة العام 2019، وَجَدَت نفسها الآن على مقاعد ومدرجات كلية الهندسة الميكانيكية والكهربائية بجامعة دمشق، اختصاص طاقة والكترون. وتتابع طريقها للتخرج بعد لتحمل تلك الشهادة الراقية وعنوانها "بكالوريوس هندسة الطاقة والإلكترون" بمرتبة جيد جداً. وعلى طريق حياةٍ زاخرة بإذن الله، ووطنها في فؤادها ينبض معها، وبؤبؤ عيناها الجميلتان (الخضراوتان) يمتد في رؤية الأفق البعيد نحو وطنها، ومن أجل العدالة والإنسانية، والمحبة، والورد، والحرية ...
تالا، سليل عائلة فلسطينية لاجئة عام النكبة الى سورية (سورية : الشق الأخر من وطنها الواحد الموحّد في بلاد الشام)، ترعرت في مخيم اليرموك، وعاشت مع أتراب شعبها في مدارس (اونروا) مدرسة صبارين، ومدرسة نمرين قبل محنة مخيم اليرموك، عندما خرجت منه مرغمة مع أُسرتها، وعلى دوي قذائف المدافع، وخصوصاً، الهاونات (المورتر)، والقذائف الصاروخية، وازيز الرصاص، فحفرت كل تلك الوقائع أخاديد في جملتها الدماغية، من الصعب شطبها أو حذفها. لكنها وبالوعي، والمعرفة، والإكتناز اليومي لثقافة الإنسان، ترتقي نحو القيم العليا، وتتعلم مما لامسته، وعاشته، كما عاش شعبها العربي الفلسطيني كل تلك المحن التي هبطت، ومازالت تهبط عليه من حينً لأخر منذ ماقبل النكبة وحتى الآن.
تالا، في سورية ... وعائدة لفلسطين طال الزمن أم قصر. فالحلم الحق لايموت، ولايلغيه تجبّر ظالم...
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت