تقدير موقف : تدشين عهد جديد للمقاومة الفلسطينية بعودة العلاقات مع سوريا

بقلم: معتز خليل

  • معتز خليل

جاء الاجتماع الأخير الذي أجرته بعض من القيادات السياسية الفلسطينية في سوريا مع الرئيس بشار الأسد ليزيد من دقة الموقف الاستراتيجي فيما يتعلق بعلاقات منظومة المقاومة الخارجية مع اكثر من طرف، خاصة وان الواضح حاليا ان منظومة المقاومة تسعى إلى تدشين وبناء منظومة متكاملة من العلاقات الثنائية مع كافة الأطراف بتنسيق مسبق وأساسي.
وكانت قد توتّرت العلاقات تدريجيًا بين الطرفين إثر اندلاع الأزمة في سوريا، وغادر قياديو الحركة وعلى رأسهم رئيس مكتبها السياسي السابق في الخارج، خالد مشعل، دمشق في فبراير 2012، وأغلقت الحركة جميع مكاتبها وأوقفت أنشطتها فيها.
ما الذي يجري
أخيرا اجتمعت بعض من القيادات السياسية الفلسطينية مع الرئيس السوري بشار الأسد ، وهو اللقاء الذي حضره عن حركة حماس القيادي بها خليل الحية ، فضلا عن الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي زياد النخالة.
بعض من التقارير أشارت إلى أن الرئيس السوري بشار الأسد لم ينس أقوال حماس قبل 10 سنوات عندما هاجمته بقوة.
انعكس ذلك خلال الاجتماع عندما جلس زياد النخالة بالقرب من الأسد بينما جلس خليل الحية ، بالإضافة إلى ذلك ، في حفل الاستقبال ، جاء النخالة أولاً ، ووقفت الحية خلفه.
عموما يتضح ومن خلال ما يجري أن حركة حماس هي من ذهبت إلى سوريا وليس العكس، لأن الأولى ليست في حاجة للأخيرة، حيث ترى «دمشق» أن وظيفة «حماس» ليس لها قيمة بالنسبة لها حتى تقول إنها تتحالف مع حركة مقاومة، بعد أن أصبحت «حماس» مجرد سلطة في قطاع غزة، التي تسيطر عليه منذ عام 2007.
ويبدو ان سوريا قبلت اعتذار حركة «حماس»، تنفيذا لرغبة إيران التي تعتبر حليف قوي لسوريا، ورغبة طهران في الحفاظ على ما تسميه «محور المقاومة»، ومنهم حزب الله اللبناني، لذا أقدمت دمشق على هذا القرار مجاملة لإيران، التي وقفت بجانبها طوال السنوات الماضية ولا تزال.
الملاحظ انه لم يوجد أي اهتمام رسمي سوري كبير بعودة العلاقات مع حماس،غير ان الواضح ان أحد أسباب قبول الحكومة السورية لاستئناف العلاقات مع حركة «حماس»، بأنها ستسمح في المستقبل بدخول وتواجد قيادات الحركة على أراضيها، تمهيدًا لاحتضانهم، خاصة أن هناك مؤشرات بعدم قبول تواجدهم على الأراضي التركية.
عموما قطعت الحركة الفلسطينية الأشواط تجاه دمشق، بدءا من تسريب خبر نيتها إعادة العلاقات مع النظام السوري في يونيو/حزيران الماضي، مرورا ببيانها الذي أصدرته منتصف سبتمبر/أيلول الفائت تأكيدا للأمر، ووصولا لمشاركة قيادييها في وفد الفصائل مؤخرا.
ويبدو أن الجانبين ناسبهما أن يكون اللقاء ضمن وفد فصائلي وليس خاصا بالحركة وحدها، وأن يكون على هامش الحراك المقاوم في الضفة الغربية مؤخرا وبعد لقاء المصالحة في الجزائر، بحيث يأتي الأمر بشكل أكثر طبيعية وتلقائية. لكن تركيز وسائل الإعلام السورية على الحية، وتسيده المؤتمر الصحفي على هامش الزيارة خطابا وإجابة للأسئلة أكدا مركزية الحركة في الحدث.
وعلى مدى الشهور الفائتة، تعرضت حماس لانتقادات شديدة ودانت قرارها عدة جهات بين علماء ودعاة وهيئات وحركات إسلامية، وانقسم المعارضون للخطوة بين من حرّمها شرعا، ومن وجدها تناقضا أخلاقيا، ومن لم ير فيها مصلحة سياسية راجحة، لا سيما في ظل الأوضاع المعروفة للنظام ميدانيا وسياسيا وفي ما يتصل بعلاقاته مع القوى الخارجية.
وكان لافتا غياب سردية رسمية ومقنعة للحركة بخصوص مسوغات استعادة العلاقات مع النظام اليوم، بل إن الشيخ صالح العاروري نائب رئيس مكتبها السياسي قال في أحد اللقاءات الإعلامية إن حركته لا تستطيع ذكر دوافع قرارها علنا لأن من شأن ذلك أن "يضيّع عليها المصالح" المتوخاة من إعادة العلاقة.
ولكن ضمنا، ومن بعض الكتابات المحسوبة على الحركة، يُفهم أن القرار نابع من تقدير موقف لديها يضع في حسبانه -إضافة إلى أهمية سوريا من منظار المقاومة الفلسطينية- موجة تطبيع العلاقات بين "إسرائيل" وعدد من الدول العربية وبعض التطورات الإقليمية التي يمكن أن تؤثر على وجودها وعملها كحركة مقاومة، فضلا عن تداعيات الحرب الروسية-الأوكرانية عموما.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت