- بقلم: سعيدي عبدالرحمن
- كاتب جزائري- برلماني سابق وسياسي-
المتتبع للمقاومة الشعبية في الضفة الغربية يدرك أننا مع مقاومة شعبية متعددة الاشكال والطرق والأساليب..
الضفة الغربية بموجب اتفاقية أوسلو التي تمت عام 1993 صارت مقيدة ومرتبطة ارتباطا وثيقا بالأمن الصهيوني حيث التنسيق الأمني يعمل على إسقاط كل محاولات زعزعة استقرار الكيان الإسرائيلي ونبذه العنف والإرهاب.
وتم خنق كل مبادرات شق وتمزيق التنسيق الأمني والتعاون مع الكيان الصهيوني حتى صار الفلسطينيون يخشون القوات الأمنية للسلطة الفلسطينية أكثر من خشيتهم من القوات الأمنية والعسكرية الصهيونية وشكل التنسيق الأمني درعا وجدارا يحمي الكيان الإسرائيلي من كل الأخطار .
في ظل هذه الظروف نشأ جيل وهو يرى مقاومة المحتل ودحره في قطاع غزة حيث تشكلت فيه حالة تسوية الرعب بالرعب والكيان تجده يفكر الف مرة قبل أن يهجم على قطاع غزة
وصار هذا الجيل في الضفة الغربية ينتظر النصرة من غزة كما حدث مؤخرا مع سيف القدس لما تم الاعتداء وطرد الفلسطينيين من مساكنهم بحارة الشيخ الجراح بالقدس الشريف
أدرك هذا الجيل الضفوي أن لا سبيل لهم إلا تشكيل حالة نوعية في المقاومة الشعبية بحمل السلاح ومواجهة المحتل وكسر شوكة التنسيق الأمني الذي يشكل عبئا وغبنا وتضييقا علي الاحرار والرافضين للحكم الذاتي المهين والصوري والذي لم يحقق دولة ولا كرامة ولا عيشا كريما لهذا الجيل الذي انهكته الظروف الاجتماعية القاسية .
اعتمدت المقاومة الشعبية الرد على العدوان الصهيوني مع كل استفزاز ومنعته من الأستفراد بالمناطق الفلسطينية في الضفة الغربية فظهرت كتائب وسرايا وحالة فردية حرة مثل حالة الشهيد التميمي المقاتلة ولها تسميات مختلفة منها جماعة عرين الاسود
وسيجت مدن بالحماية والدفاع الذاتي مثل مدن جنين ونابلس والقدس الشريف والخليل وطول كرم والقري والمخيمات حيث عجز التنسيق على فرض سلطته عليها وغيرها من المدن ...
بل تجاوزت العمليات حدود الضفة ذلك إلى أرض فلسطين الداخل
ما يميز هذا الجيل أنه حالة اجتماعية عاشت في كنف تطبيق اتفاقية أوسلو وبناء الجدار العازل ومطاردة السلطة من خلال التنسيق الأمني للمناضلين والاحرار طيلة ثلاثين سنة وكل ذلك شكل حالة تمرد وانفصال و أخذ زمام المبادرة وقلب الموازين بإظهار نوعية جديدة من المقاومة الشعبية دون ارتباط بما هو قائم من مقاومة في القطاع.
هذا الجيل وضع نصب عينيه مقاومة الاحتلال وطرده خارج منطقته وشل حركية التنسيق الأمني وابطال مفعوله في كثير من حالات ويشهد تصعيدا مع مرور الأيام .
ووجد الكيان الإسرائيلي صعوبة في ضبط أمر الأمن في الضفة الغربية وصار مهددا بالعمليات النوعية وتتكاثر مع كل محاولات اقتحام واصيبت منظومته العسكرية والأمنية بخلل وأصبحت الضفة الغربية تشكل مصدر قلق وإحراج
خاصة أن ضربة التميمي حيث ظل مختفي أكثر من عشرة أيام ولم تستطيع الأجهزة الأمنية الصهيونية تعقبه وقوة الاحتضان الشعبي له منع التنسيق الأمني الوصول إليه..
حتى ظهر في عملية أخرى واستشهد فيها لآخر رمق من حياته وسجل رمزية قوية للشباب الذين تشبهوا بمظهره الخارجي بحلق رؤوسهم مثله
وهو قدوة لهذا الجيل الذي حمل على عاتقه السلاح دون استشارة الآخرين أو الارتباط بهم.
فالكيان الإسرائيلي ضاق ذرعا من حالة اللامن واللاستقرار في الضفة الغربية وتعقدت أموره السياسية بشكل سريع
وبالمناسبة هذا الجيل غير متابع أمنيا من قبل الأجهزة الأمنية وليست له سوابق قضائية أو سبق له انخراط في صفوف المقاومة أو النضال السياسي العام
فكل من استشهد في هذه الفترة في جنين ونابلس والقدس وغيرها من المناطق سجل اسمه في الخالدين ورسم طريقا للمستقبل في ظل الكيان الإسرائيلي لمحاربته.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت