بمشاركة عدد من المؤسسات الرسمية والأهلية والمنظمات القاعدية المهتمة بحقوق المرأة؛ عقد الائتلاف من أجل النزاهة والمساءلة (أمان) ومركز المرأة للإرشاد القانوني والاجتماعي مؤتمر (ند) نساء ضد الفساد تحت عنوان: "أثر الفساد من منظور النوع الاجتماعي في قطاع الصحة"، والذي خرج بتوصيات لأصحاب القرار من أجل رسم سياسات وصياغة آليات وتدابير للحد من الفساد المبني على النوع الاجتماعي في القطاع الصحي على سبيل الخصوص.
مركز المرأة: نطالب بتطوير البيئة القانونية لتجريم أشكال الفساد المبني على النوع الاجتماعي ووضع آليات صارمة تجاه مرتكبيه
افتتح المؤتمر بكلمة ترحيبية من أمل أبو سرور، مديرة البرامج في مركز المرأة للإرشاد القانوني والاجتماعي، والتي سلطت الضوء على مفهوم الفساد المبني على النوع الاجتماعي، كونه مفهوما حديثا خاصة في السياق الفلسطيني، والسعي الحالي الى الحد من الفساد واللامساوة القائمين على أساس النوع الاجتماعي في تقديم الخدمات في فلسطين، من خلال العمل على المستوى المجتمعي والوطني للمساهمة في ايجاد آليات وتدابير للحد من الفساد المبني على النوع الاجتماعي في قطاع الخدمات الاجتماعية والقطاع الصحي، منوهة أن هذا الشكل يتستر خلف أشكال الفساد الأخرى، لأن النساء المتضررات تخاف من الإبلاغ والشكوى خشية من الوصم المجتمعي، ما يمنح الفاسدين فرصة أكبر في التمادي ويفتح الباب أمان وقوع نساء جدد ضحية لهذا الشكل من أشكال الفساد.
وشددت أبو سرور على الحاجة لتكريس مبادئ محاربة الفساد المبني على النوع الاجتماعي في القطاع الصحي، الأمر الذي سيمنح النساء مساحة أفضل في تلقي الخدمات والمحافظة على كرامتهن والتحسين من جودة الخدمات المقدمة، مع المطالبة بتطوير البيئة القانونية لتجريم أشكال الفساد المبني على النوع الاجتماعي ووضع آليات أكثر وضوحا وصرامة تجاه مرتكبي جرائم الفساد، ووضع نظم إدارية ونظام يسهل تقديم الشكاوى، وضمان خصوصية المبلغات عن الفساد.
أمان: يجب إقامة حوار وطني مع مختلف الجهات ذات العلاقة يناقش أثر الفساد القائم على النوع الاجتماعي وعلى النساء تحديدا
فيما أشار عصام حج حسين، المدير التنفيذي لائتلاف أمان بقيام الائتلاف وبالشراكة مع مركز المرأة وللسنة الثانية بتنفيذ مشروع "نِدّ" نساء ضد الفساد" المتمحور حول رفع وعي المواطنين بأهمية بناء منظومة قيم النزاهة ومكافحة الفساد في مؤسسات المجتمع الفلسطيني، وتشكيل منظومة ثقافية رافضة لكل أشكال الفساد أساسها المواطنين، من خلال بناء التحالفات والشبكات والشراكات مع مختلف القطاعات، وإقامة حوار وطني شامل حول أثر الفساد القائم على النوع الاجتماعي وعلى النساء، وتعميم مكافحة الفساد في إستراتيجيات عمل منظمات المجتمع المدني والمنظمات القاعدية المعنية بحقوق المرأة.
كما أشار حج حسين الى ضرورة التحصين ضد الفساد المبني على النوع الاجتماعي في القطاع الصحي بشكل خاص، وذلك من خلال بناء الشراكات وتكامل الأدوار مع وزارة الصحة، والتي تعد المسؤولة الأولى في هذا المجال.
ضرورة اتخاذ تدابير وقائية للحيلولة دون انتشار الفساد المبني على النوع الاجتماعي ومنها التحرش الجنسي في أماكن العمل والرشوة والابتزاز الجنسي
استعرضت في الجلسة الأولى ورقة تمهيدية حول مفهوم الفساد المبني على النوع الاجتماعي، قدمتها انتصار حمدان، مديرة وحدة رفع الوعي والاتصال المجتمعي في ائتلاف أمان، والتي تطرقت الى المفهوم، وأشكاله ومنها التحرش الجنسي في أماكن العمل، والرشوة والابتزاز الجنسي. وتابعت حمدان موضحة بأنه يوجد بعض المؤشرات التي تدلل على وجود بعض الممارسات التي تشير الى إمكانية وجود هذا النوع من الفساد، الأمر الذي يستدعي التركيز عليها كإجراء وقائي تحصيني للمجتمع الفلسطيني. ولذلك، أوصت الورقة الى أهمية الانتباه إلى ادراج مفاهيم النوع الاجتماعي عند دراسة أي مؤشرات للفساد، ورفع الوعي العام بمفهوم الفساد المبني على النوع الاجتماعي وأنماطه، إضافة الى رفع مستوى وإجراءات المساءلة لدى هيئات الرقابة الداخلية والخارجية وهيئات التفتيش في القطاعين العام والخاص.
يجب مواءمة المنظومة التشريعية الوطنية على نحو مستجيب وعادل للنوع الاجتماعي
واستعرضت الباحثة لمياء شلالدة دراسة أخرى تحمل عنوان "التدابير الوقائية لدرء مخاطر الفساد المبني على النوع الاجتماعي في تقديم خدمات الصحة"، والتي بينت في نتائجها وجود علاقة وثيقة ما بين انتشار الفساد في البيئات التي تعاني من التمييز وعدم المساواة في الاعتراف في الحقوق الأساسية، أيضاً المنظومة التشريعية الفلسطينية القاصرة عن حماية وإعمال حق الفئات المهمشة ومنها النساء،
ومن أبرز التوصيات التي قدمتها شلالدة في الدراسة؛ أهمية العمل على مواءمة المنظومة التشريعية الوطنية على وجه التحديد قانون الصحة العامة رقم20 لسنة 2004 ونظام التأمين الوطني، ودليل إجراءات وزارة الصحة للعام 2016 كما جاء في المواثيق الدولية ذات الصلة. أيضاً أهمية البدء بتطوير الاستراتيجية الوطنية الصحية بما يتوافق وتلبية احتياجات الفئات المهمشة والنساء، وضرورة العمل على تطوير إجراءات تمنح لجان الرقابة الاستقلالية التامة لتكون خارج نطاق وزارة الصحة، لضمان الخروج بتقارير شفافة وموضوعية تساهم في اتخاذ الإجراءات المناسبة.
أهمية إعداد برنامج مجتمعي توعوي وأدلة وإرشادات للمواطنات آلية الشكوى حول الفساد المبني على النوع الاجتماعي
أما في الجلسة الثانية، فقد استعرضت الباحثة شذى عودة ورقة بعنوان: "الاستراتيجية الصحية الوطنية ومدى استجابتها لمكافحة الفساد عموما والمبني على النوع الاجتماعي"، حيث أكدت في نتائجها أن مكافحة الفساد يحتاج إلى جهود جماعية وخبرات وشراكات مع مؤسسات المجتمع المدني والفاعلين بالنظام الصحي.
وأوصت الورقة بالعمل على ادراج مفهوم الفساد المبني على النوع الاجتماعي في أدبيات الوزارة والتعريف به للعاملين/ات وايضا المستفيدين والمستفيدات، فبالرغم من وجود برنامج تثقيف صحي لدى وزارة الصحة، الا أن الفساد المبني على النوع الاجتماعي لا يدرج ضمن برامج التثقيف، إضافة الى أهمية إعداد برنامج مجتمعي توعوي وادلة وارشادات للمواطنين/ات حوله وعن آلية الشكوى، وتطوير سياسات مكافحة الفساد المخطط لها، وإدراج مكافحة الفساد المبني على النوع الاجتماعي كعنصر أصيل من السياسة.
وأوصت الورقة بمراجعة مدونة السلوك للوظيفة العمومية ومدى مراعاتها للفساد المبني على النوع الاجتماعي والتخطيط لبرنامج تدريبي متكامل يشمل مدونة السلوك للوظيفة العمومية، وتعزيز النزاهة والشفافية، وإدارة مخاطر الفساد المبني على النوع الاجتماعي ورصد الموازنات الكافية لإنجازه، ويمكن التعاون مع المؤسسات المختصة بهذا المجال، إضافة الى الشراكة والتعاون مع المؤسسات المختصة بمكافحة الفساد عبر عقد مذكرات تفاهم، لغايات تبادل الخبرات وبناء القدرات وتطوير الرصد المتعلق بالفساد المبني على النوع الاجتماعي ومقترح البدء بوحدة الشكاوي لإيجاد تصنيف يتعلق بالفساد المبني على النوع الاجتماعي وايضا برنامج مكافحة العنف ضمن ادارة صحة المرأة، ليتم اضافة خانة رصد وتصنيف لهذا الفساد.
التشاركية مطلوبة مع الفئات المستفيدة والمتضررات في دراسة وقياس أثر الفساد المبني على النوع الاجتماعي
كما قدم الباحث نبيل دويكات ورقة بعنوان "وحدة الرقابة والتفتيش ونظام الشكوى في وزارة الصحة"، تخللها تسليط الضوء على الافتقار الى المنهج الشامل والمناسب لدراسة أثر الفساد على النوع الاجتماعي الامر الذي ينعكس على آليات الرصد ومتابعة هذا النوع من الفساد نظرا لعزوف المتضررات تحديدا عن الشكوى نظرا لخوفهن من الوصمة الاجتماعية.
وأوصت الورقة بتتطوير المفهوم (الفساد المبني على النوع الاجتماعي) في السياق الفلسطيني الخاص بما يساهم في تحديد مناهج الرصد والبحث والدراسة ويساعد في تطوير مؤشرات لرصدها وتوثيقها ودراستها، وقياس آثارها وذلك من خلال إشراك الفئات المستفيدة و/أو المتضررة في دراسة وقياس أثر الفساد المبني على أساس النوع الاجتماعي، كذلك الخروج بتوصيات ومقترحات للحد منه (النساء، الشباب، كبار السن، ذوي الإعاقة وغير من الفئات المهمشة)، كما أوصت بإقرار تشريعات وآليات تفصيلية للمساعدة في الحد من أشكال الفساد المبني على النوع الاجتماعي وتطوير آليات تلقي الشكاوى والتعامل معها.
الفتيات والنساء ذوات الإعاقة هنّ الأكثر انكشافا وعرضة للفقر والتمييز وسوء المعاملة
واختتم المؤتمر بورقة بعنوان "الفتيات والنساء ذوات الإعاقة في القطاع الصحي" استعرضتها الباحثة شروق الأفندي من مؤسسة قادر للتنمية المجتمعية، حيث تناولت فيها واقع الفتيات والنساء ذوات الإعاقة في القطاع الصحي، مشيرة الى التحديات المضاعفة التي تقع عليهن، كونهن الأقل وصولاً إلى مصادر الخدمات والأقل حظاً في التمتع بأنظمة الحماية، والأكثر إنكشافاً وعرضة للفقر والتمييز وسوء المعاملة.
يجب إشراك النساء ذوات الإعاقة ومنظماتهن التمثيلية في الخطة الاستراتيجية الوطنية بشأن الصحة
وناقشت الورقة أيضا أشكال القصور في التشريعات والسياسات المعمول بها في فلسطين سواء قانون الصحة العامة الفلسطيني أو قانون حماية المعوقين وأثر هذا القصور على تلقي ذوي الإعاقة للخدمات الصحية. او من خلال مناقشة الخطة الاستراتيجية الوطنية بشأن الصحة للأعوام 2021 – 2023 والتي أقرتها وزارة الصحة الفلسطينية اذ لم يتم إشراك النساء والفتيات ذوات الإعاقة، ومنظماتهم التمثيلية.
وناقشت الورقة كذلك نظام التحويل الوطني للنساء المعنفات، وطبيعة الخدمات المقدمة لذوي الاعاقة والتي تتمثل بعدم توفر المراكز الصحية المتخصصة للإعاقات العقلية ما يجعلهم أكثر عرضة من غيرهم من الحرمان من تلقي السلامة البدنية والنفسية، ونقص الخدمات الصحية المتخصصة للأشخاص ذوي الاعاقة في العيادات والمراكز الصحية في المناطق النائية، وضعف كفاءة الطاقم الطبي للتعامل مع الأشخاص ذوي الاعاقة وحسب نوع الإعاقة، بسبب محدودية البرامج وموسميتها التي تهدف لتأهيل الطاقم للتعامل مع ذوي الاعاقة حسب نوع الاعاقة والعمر، إضافة الى الاتجاهات السلبية للطواقم الطبية تجاه الأشخاص ذوي الإعاقة، ناهيك عن عدم مواءمة المباني والمنشآت لاحتياجات ذوي الإعاقة والتي اقتصرت على توفير الشواحط في أبنية المستشفيات القديمة فقط، وعدد قليل من المستشفيات ذات البناء الحديث، حيث قامت بإدخال نظام بريل على لوحة مفاتيح المصاعد الكهربائية، ولكن هذه المواءمة ما زالت محدودة ومقتصرة في المدن إجمالا.
أجمع المشاركون/ات الى أهمية بناء منظومة قيم النزاهة ومكافحة الفساد في مؤسسات المجتمع الفلسطيني، وتشكيل منظومة ثقافية رافضة لكل أشكال الفساد أساسها المواطنين، وبالأخص الفساد المبني على النوع الاجتماعي.