نظمت جمعية المجلس العلمي للدعوة السلفية بفلسطين، بمسجد الاستقامة بالمغازي في محافظة الوسطى، ندوة توعوية بعنوان:"الهجرة بين الماضي والحاضر".
وبين الشيخ الدكتور مدحت أبو غليبة أمين الصندوق بجمعية المجلس العلمي، خلال الندوة بالمحور الأول، الهجرة في صدر الإسلام، ومعنى الهجرة، وأسبابها، وصورها، وهجرة الصحابة إلى الحبشة، وهجرة النبي إلى المدينة.
بدوره، أوضح الشيخ فؤاد أبو سعيد رئيس مجلس إدارة جمعية المجلس العلمي في المحور الثاني، والذي تمحور حول الهجرة في وقتنا الحاضر، وتعريفها، وهل الهجرة اليوم مطابقة للهجرة في عصر النبوة؛ وأسبابها، وأهدافها، ونتائجها، والسلبيات والإيجابيات، بالإضافة إلى الهجرة المعاصرة وحقوق الإنسان، وأسباب الهجرة المعاصرة، والمعاناة أثناء الهجرة، وإحصائيات وأرقام، وحلول وتوصيات.
وأكد،"على أنه يَتَّخذ المهاجرون غيرُ الشرعيين سُبلا محفوفةً بالمخاطر للوصول إلى دولة ما، وهذه السبل كلها مخالفة لما جاء به الدين والشريعة الإسلامية من الحفاظ على الضرورات الخمس؛ (وهي: النفس والعقل والدين، والعرض والمال)، فلا يجوز التفريط فيها كلِّها أو بعضِها".
وقال الشيخ أبو سعيد:" إنّ الظاهرَ من مقاصدِ الشريعةِ الإسلاميةِ في جميع أحكامِها وقواعدِها؛ تحقيقُ مصالح العباد، ودرءُ المفاسدِ عنهم، لذا حرَّمت العملَ على تهريبِ ونقلِ المهاجرين غيرِ الشرعيين، لِـمَا يَحُفُّ بالتهريبِ والهجرةِ غيرِ الشرعية، من المخاطر التي لا تؤمنُ السلامةُ منها".
وأضاف:"إن حروبُ الاحتلالِ المتتالية، والانهيارُ الاقتصاديُّ الذي يعصفُ بقطاع غزةَ منذُ نحو 15 عاما، بعد سيطرةِ حركة "حماس" على الحكم في حزيران/ يونيو2007، وفرض حصار ظالم؛ دفعت آلاف الغزيين، بينهم أطفال، ومسنُّون، ونسوة، إلى حافَّة الهاوية، وحدِّ المخاطرة بأرواحهم، في "موجاتٍ" من الهجرة، بحثًا عن بداياتٍ جديدة".
وأردف الشيخ أبو سعيد: "زيادةُ معدلاتِ البطالةِ والفقر، وغيابُ الأمل لدى الشباب، والندرةُ الشديدة في الوظائف، وانهيارُ القطاع الخاصِّ بفعل تدميرِ المنشآتِ الاقتصادية والشركات، فضلاً عن القيودِ الإسرائيلية على حركةِ الوارداتِ والصادرات، وعواملَ أخرى كثيرة، شكَّلَت أرضيةً خصبةً لهروبِ شبابِ غزة، الذين يتُوقُون لحياةِ أفضل حتى لو كان ثمنها الموت".
وشدد، على هذا النحو، تحوَّل قطاع غزة إلى مستنقع من المشاكلِ الاقتصاديةِ والاجتماعيةِ والنفسية، ولعلَّ ارتفاعَ معدلاتِ الفقرِ والبطالةِ في صفوف آلافِ الخريجين من الجامعات؛ (معدل البطالة للشباب الخريجين في قطاع غزة 74%)، أفرز أمراضاً اجتماعية، مثل:الطلاق، والجريمة، والانتحار، وأهمها: الهجرةُ من وطنٍ سَعَى الاحتلالُ إلى تفريغه من أصحابه.
وأشار الشيخ أبو سعيد:"بالرغم انه لا توجد احصاءات رسمية فلسطينية حول عدد المهاجرين من قطاع غزة؛ إلا أن تقارير صحفية كشفت النقاب عن أنه منذ عام 2007 حتى 2021 فإن 860.632 ألف شخصا غادروا القطاع دون عودة، بينما قدر مختصون آخرون أن عدد المهاجرين من القطاع يقدر بأكثر من ذلك، قضى بعضُهم في حوادث غرق لقوارب الهجرة غير الشرعية، بسبب طمع عصابات التهريب، وكذلك عدم قدرة المراكب التي كانوا على متنها على الإبحار لمسافات بعيدة".
واختم الشيخ أبو سعيد، بجملة من الحلول والتوصيات معرباً عن أمله أن يطلع عليها المسئولون الدوليون، ومن بيدهم الحل والعقد، فيعملوا بمضمونها، أو يتخيروا منها ما هو الأوفق والأرفق بالمهاجرين واللاجئين، داعياً المجتمع الدولي القيام بالتوعية والتثقيف عبر وسائل الإعلام المختلفة، ووسائل الاتصال الحديثة عن مخاطر الهجرة غير الشرعية، وما قد يتعرض له المهاجر من استغلال، وامتهان لكرامته وعدم احترام لحقوقه، أو الدخول للسجن، جراء مخالفة أنظمة الدخول أو الإقامة للدولة المقصودة بالهجرة.
وطالب القادة والمسئولين والمواطنين بتحمُّل المسئولية التي ألقيت على عواتقهم، بتوفير الحياة الكريمة من توفير لقمة العيش؛ لقوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «كُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ؛ الإِمَامُ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي أَهْلِهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا وَمَسْئُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا، وَالخَادِمُ رَاعٍ فِي مَالِ سَيِّدِهِ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ».
وحث الشيخ أبوسعيد، المواطنين؛ بأن يتقوا الله في أنفسهم، ولا يعرضوها للانتحار، وأن يمتثلوا قول الله سبحانه: {وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ}؛{وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا}؛ مطالباً الجميع بتقوية الإيمان بالله سبحانه وتوحيده، ودعائه وحدَه لا شريك له، واليقين بما عنده، وأنّ الأمن والأمان، والأرزاق كلَّها بيده سبحانه، فــ{لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}.
وشدد على الذين يعانون الفقر والبطالة، وتراكم الديون وكثرة النفقات، أو من تعرضوا للظلم والقهر، والعنف والاضطهاد، ونقول لهم اصبروا: {فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ}، فالأمر قريب؛ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: نَهَانَا كُبَرَاؤُنَا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (لَا تَسُبُّوا أُمَرَاءَكُمْ، وَلَا تَغِشُّوهُمْ، وَلَا تَبْغَضُوهُمْ، وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاصْبِرُوا؛ فَإِنَّ الْأَمْرَ قَرِيبٌ).
وقال الشيخ أبو سعيد:"نوصي بأن تعلموا يقينا -يا من تفكرون في ترك أوطانكم-؛ أنَّ هؤلاء الذين تذهبون إليهم في الغرب والشرق، كما قال الله سبحانه: {لَا يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقًا فَابْتَغُوا عِنْدَ اللَّهِ الرِّزْقَ وَاعْبُدُوهُ وَاشْكُرُوا لَهُ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ}؛ ونوصي بالصبر والإكثار من الحمد والشكرِ لله؛ حتى يزيدَنا من فضله، {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ}".
ودعا الشيخ أبو سعيد، إلى عدم ترك الأوطان إلى بلادٍ غير بلاد المسلمين؛ إلا لعلاج، أو علمٍ، أو تجارة، أو ما فيه منفعةٌ خاصةٌ أو عامة، وبنية العودة إلى الديار.