أوروبا تتنفس العنصرية في ظل ازمتها...

بقلم: عبد الرحمن سعيدي

الشرطة الأوكرانية تؤخر ركوب طفلة أفريقية ووالدها القطار للفرار من أوكرانيا، وتعطي الأولوية للسكان البيض (تويتر).jpg
  • بقلم : عبد الرحمن سعيدي كاتب جزائري سياسي- برلماني سابق


ظلت أوروبا طيلة سنوات وهي  تسوق لنا صورة الديموقراطية وحقوق الإنسان والحرية  والأبعاد الحضارية لثقافتها واقتصادها  وهي تعيش الرفاهية والرخاء في العيش والتطور والرقي داخل مجتمعاتها و لكنها في المنعرجات الصعبة تتجلى من خلال هذه الصور المزيفة والمسوقة  حقيقة العنصرية والكراهية  التى تسكنها وتسترجع الذهنية الاستعمارية بأبشع


 صورها والفاظها في مواقفها وسياستها.

 
أوروبا تجدها  تهددنا باحزابها الشعبوية العنصرية  والمتطرفة التي تتداول على سدة الحكم من حين إلى آخر في بعض دولها كما حدث مؤخرا بإيطاليا .


  وفي الوقت نفسه يخرج علينا  أصحاب القرار الأوروبي بأنهم يحاربون و يمنعون هذه التهديدات عنا  بالتزامهم بالديموقراطية ونسقط نحن في عمليات الفرز والإختيار بين القبيح والمليح والحقيقة هي عملة واحدة بوجهين.


ولكن عندما تدخل أوروبا في نفق مظلم وكالح كما هي عليه اليوم من جراء ابعاد الحرب على أوكرانيا  و يكتسيها شبح الفقر والضيق والاضطرابات الاجتماعية  والانهيار الاقتصادي واهتزاز العملة النقدية وترتفع الاسعار إلى حد لا يطاق والتى بدأت تظهر في ألمانيا وفرنسا ومولدوفا وإيطاليا والقائمة مفتوحة لكل الدول الأوروبية دون استثناء


 تخرج أوروبا عن صورها الجميلة بصورتها  الحقيقية للاسف حيث تخرج من أفواه سياسيها ومسؤوليها في المؤسسات الرسمية  ومن يملكون زمام القرار الأوروبي سواء في الاتحاد الأوروبي أو حلف الناتو صورة العنصرية والكراهية  .


الأوروبيون مع تهاوي اقتصادهم وضعفهم أمام روسيا وتحالف الشرق من دول كبيرة كالصين والهند  مع روسيا
ويجدون الدول العربية اتجهت أغلبها إلى الحياد في الصراع القائم خاصة في التصويت داخل المؤسسات الاممية والدول العربية أغلبها ينعم بشيء من الاستقرار في المعيشة والاقتصاد.


ويملكون بعضا من مصادر الثروة ولا يريدون أن يخسروا هذه الثروة بالانحياز والتحالف مع الغرب الأوروبي الأمريكي
وخاصة أن لغة التهديد حبلها ضعيف لا تقوى على تغيير المعادلات الدولية التي تفرضها الحرب  والتأثير في القرار العربي كما حدث مؤخرا في عمليات تخفيض الإنتاج وامريكا تطالب رفع الإنتاج من دول عربية حليفتها كالمملكة السعودية  ولم تفلح .


امريكا تستغل الحرب في اوكرانيا وتثقل كاهل أوروبا وجعلتها حلبة صراع مع روسيا  عوض أن يتجه الناتو والاتحاد الأوروبي إلى مصدر اتعابه وشقائه وهو الولاء المفرط والتبعية لأمريكا ويستقل عنها ويتحرر منها  ولا يلتزم بتجسيد العقوبات تجاه روسيا وهي مصدر رفاه الأوروبيين في الطاقة والغذاء وغيرها .


تجد الاتحاد الأوروبي يتجه صوب العرب وباقي الدول ويصفها المفوض السامي للشؤون الخارجية والأمنية  الاسباني جوزيف بوريل  بأن أوروبا حديقة يحرص البستانيين على سلامتها ويعملون على تحصينها من الادغال التي تحيط بها .


يقصد أن أوروبا حديقة وباقي الدول منها العربية ادغال غابة
وهذا يدل على العنصرية والكراهية
وان أوروبا تنعم بالحضارة والرقي وعلى البستانيين فيها  أن يتوجهوا نحو الادغال ويتأقلموا معها هناك والا قامت الادغال بسرعة نموها  بغزو أوروبا
 ويقصد بالبستانيين حلف  الناتو القوة العسكرية والأمنية الأوروبية


 و هم من يقوموا بحماية أوروبا الحديقة عالية الأسوار كما عبر  عنها في تصريح له عند افتتاح السنة الأكاديمية للدبلوماسية الأوروبية الجديدة .


وما نطق به جوزيب بوريل المفوض العالي للشؤون الخارجية والأمنية الاسباني  في الاتحاد الأوروبي يفكر به اغلب أصحاب القرار الأوروبي في الخفاء أو الخلفية .


سنشهد في الأيام القادمة  اتحادا اوروبيا أكثر وقاحة وعدوانا على باقي الدول خاصة الدول العربية
والقمة العربية القادمة في شهر نوفمبر بالجزائر هي فرصة للقادة والزعماء  العرب في توحيد وثائقهم وتصوراتهم ومواقفهم من كل الملفات منها الملف الفلسطيني خاصة بعد مؤتمر لم الشمل الصف الفلسطيني بالجزائر ونجاحه  وزيارة الرئيس عباس لروسيا في لقائه مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين  


وشكواه من امريكا المتحيزة للكيان الصهيوني وأنها لا تساهم في صنع السلام  والتحولات المرتقبة في موازين القوى العالمية والجيوسياسية وبداية ظهور معالم نظام عالمي متعدد الأقطاب  وملف الطاقة سواء في لبنان و دول عربية  منتجة للنفط والغاز بالاوبك بلس  وملف فك النزاعات في اليمن وليبيا ودعم


 استقرار سوريا وعودتها للحضن العربي وعلاقات مستقرة مع إيران وتركيا في المنطقة العربية وشرق الأوسط  بحكم ادوارهما وتأثيراتهما وملف التنمية والغذاء والاكتفاء الذاتي والتعاون التجاري بين العرب وفتح ملف الاستثمارات العربية العربية وارجاع الجامعة العربية إلى التوازنات الهيئات والمؤسسات الاممية ودعم مشروع إصلاح الجامعة وفق التطورات والتحولات الأخيرة .


ان رياح التغيير قد هبت على  العالم
على الدول العربية التموقع المناسب لهم وللقضية الفلسطينية
وأوروبا تعيش حاليا  عواصف قبل عواصف الشتاء  .

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت