بالقرب من السياج الفاصل بين غزة وإسرائيل، تتراكم تلال من البطاريات القديمة في ساحة للخردة، وهي أحد بضعة مواقع تم تخصيصها لتخفيف آثار التداعيات البيئية لانقطاع التيار الكهربائي الذي بات من سمات الحياة اليومية في القطاع.
تأتي البطاريات، التي توضع في أماكن مفتوحة وتفقد فعاليتها ببطء، من منظومات الطاقة الشمسية ووحدات تخزين الكهرباء تحسبا لانقطاع التيار، وهي من الحلول البديلة المكلفة التي يلجأ إليها سكان غزة عندما يبدأ انقطاع التيار الكهربائي.
ولتقليل تأثير آلاف الأطنان من البطاريات القديمة التي تراكمت بعد 15 عاما من الحصار، خصص مسؤولو البيئة خمسة مواقع تخزين بعيدا عن المناطق المكتظة بالسكان.
لكن تسرب بعض الملوثات أمر لا مفر منه، مما يزيد من المشاكل المتفاقمة في القطاع، حيث يعيش نحو 2.3 مليون نسمة في منطقة ساحلية ضيقة تحاصرها إسرائيل وتفرض عليها مصر ضوابط حدودية منذ عام 2007.
وقال أحمد المناعمة، من سلطة المياه وجودة البيئة "وجود البطاريات في أماكن قريبة من البيئة يؤثر ويشكل خطرا... هناك احتمال وصول جزء من الرصاص إلى مصادر مياه الشرب وخطر تطاير غبار البطاريات وتلوث للنباتات والأشجار والتربة أيضا".
ومع ذلك، بالنسبة لتجار الخردة المبتكرين باستمرار في القطاع، فإنها تشكل فرصة، ويجوب جامعو القمامة الشوارع بعربات الجر (الكارو)، ويشترون البطاريات القديمة أو يلتقطونها من مقالب النفايات لإعادة بيعها وإعادة تدويرها.
وقال عامل في ساحة للخردة زارته رويترز رفض ذكر اسمه "احنا بنشتري البطاريات من الناس اللي بيجمعوها من الشوارع، سواء بيشتروها من الناس أو بيلموها من النفايات".
ومع الحظر الإسرائيلي على استيراد المواد الكيميائية التي يمكن استخدامها في تصنيع الأسلحة، مما يجعل تشغيل مرافق إعادة تدويرها في غزة غير قابل للتنفيذ، يتم بيع معظم البطاريات القديمة للتجار الذين يعدونها للتصدير.
بدائل عالية التكلفة ومسببة للتلوث
منذ أن فتحت مصر حدودها أمام صادرات البطاريات المستهلكة من غزة هذا العام، تم شحن نحو أربعة آلاف طن منها.
لكن المناعمة قال إنه لا يزال هناك حوالي عشرة آلاف طن، ومن غير المرجح حل الأزمة مع استمرار مشكلات الكهرباء المزمنة.
وتولد محطة الطاقة الوحيدة في القطاع نحو 60 ميجاوات في اليوم، مع الحصول على 120 ميجاوات إضافية من إسرائيل، وهو ما يقل كثيرا عن الطلب المقدر بنحو 500 ميجاوات.
ولتعويض النقص، تم توزيع نحو 165 مولدا عملاقا يعمل بالديزل في أنحاء القطاع، مما يوفر كهرباء احتياطية عالية التكلفة للقادرين على تحملها ويفاقم مشكلة تلوث الهواء. ويمتلك العديد من السكان مولداتهم الصغيرة أيضا.
ويقدر محمد ثابت، مدير العلاقات العامة والإعلام في شركة توزيع الكهرباء، ما أنفقه السكان على موارد الطاقة البديلة منذ عام 2006 بنحو ملياري دولار.
وقال لرويترز "بلا شك أن هذه البدائل في غالبها هي بدائل ضارة في البيئة، هذا الأمر أدى إلى كثير من الإصابات والوفيات وخسائر في المملكات في السنوات الطويلة الماضية".
ويوفر اتفاق مبدئي أُبرم في الآونة الأخيرة مع مصر بشأن استغلال حقل غاز بحري بعض الأمل في الحصول على طاقة بتكلفة أقل في المستقبل، ولكن حتى هذا الحين، سيتعين على معظم الناس الاستمرار في تدبير حلول بأنفسهم.
وقال منير أبو علي، وهو من سكان مخيم الشاطئ للاجئين في غزة وتستخدم أسرته المكونة من سبعة أفراد بطاريتين بقدرة 18 أمبير للإضاءة "أحيانا بنضوي (فلاش) الجوال... بيكون كُحُل (عتمة) أغلب الوقت".