بوتن "القوة هي التي ستحدد المستقبل السياسي في العالم "

بقلم: علي ابوحبله

علي ابوحبله.webp
  •  المحامي علي ابوحبله

يجب التوقف عند تصريحات الرئيس الروسي بوتن حين ، أعلن أن مناطق لوغانسك ودونيتسك وزاباروجيا وخيرسون الأوكرانية باتت روسية، كما ندّد في خطاب مطوّل بما سماه سيطرة الغرب على النظام العالمي، وقال "القوة هي التي ستحدد المستقبل السياسي في العالم "

بينما أكد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي اتخاذ بلاده "خطوة حاسمة" ردا على الإجراء الروسي وشرع في تقديم طلب بلاده للانضمام لحلف الناتوا

العالم أمام مستجدات جديدة ضمن معادلات جديدة وتحالفات دوليه وإقليميه تنهي التحكم الأحادي الجانب للهيمنة الامريكيه

في خطوة تحدي  للنظام الدولي وفي مقدمتها أمريكا والغرب ، ، ألقى الرئيس الروسي بوتين خطابا مطولا أكد فيه أن ضم المناطق الأربع الجديدة للاتحاد الروسي يعبّر عن الإرادة الشعبية للملايين، وأنّ سكان تلك المناطق باتوا مواطنين روسيين إلى الأبد.

 

وحضّ الرئيس الروسي كييف على وقف جميع عملياتها العسكرية في أوكرانيا، وقال "ندعو نظام كييف إلى التوقف فورا عن القتال، ووقف جميع الأعمال العدائية.. والعودة إلى طاولة المفاوضات". وأضاف بوتين أن روسيا ستقوم بكل شيء للدفاع عن أراضيها، وعلى نظام كييف احترام ما وصفه بالإرادة الشعبية، مشددا على أن "القوة هي التي ستحدد المستقبل السياسي في العالم". وأشار في السياق نفسه أن الغرب يحاول تغيير أسس النمو في العالم، ويمنع المجتمعات من التطور بوسائلها ومن الدفاع عن سيادتها ، ورأى أن الغرب "تخلى عن قيم الأسرة"، وأوضح أن "المجتمع الروسي لن يتقبل التوجهات الغربية والأنماط السلوكية الشاذة".

 

الضم حقق للرئيس الروسي مكاسب على الصعيد الداخلي تمثلت بزيادة شعبيه بوتن وإعادة ثقة الروس بروسيا العظمى ، وإعادة أمجاد روسيا البيضاء بضم الأراضي التي يرونها ملكا لروسيا والعمل على تسويق الضم كانتصار مع اتساع مساحة البلاد وضم أقاليم جديدة غنية بالموارد الطبيعية، ولكن بفاتورة باهظة، حيث سيفرض الغرب عقوبات شديدة عليها ولن يعترف بها.

بوتن بعملية الضم يحقق مكاسب جيوسياسيه وتشير الإحصائيات إلى أن نحو 70 بالمائة من ثروات أوكرانيا تتركز في هذا الجزء من البلاد، فضلًا عن أنها تعد عقدة مهمة لشبكة المواصلات البرية والبحرية، التي تعبرها صادرات البلاد باتجاه البحر الأسود ومناطق الشرق الأوسط وغيرها.

أما منطقتا زابوريجيا وخيرسون، فتقعان داخل سهل أوروبا الشرقية، ولهما حدود مشتركة ، ولا بد من الإشارة إلى أن الضم الروسي للأقاليم الأربعة، "يعزز من دور موسكو في النزاع القائم ويؤكد صدق كلام بوتين وهو عدم التراجع عن فرض الأمن لروسيا بالقوة من خلال تقليم أظافر أوكرانيا".

ووفق ردود الافعال الامريكيه والغربيه على أعمال الضم فان "السيناريوهات المقبلة تبدو  ضبابيه وتعكس واقع مؤلم ، في ظل الخوف  من استخدام السلاح النووي أو اتساع رقعة الحرب وتدحرجها لتشمل دول أخرى  ، في ظل ضم روسيا مناطق يعتبرها الأوكرانيون ملكهم فلو شنوا عليها هجوما بعد عملية الاستفتاء فسيكونون قد شنوا حربا على أراض روسية وهو ما تحذر منه موسكو وتعتبره مبررا لاستخدام السلاح النووي".

لا تتعلق أزمة أوكرانيا بمجرد تعرض أمن دولة ذات سيادة للتهديد فحسب، بل هي معركة  كسر عظم من أجل فرض نظام عالمي جديد ينهي التحكم القطبي للهيمنة الامريكيه كقوه أحادية الجانب ، حيث الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يرتقي إلى مستوى التوقعات المتشائمة لصانعي السياسة والمحللين الغربيين.

