- بقلم :د. ميلاد جبران البصير
عندما يغادر المغترب وطنه متوجها الى بلاد الغربه يكون محملا في الافكار والمبادىء والامال والطموحات بغض النظر عن سبب هجرته فقد يمكن ان تكون خيار شخصي او قصوه بسبب ظروف سياسية او اقتصاديه او عائليه معينه.
في نفس الوقت وفي كثير من الاحيان لا يعرف المغترب ولا يملك معلومات معينه عن الدوله التي ينوي التوجه اليها فربمابحوزته بعض المعلومات المتعلقه في حقل الرياضه وبعض المعلومات العامه والغير مفيده ايضا لذلك سيجد صعوبات كبيره في مسيرته.
ان مفاتيح نجاح وفشل المغترب هي في حوزته وفي امكانه التحكم بها ومنذوا اللحظات والخطوات الاولى في مسيره غربته والتي يمكن الاشاره الى اهمها :
اولا ان يكون على يقين ومعرفه تامه انه المحيط الاجتماعي والثقافي والاقتصادي ونظام القيم الذي يحيط به يختلف كليا عن المحيط الذي تركه في ارض الوطن لذلك يجب ان يكون عنده استعداد تام وكامل في فهم واستيعاب هذا المحيط الجديد بكل ما ينبثق عنه من امور قد تبدوا ايجابيه واخرى قد تكون سلبيه في البدايه على الاقل.
ثانيا عليه ان يتخلص من جمبع الاحكام المسبقه عن المجتمع الجديد الذي سيبداء الدخول اليه والمشاركه به لاننا نحن العرب بشكل عام عندنا احكام مسبقه ذات طابع اجتماعي وثقافي وفي بعض الاحيان هذه الاحكام المسبقه تتحول وبسرعه الى تصرفات ذات طابع عنصري ضد المجتمع الجديد او بعض شراءح هذا المجتمع والذي سيكون قريبا مجتمع المغترب نفسه.
ثالثا تعلم واتقان اللغه الجدبده كتابه وقراءه وكلاما ايضا لان اللغه تعتبر ذات اهميه مطلقه في الشارع وفي العمل وفي الجامعه وفي المقهى، معرفه اللغه بطريقه جيده يعني ايضا امكانيه المغترب الاستفاده من الخدمات الاجتماعيه والثقافيه والاقتصاديه والصحيه التي تقدمها الدوله للمواطنين بشكل عام ، عدم معرفتها يعني ذلك حرمان نفسه من هذه الخدمات. اضافه الى التعرف على عادات وتقاليد وثقافه المجتمع الجديد ونظام القيم الجديد .تعلم اللغه يعطي ويقدم للمغترب فر ص كبيره ايضا في مجال العمل حيث في امكانه ان يعبر عن مهاراته وقدراته بشكل افضل.
رابعا استعداده على الاندماج في المجتمع الجديد ومن جميع النواحي ، الاجتمتاعيه والثقافيه والعمليه والسياسيه ايضا ، هذا لا يعني انصهاره في المجتمع الجديد بل يعني فهم واستيعاب المجتمع الجديد والذي سيصبح قريبا مجتمعه أيضا واكتساب الامور والقيم الايجابيه التي يتمتع به المجتمع الجدبد . هذا يعني ايصا ان يصبح المهاجر عضو حيوي وفعال في المجتمع الجدبد حيث يكتسب القيم الايجاببه من جهه وفي نفس الوقت ينشر ويعرف المجتمع الجديد على قيمه وعلى ثقافته وعلى بلده الاصلي وعلى لغته وعاداته وتقاليد ايضا وبهذه الطريقه يصبح سفير لبلده ولثقافته وحضارته.
خامسا ان يكون ذات نظره انتقاديه ان يكون ويطور نظره انتقاديه مزدوجه حيث في امكانه ان يكتسب كل ما هو ايجابي من المجتمع والمحيط الجديد ويرفض كل ما هو سبلي منه وفي نفس الوقت وفي نفس المعيار يجب عليه ان يتعامل مع المحيط والمجتمع الاصلي الذي تركه في وطنه الام. بهذه الطريقه تتكون لديه ثفافه مزدوجه ليس فقط من الناحيه اللغويه بل سيمتلك نظام قيم جديد ورؤيه جديده وتصرف جديد في كلا المجتمعيين لانه في الحقيقه هو نفسه ينتمي ومرتبط في المجتمعيين الاثنين لانه اصبح مزدوج الثفافه والانتماء .
سادسا عدم التخلي عن مجتمعه الاصلي بغض النظر عما سبب له من صعوبات ومشاكل وعقبات حتى ولو انه اجبره على الهجره وفي نفس الوقت عدم قبول المجتمع الجديد وكل ما ينبثق عنه واعني بذاك القشور والمظاهر والامور السطحيه لكي بتجنب ان يجد نفسه في يوم من الايام وحيدا لا مرجعيه له ولا ينتمي لا للمجتمع الاصلي في الوطن الام ولا للمجتمع او المحيط الجديد اي يصبح معلق في الهواء لا في الارض ولا في السماء.
سابعا ، تجنب العزله المفروضه والعزله الاختياريه ، في كثير من الاحيان المجتمع الجديد ولاسباب ثقافيه وسياسيه واحيانا عنصريه ايضا تفرص العزله على المهاجر واحيانا اخرى المغترب نفسه يتقوقع ويعزل نفسه بنفسه حيث يعيش جسديا الغربه اما بسبب خياره الشخصي او بسبب شعوره في الاحباط والفشل المشاركه وبطريقه حيويه وفعاله في الحياه الاجتماعيه والسياسيه في المجتمع الجديد كمواطن بكل ما تعني كلمه المواطنه.
ثامنا الاستفاده من الفرصه لاكتساب ما يقدمه المجتمع او المحيط الجدبد من قيم قد تكون شحيحه او غير موجوده في المجتمع الاصلي ومحاوله نقله الى المجتمع الاصلي كالحريات والدمقراطيه والشفافيه وحقوق الانسان واحترام القانون والملكيه العامه الخ.
تاسعا ان يكون صادق مع نفسه ومع المجتمعيين المرتبط بهما لان ذلك يعطيه مصداقيه واحترام ومركز من كلا الطرفيين وفي الامكان ان يصبح مثال يقتدى به في المجتمع الاصلي ونموذج للمهاجرين الجدد وفي نفس الوقت يصبح مثال في المواطنه في المجتمع الجديد يساعد ويشجع صناع القرار في المجتمع الجديد في اتخاذ واصدار قوانين جديده لصالح المهاجربن.
عاشرا ، الابتعاد عن التعصب العرقي والديني والمذهبي ، ففي كثير من الاحيان يلجىء اعداد غير قليله من المهاجربن العرب الى التعصب والتشدد الديني بسبب شعورهم بالاحباط والفشل في مسيرتهم او عدم تحقيق اهدافهم واحلامهم . في احيان اخرى يجدون انفسهم بين الجذب والرفض ،للمجتمع الجديد فيعودون للخلف بدل التقدم .
واخيرا ما يسمى الهروب من الواقع ، هذه ظاهره تاريخيه عاشها اعداد غير قليله من الشباب العربي الذين وصلوا الى اوروبا للدراسه والتحصيل العلمي ولكن ولاسباب عده لم يحالفهم الحظ ولم يحققوا اهدافهم ولا اهداف المجتمع الذي تركوه خلفهم في الوطن الام.
* اعلامي فلسطيني خبير في شؤون الهجرة والمهاجرين وعضو سابق في اللجنه الاقليميه التابعة لاقليم اميليا رومانيا فرع محافظه فورلي- تثيزينا / إيطاليا المتخصصه في دراسه طلبات اللجؤ السياسي والإنساني.
رام الله –فلسطين
16/11/2022
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت