تشهد إسرائيل في الأول من نوفمبر تشرين الثاني خامس انتخابات في أقل من أربع سنوات، ويسعى رئيس الوزراء السابق بنيامين نتنياهو من خلالها للعودة للحكم.
ودخلت إسرائيل دائرة مفرغة من الانتخابات منذ عام 2019، وهو نفس العام الذي شهد توجيه لائحة لنتنياهو تتضمن اتهامات بالفساد، رغم نفيه لها. ويأمل الناخبون هذه المرة في كسر حالة الجمود بين السياسي الأكثر هيمنة في جيله ومنافسيه الكثيرين.
هل سيفوز نتنياهو؟
غير واضح. فاستطلاعات الرأي تظهر أن النصر الكاسح لن يكون من نصيب نتنياهو ولا منافسه الأبرز رئيس الوزراء يائير لابيد.
ومن المتوقع أن يكون حزب ليكود اليميني بزعامة نتنياهو، رغم ترنحه في استطلاعات الرأي، هو الفائز بالعدد الأكبر من مقاعد البرلمان. وبدعم من الأحزاب اليمينة المتشددة والدينية المتزمتة التي تؤيد شغله لمنصب رئيس الوزراء، يبدو أن نتنياهو (73 عاما) على أعتاب ضمان أغلبية برلمانية ترفعه لسدة الحكم.
وسبق أن أخفق نتنياهو بعد الانتخابات الأربعة الماضية في تشكيل الائتلاف اليميني الذي كان يطمح إليه.
من يخوض السباق أيضا؟
يخوض السباق رئيس الوزراء الحالي لابيد (58 عاما) وهو مذيع تلفزيوني سابق ووزير مالية سابق أيضا، دخل معترك السياسة في أوج حركة احتجاج اجتماعية واقتصادية قبل نحو عقد. ويحرز حزبه "هناك مستقبل"، الذي يأتي في المرتبة الثانية في استطلاعات الرأي، بعض الزخم التصاعدي. لكن معسكره الذي يتألف من طيف من الأحزاب المتحالفة متباينة الانتماءات من اليمين إلى اليسار أصغر من تكتل نتنياهو.
كما يخوض السباق وزير الجيش بيني جانتس الذي يترأس حزب "الوحدة الوطنية" المنتمي ليمين الوسط والذي من المتوقع أن يفوز بمقاعد أقل بكثير مقارنة بحزبي نتنياهو ولابيد. إلا أن هذا لم يمنع قائد الجيش السابق جانتس (63 عاما) من إعلان نفسه المرشح الوحيد القادر على التفوق على نتنياهو من خلال تشكيل تحالفات جديدة ورئاسة حكومة موسعة لإخراج إسرائيل من أزمتها الدستورية غير المسبوقة المستمرة منذ أربع سنوات.
ومن أيضا؟
إيتمار بن غفير برلماني قومي متطرف قد يكون هو صانع الملوك بالنسبة لنتنياهو وقد يمثل اختبارا لعلاقات إسرائيل الخارجية إذا تم تعيينه وزيرا. وأدين بن غفير في عام 2007 بالتحريض العنصري ودعم مجموعة موجودة على قوائم الإرهاب في كل من إسرائيل والولايات المتحدة. ويؤكد بن غفير (46 عاما) أنه نضج منذ ذلك الحين. وتشير التوقعات إلى أن قائمة مشتركة تضم حزب بن غفير اليميني "القوة اليهودية" وفصائل أخرى قد تأتي في المرتبة الثالثة. وتثير شعبيته المتزايدة بعض القلق في الداخل والخارج.
وهناك أيضا الأقلية العربية في إسرائيل، التي يمكن لأصواتها أن تغير شكل الانتخابات. ويمثلون نحو 20 بالمئة من سكان إسرائيل ولا يحظون بالتمثيل المناسب في البرلمان، وكثيرون منهم يرون أنفسهم مرتبطين بالفسطينيين بصورة أكبر أو يعرّفون أنفسهم بأنهم بالفعل فلسطينيون. ولطالما شكوا من التمييز ضدهم ومعاملتهم في إسرائيل كمواطنين من الدرجة الثانية. وقد يؤدي ضعف إقبالهم على التصويت لإزالة عقبة أمام نتنياهو وإهدائه نصرا واضحا. أما إذا جاء تصويتهم مرتفعا فإن هذا سيدعم لابيد الذي تضم حكومته الحالية لتصريف الأعمال حزبا عربيا للمرة الأولى في تاريخ إسرائيل.
لماذا انتخابات أخرى؟
تمكن لابيد وشريكه في الائتلاف نفتالي بينيت في يونيو حزيران من عام 2021 من إنهاء حكم نتنياهو القياسي الذي استمر 12 عاما دون انقطاع، من خلال الجمع بين مجموعة متباينة من الأحزاب اليمينية والليبرالية والعربية ضمن تحالف وُلد هشا. وبعد أقل من عام على حكمه، فقد التحالف أغلبيته الهزيلة بسبب الانشقاقات. وبدلا من انتظار تحرك المعارضة للإطاحة به، قام التحالف بحل البرلمان، ومن ثم التوجه لانتخابات جديدة.
حول من تتمحور هذه الانتخابات؟
إنه نتنياهو. فرغم أن اتهامه بالرشوة والاحتيال وخيانة الأمانة وحّد منافسيه ضده، فإن القاعدة الموالية له لا تزال راسخة في دعمه، وتطالب بعودة زعيم يُنظر إليه على أنه يتمتع بالقوة والدهاء والنفوذ على الساحة الدولية. أما معارضوه فيكرهون عودة رجل يرونه فاسدا وهداما، ويخشون من أنه سيتلاعب بالنظام القضائي في إسرائيل حتى لا يفلت من الإدانة.
ولطالما عمل نتنياهو على استعراض مؤهلاته على صعيدي الأمن والاقتصاد. ولكن في ظل ضعف فرص إجراء محادثات سلام مع الفلسطينيين قريبا وكذلك في ظل تعثر المحادثات النووية بين القوى العالمية وإيران، فقد أصبحت أمور الأمن والدبلوماسية على الهامش إلى حد كبير. وتشير الاستطلاعات إلى أن تكاليف المعيشة المرتفعة شاغل رئيسي للإسرائيليين، ولكن بالنظر لعدم وجود اختلافات كبيرة في سياسة المرشحين، فمن غير المرجح أن تؤثر مثل هذه القضايا على استمالة الناخبين لأي طرف.