 

أما على صعيد العلاقات الروسية مع الغرب، قال بوتين: "الغرب يسعى بكل طاقاته إلى الإبقاء على المنظومة الاستعمارية والاستمرار بالهيمنة على العالم"، مضيفا: "الغرب يسعى لتحويل روسيا إلى (مستعمرة)".

ونشر موقع "مودرن دبلوماسي" الأمريكي تقريرا، ترجمته "عربي21"، تحدث فيه عن ملامح النظام العالمي الجديد الذي سيبدأ مع الغزو الروسي لأوكرانيا، مقارنًا بين موقفي الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين، الذي يسعى إلى قلب النظام العالمي الحالي، على الأقل في ما يتعلق بهيكل الأمن في أوروبا والقارة بأكملها، بينما -على العكس- يفضل الرئيس الصيني، شي جين بينغ، ضمان مكانة الصين في النظام العالمي الحالي، الذي يطغى عليه هيمنة النفوذ الصيني، لكنه من خلال ذلك يطمس بشكل خطير الخطوط الفاصلة بين النظام العالمي الحالي والتغييرات الجذرية التي يمكن تطرأ عليه.

 

ويوضح الموقع أنه، حسب الرئيس وودرو ويلسون، إذا كانت الفترة التي أعقبت الحرب العالمية الأولى تهدف بالأساس "لجعل العالم آمنًا بهدف إرساء ديمقراطية"، فاليوم، يهدف بوتين "لجعل العالم آمنا" للحكام المستبدين"، حسب ما قال الكاتب جدعون رحمان في صحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية.

 

ويذكر أن ما يشترك فيه بوتين وشي ويتقاسمانه مع مجموعة مهمة من قادة العالم الآخرين، بما في ذلك ناريندرا مودي في الهند والرئيس المجري فيكتور أوربان، والرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، هو أنهم يفكرون من الناحية الحضارية وليس الوطنية، وبذلك، فإنهم يحددون حدود أممهم في إطار حضاري بدلا من  إطار قانوني معترف بها دوليًّا.

 

ويرى محللون ومراقبون  أنه من غير المرجح أن تُظهر العقوبات  التي تفرضها الولايات المتحدة وأوروبا بانهم  قادرون على منع بوتين من إقامة نظامه العالمي الجديد في دول الاتحاد السوفييتي السابق أو في الأراضي، التي يمكنه أن ينشئ فيها بؤرًا استيطانية مصطنعة للعالَم الروسي من خلال دعم تعليم اللغة الروسية، كما يحاول أن يفعل في جمهورية أفريقيا الوسطى، خاصة أن العقوبات أثبتت أنها مهما كانت قاسية فهي غير فعالة في فرض السياسة، إن لم يكن تغيير النظام، معطيًا مثلا بالعقوبات القاسية التي لم تجبر -حتى الآن- جمهورية إيران الإسلامية على الخضوع، فيما تعتبر روسيا في وضع أفضل لاستيعاب تأثير العقوبات.

أمريكا والغرب في مواجهة خطر مزدوج يتمثل في روسيا والصين فبعد خطوة ضم الاقاليم الاربعه ، بعث الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يوم السبت، برقية تهنئة لنظيره الصيني شي جين بينغ بمناسبة الذكرى الثالثة والسبعين لتأسيس جمهورية الصين الشعبية. ، وقال بوتين لنظيره الصيني: "تتطور العلاقات الروسية الصينية بشكل ديناميكي بروح الشراكة الشاملة والتعاون الاستراتيجي، وعلى الرغم من تعقيد الوضع الدولي، نتعاون بنجاح في مجموعة متنوعة من المجالات".

 

وأضاف بوتين: "يجب أن نوحد قوانا من أجل بناء نظام عالمي أكثر ديمقراطية وعدالة لمواجهة التهديدات والتحديات الحديثة"وتابع بوتين: "أود أن أؤكد استعدادنا لمواصلة الحوار والعمل المشترك الوثيق لصالح شعبين روسيا الاتحادية وجمهورية الصين الشعبية الصديقين"

وكما يبدوا من تحالفات روسيا مع شركائها ؟أن بوتن يسعى لترسيخ نظريته أن القوه هي التي ستحدد مصير النظام العالمي الجديد الذي سيترك انعكاساته على العالم اجمع وبخاصة في قارة اسيا وهي قلب الصراع بين القوى العظمى والتي تشكل منطقة الشرق الاوسط وجنوب شرق اسيا احد اهم محاور الصراع للعالم الدولي الجديد

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت