تقدير موقف : استمرار وتواصل الاضطرابات في القدس بلا توقف يكشف عن المستفيدون من التصعيد إسرائيليا

بقلم: معتز خليل

مواجهات بين المتظاهرين الفلسطينيين وقوات الاحتلال الإسرائيلي في البلدة القديمة بالخليل 55.jpg
  • معتز خليل

اندلعت أعمال شغب غير عادية واضطرابات خطيرة خلال الساعات الأخيرة في شرق القدس من قبل مراهقين فلسطينيين بعد عدة اشتباكات بين الفلسطينيين والإسرائيليين هذا الأسبوع في الضفة الغربية.
في ذروة كل هذا أمر وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي حاييم برليف بتعزيز عناصر الشرطة في القدس بأربع سرايا إضافية من قوات الاحتياط ، وفي هذا الصدد تم إرسال عدد من الوحدات من قوات الاحتلال إلى القدس خلال الساعات الماضية، خاصة مع ورود انباء تشير إلى قطع الطرق السريعة الرئيسية في الضفة الغربية والقرى الفلسطينية على يد عناصر المقاومة.
ما الذي جري :
تصاعدت وبقوة تداعيات الأزمة الأمنية في الأراضي الفلسطينية بصورة في منتهى الدقة خاصة مع بروز عدد من الجماعات المسلحة على الساحة بداية من جماعة عرين الأسود ثم جماعة كتيبة جنين أو غيرها من الجماعات المسلحة الساعية دوما إلى التصدي لسياسات الاحتلال ، ومع الشعبية الكبيرة التي اكتسبتها هذه الجماعات بات الموضوع والقضية دقيقة بالفعل في ظل التطورات الميدانية التي تعيشها الأراضي الفلسطينية.  
وخلال الساعات الأخيرة تم اعتقال عدد من سكان القدس الشرقية ، ومع هذا أيضا وقعت اشتباكات في عدد من المناطق بالضفة الغربية بما في ذلك في حوارة جنوبي نابلس.
ومع تفاقم العنف تصاعدت وبقوة الشعبية المتزايدة بين الفلسطينيين على وسائل التواصل الاجتماعي لمجموعة "عرين الأسود" ، هذه المجموعة التي تم تشكيلها حديثًا من المسلحين من نابلس القصبة الذين يبدو أنهم غير مرتبطين سياسيًا بحماس أو فتح ، وهو ما يزيد من دقة هذه الجماعة.
تغير ملحوظ:
ومع هذا التصعيد بات واضحا دخول ومشاركة عدد كبير من المستوطنين في الاشتباكات ، وهي المشاركة التي تأتي عقب سماح قوات الأمن الإسرائيلية للمستوطنين بحمل السلاح للدفاع عن انفسهم.
تزامن:
التصعيد يأتي تزامنا مع ثلاث نقاط مركزية :
1-    نشر الأجهزة الأمنية الإسرائيلية لتقرير يشير إلى نجاحها في اعتقال خلية تابعة لحركة حماس ، وهي الخلية المكونة من أربعة أفراد، وبحسب جهاز الأمن العام (الشاباك) ، فإن الخلية كانت بقيادة بلال بشارات ، وهو ناشط حماس المتمركز في قطاع غزة والذي أطلق سراحه في صفقة شاليط.
2-    توقيع رئيس المكتب السياسي لحركة حماس ، إسماعيل هنية ، على اتفاق مصالحة فلسطينية مع ممثل فتح عزام الأحمد في الجزائر.
3-     أثناء وجوده في كازاخستان التقى رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس بالرئيس الروسي بوتين ، وهو اللقاء الذي حرص فيه الرئيس الفلسطيني محمود عباس على إرسال رسالة سياسيه على هامشه تشير إلى عدم رضا السلطة الفلسطينية بالنهج الأمريكي في التسوية وانها تقبل وتراهن على الدور الروسي في هذه المسيرة.
خلافات إسرائيلية:  
في أي تصعيد علمنا التاريخ الإسرائيلي ان هناك من يستفيد منه ، سواء على الصعيد العسكري او السياسي.
عسكريا هناك خلاف استراتيجي تاريخي دوما ما تكشفه لنا إسرائيل ، يتجلى في أن أي تصعيد داخلي يتجلى وينعكس دوما على قوة الجبهة الداخلية على حساب الجبهات الأخرى ، وهو ما يثير دوما الخلافات والانتقادات بين القيادات العسكرية خاصة مع التهديد المستمر بالخطر العسكري في الجبهة الشمالية ، والتهديد الكامن بنفس الخطر في الجبهة الجنوبية.
وبالتالي بات من الواضح ان هناك أطراف عسكرية تستفيد وبقوة في إسرائيل من هذا التصعيد ، لتلبي احتياجات أمنية لها ، او يتم اعتماد الميزانيات المالية لها دون بقية الوحدات الأخرى.
سياسيا ، لم يتوقف عند هذا الحد ، حيث ارتفعت شعبية الكثير من الساسة اليمينيين ، ومنهم السياسي اليميني المتشدد إيتمار بن غفير ، والذي تصفه الدوائر الإسرائيلية بصاحب القدرة الأبرز على الاستفادة من مخاوف الناس بشأن الافتقار إلى الأمن الشخصي.
وبالمثل ، اتهم زعيم المعارضة نتنياهو الحكومة بفقدان السيطرة على القدس وشمال الضفة الغربية ، وهو ما أدى إلى ارتفاع شعبية نتنياهو بقوة على الساحة السياسية.  
المستوطنون:
غير ان ابرز الفئات التي تحقق الاستفادة الآن على ارض الواقع كانت المستوطنون ، حيث تتزايد المخاوف الفلسطينية في هذه الأوقات، من تمرير مشاريع استيطانية خطيرة، من قبل حكومة تصريف الأعمال الإسرائيلية، مع اقتراب عقد الانتخابات البرلمانية “الكنيست” المقررة مطلع الشهر القادم، خاصة بعد مصادقتها قبل نحو أسبوعين من تنظيم الانتخابات، على صرف مساعدة مالية كبيرة للمستوطنات.
وعلى غرار المرات السابقة التي جرت فيها الانتخابات (أربع مرات خلال ثلاثة أعوام)، يلجأ قادة الائتلاف الحكومي ودوائرهم الحكومية المختصة، على تمرير مشاريع استيطانية بشكل استثنائي، من أجل كسب ود المستوطنين، فيما يقدم قادة المعارضة تعهدات انتخابية تقر في الدعاية المقدمة للجمهور الإسرائيلي، لتنفيذ مشاريع استيطانية خطيرة، في حال الفوز، وفي هذا الوقت تزداد المخاوف الفلسطينية، من لجوء قادة تل أبيب إلى شرعنة بعض البؤر الاستيطانية، ومصادرة مزيد من الأراضي الفلسطينية.
وكشف النقاب عن تحويل وزارة المالية الإسرائيلية عشرات ملايين الشواقل لدعم مستوطنات الضفة الغربية، في ظل استمرار موجة العمليات وزيادة المقاومة المسلحة والشعبية.
وقامت وزارة المالية الإسرائيلية التي بتحويل 100 مليون شيكل (الدولار الأمريكي يساوي 3.55 شيكل) الأسبوع الماضي لصالح دعم المستوطنات في الضفة، وهو ما يشكل ارتفاعًا بنسبة 25% في الدعم الذي كان سائد في السنوات السابقة.
توقع استراتيجي:
ومع الحفاظ على الهدوء في قطاع غزة ، واصل قادة حماس تشجيع الهجمات المسلحة من الضفة الغربية ، في الوقت الذي حافظوا فيه على التهدئة في عموم قطاع غزة ، وباتت الضفة الغربية على حافة بركان ثائر لا يتوقف.
ومن هنا وفي ظل المعطيات السياسية الحالية بات من الواضح أن التصعيد سيستمر ويتواصل بلا توقف الآن ، خاصة مع مواصلة الاحتلال لسياساته ، وسعي الشباب الفلسطيني للتصدي لهذه السياسات.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت