القدس أمانة في أعناقنا

بقلم: وفاء حميد

مستوطنون اسرائيليون يقتحمون المسجد الأقصى في القدس 4.jpg
  •     وفاء حميد
  • الصحفية الفلسطينية

 

واصل الشعب الفلسطيني نضاله طوال الـ 74 عاماً الماضية، مكافحاً من أجل نيل حقوقه الوطنية، ومن أجل عيش كريم في وطن مستقل يمارس سيادته على أرضه، بين مواجهات وتصدي لاحتلال قدر عليه، بدعم غربي وتطبيع عربي، فبات الفلسطينيون يواجهون سياسة عدوانية تتصاعد الهجمات الإسرائيلية يومياً، وأدت لارتقاء العديد من الشهداء وإصابة العديد من الجرحى، وأدى العنف الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية وما تتعرض له الأماكن المقدسة وبوجه خاص المسجد الأقصى إلى توتر متصاعد جراء دفاع الفلسطينيين عن حقوقهم الراسخة في القدس الشريف، وهي عاصمة قلب العالم الإسلامي فلسطين، وهي أحد المراكز الإسلامية الثلاثة بعد مكة المكرمة والمدينة المنورة، ففيها المسجد الأقصى قبلة الإسلام الأولى ومسرى النبي الكريم.

نشأت مدينة القدس منذ أكثر من 5000 سنة قبل الميلاد على يد اليبوسيون الذين سكنوها، وسميت «يبوس» نسبة لهم، كما سميت «أورسالم» نسبة إلى ملك اليبوسيين ملكي صادق الذي لقب بـ«لقب السلام».

إلى جانب القدس توجد في فلسطين الكثير من المدن التي تضم العديد من الآثار والمقدسات الإسلامية، وفي أقصى الجنوب من فلسطين حيث غزة كانت محط قوافل عرب الحجاز في تجارتهم إلى الشام، ومن هنا حظيت فلسطين ولا زال اهتمام العرب والمسلمين على مرّ العصور، فكانوا يدافعون عنها بالنفس والنفيس، لأنهم يعتقدون أن التفريط فيها هو تفريط في دينهم وعقيدتهم، وتعرض المسجد الأقصى لأعمال الحفر والتنقيب، من أجل العثور على ما يزعمون بأنه يثبت ملكيتهم للقدس والأراضي الفلسطينية، كما عملوا على ضم الجزء الشرقي وتوحيد القدس بشطريها، واتخذوا منها عاصمة لهم، وما تزال القدس مسرح صراع لانتزاع هويتها العربية، وتشهد القدس اليوم في الآونة الأخيرة تزايداً في حدّة المواجهات بين الفلسطينيين والاحتلال عقب اقتحام قطعان المستوطنين ساحات المسجد الأقصى، قبيل احتفالات رأس السنة العبرية، ما يسمى يوم «نفخ الشوفار» (البوق)، هو أحد أدوات الطقوس اليهودية، والذي يتكون من قرن كبش ينفخ فيه خلال عيد رأس السنة العبرية وقبله، وفي يوم «عيد الغفران» أيضاً، ويرمز النفخ إلى التعجيل بمجيء «المخلص المنتظر» في آخر الزمان، ويشير نفخ البوق داخل «الأقصى» لاستعجال قدوم المخلص، ويعدُّ شكلاً من أشكال السيادة اليهودية عليه، كون النفخ بالبوق يمثل إعلان الانتصار بالحروب والسيادة على الأرض، وفرض الاحتلال إغلاق الحرم الإبراهيمي وسط حماية مشددة للمستوطنين من شرطة الاحتلال الإسرائيلي، لتأديتهم طقوسهم التلمودية في ساحات الحرم، مع إجراءات مشددة على دخول وخروج الفلسطينيين من وإلى المسجد الأقصى، وفرض تضييقات على الأهالي، واعتدوا على المرابطين وأصابوا المئات منهم.

وأضاءت بلدية الاحتلال سور القدس التاريخي برسومات وشعارات تلمودية، واقتحموا الأحياء وأطلقوا قنابل الغاز المسيلة للدموع وقنابل الصوت، وحذّر مفتي القدس والديار الفلسطينية الشيخ محمد حسين؛ من اقتحامات المستوطنين المتصاعد لباحات المسجد الأقصى المبارك بالقدس الشرقية المحتلة، وأكد أنها محاولات لخلق واقع جديد وتغيير الوضع التاريخي والقانون القائم في المسجد، ورغم تكرار عمليات الاقتحام المتكررة يتصدى المرابطون في المسجد الأقصى من رجال ونساء في كل مرة لهذه الهجمات، صامدين في وجه آلة الاحتلال العسكرية وفي وجه ممارسات المستوطنين، الذين تخطوا حدود استباحة الأماكن المقدسة الإسلامية، ويدنسون مقدسات أصحاب الأرض بحراسة قواتهم المدججة بالأسلحة، ويمنعون سكان القدس وفلسطين الداخل، من دخول باحات المسجد الأقصى، والقيام بمهمتهم الأولى حماية أولى القبلتين، وثالث الحرمين الشريفين، وما زال الاحتلال يواصل انتهاكاته، وما زال الأهالي يتصدون ويرابطون والقدس تستغيث فهل من مجيب؟! ...

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت