- بقلم سعيدي عبدالرحمن
- كاتب جزائري- برلماني سابق وسياسي-
أكثر من سنتين لم تعقد القمة العربية للقادة والرؤساء والملوك وتذرعت الأمانة العامة للجامعة العربية وقتها بالوباء كوفيد 19 وحالة الاضطراب في تلك الفترة وتعطلت ظروف الحياة العادية وهي حقيقة وبعد عودة الأمور إلى نصابها وأحوالها العادية وزال الضرر انبرت الجزائر إلى عقد قمة القادة والرؤساء والملوك العرب بعاصمتها
والجمهورية الجزائر لما تمثله من ثقل عربي وإقليمية وبحكم علاقاتها في كل الاتجاهات....
وعدم تدخلها في الأزمات العربية وشؤونها الداخلية خاصة في مرحلة الربيع العربي حيث أحدث انكسارات في الصف العربي خلخل التوازنات وأحدث تشابكا بين الدول العربية ومصالحهم واختلفت مواقفهم وتباينت مما وسع الهوة والخلاف بينهم إلى درجة استحالة اللقاءات بين زعماء العرب .
والجزائر موجودة في احسن رواق سياسي وديبلوماسي لجمع شمل العرب .
وتأجل موعد القمة العربية مرتين حتى ترسم في مطلع شهر نوفمبر الحالي
وانطلقت الجزائر في سلسلة من المشاورات والزيارات إلى أبرز العواصم العربية وتحركت ديبلوماسيتها في ثلاث اتجاهات الاتجاه الأول
هو إقناع قادة العرب بضرورة اللقاء وانعقاد القمة وحضورها ..
و الاتجاه الثاني هو حلحلة المسائل الخلافية والتركيز على أبرز ما يجمع العرب وتجنب ما يفرقهم ومنها الخلافات البينية ووضع إطار لحسم هذه الخلافات..
الاتجاه الثالث التركيز على موقع الدول العربية في خريطة العالم من جراء تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية وان العرب ليس بمقدورهم مواجهة هذه التداعيات اقتصاديا وسياسيا وديبلوماسيا بصف مفرق ومختل ومهتز تتجاذبه الأطراف الدولية ويعمق فيهم ضياع الموقف العربي.
وظهرت مؤشرات الحاجة لموقف موحد ورؤية منسجمة لما فرضت أمريكا وأوروبا العقوبات على روسيا حيث كان الحياد والامتناع هو سيد الموقف للعرب
وهذا يساعد على بلورة تصور مستقبلي للموقع العربي في هذا النزاع العالمي...
والجزائر تفطنت وأدركت ضرورة هذا الاتجاه وعملت عليه بعمق وكثافة وتركيز
وما زاد من سحب مبررات الغياب والفشل هو اعتذار دولة سوريا على المشاركة في القمة العربية وتركت المشاركة لظروف أخرى ومهدت الطريق لسحب سبب امتناع بعض الأطراف عن حضور القمة العربية والجزائر كانت حريصة على حضور سوريا.
وسوريا رفعت الحرج عن الجزائر لكي تنجح في مهمته وهي تعلم جيدا موقف الجزائر من مشاركة سوريا كان موقف السوري حكيما و ذكيا وأمد القمة العربية بأحد عوامل النجاح
فصارت تأكيدات حضور القمة من طرف زعماء العرب وقادتهم هي الأصل والغياب عنها هو الاستثناء ...
مما جعل ولي العهد السعودي يعتذر عن الحضور ويتأسف بسبب وضعه الصحي وصدر
بيان من الديوان الملكي بهذا حيث قدم البيان تقرير طبي عن الحالة المرضية وهذا لم يحدث من قبل عندما يغيب مسؤول عربي يكتفي بالاعتذار و البيان
الإعلامي عن الغياب دون تفصيل وشرح السبب .
وما وقع من ولي العهد يؤشر على أهمية القمة والغياب يشكل احراج كبير للغائب وهذا لم يمنع من تأييد للسعودية للقمة قبل انعقادها وما تفرزه
وهذا ما فعله امير البحرين في لقائه مع امير سلطنة عمان اللذان عبرا في بيان لهما بعد الزيارة على تمنياتهما نجاح القمة
العربية المهمة وأنها فرصة للعرب لتوحيد الموقف قبل القمة وهذا يؤكد على مكانة وأهمية القمة والجزائر كسبت رهان القمة كقيمة سياسية إقليمية في العالم قبل انعقادها في هذه المرحلة .
أما غياب الرئيس اللبناني ميشال عون هو بسبب الانتخابات الرئاسية في المجلس التشريعي تتزامن مع موعد القمة ونهاية عهده وهم سيعقدون دورة برلمانية الخامسة للفصل في موضوع الرئيس القادم للبنان .
واستطاعت الجزائر أن تجعل موضوع فلسطين كنقطة مركزية في جدول أعمال القمة بعد لم الشمل الفلسطيني وتحرير وثيقة توافق وخريطة طريق في بيان الجزائر
بالعاصمة الجزائرية ستدخل هذه الوثيقة إلى القمة العربية بثقل فلسطيني اجتمعت عليه كل الفصائل الفلسطينية وموافقة السلطة الفلسطينية ولا يبقى هناك التماس الأعذار بسبب وجود الانقسام الفلسطيني .
والجزائر عملت بجهد واضح ونية صادقة وبحيادية مطلقة من أجل جمع شمل العرب
حتى التوتر بين الجزائر والمملكة المغربية استطاعت الجزائر مع أن العلاقة مقطوعة و تجاوزت ذلك من أجل لم شمل العربي وارسلت
إلى المغرب وزير العدل الجزائري وقدم للملك دعوة رسمية من خلال وزير الخارجية المغربي الذي استقبله والملك غائب عن مملكته بسبب تواجده بالخارج.
فالجزائر استطاعت أن توفر للعرب كل شروط النجاح والاجتماع بإبطال مفعول الفشل
رغم كل محاولات إفساد القمة بالاشاعات والحملات المختلفة من الإعلام والمواقع الإلكترونية المتنوعة ومحاولة توتير العلاقات.
وقام الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون والديبلوماسية الجزائرية بجهود كبيرة وحكيمة لضبط ساعة القمة ونجاحها وقد أكد الأمين العام للجامعة العربية
ابوالغيط لما زار الجزائر للمرة الثانية " أن الجزائر نجحت في توفير شروط القمة العربية ونجاحها "
ويبقى على العرب تجاوز التحديات وإثبات الجدارة .
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت