"تواجه العلاقة بين الولايات المتحدة وإسرائيل اختبارات جديدة"، حسب ما جاء في مقال نشره موقع "ذا هيل" للكاتب جوناثان لورد، مدير برنامج أمن الشرق الأوسط في مركز الأمن الأميركي، فالولايات المتحدة وإسرائيل تجمعهما علاقة قديمة، ويتجاوز قادة البلدين الخلافات الشخصية أو السياسية الخفية بسبب وجود أهداف إستراتيجية أوسع.
ويقول الكاتب في مقاله بعنوان "مع انتهاء الانتخابات، العلاقة بين الولايات المتحدة وإسرائيل تواجه اختبارات جديدة":" توجد فائدة متبادلة من العمل سوياً بدلاً من العمل بشكل منفصل، ومع خروج القادة السياسيين من كلا البلدين من مسار الحملة الانتخابية والعودة إلى العمل، سيكون من الحكمة التركيز على إيجاد طرق للتغلب على الاختلافات والعمل معاً على دعم الأهداف المشتركة العديدة. ويرى الكاتب أنه لن يتغير الكثير في العلاقة الثنائية بعد الانتخابات النصفية الأميركية، حيث كانت معظم المقاعد المتنازع عليها بشدة في مناطق "أرجوانية" حيث لا يزال دعم إسرائيل مرتفعاً عبر الأطياف السياسية".
ويدعي الكاتب :"بينما أصبحت إسرائيل على مدار سنوات قضية انقسامية وحزبية بشكل متزايد على الهوامش السياسية، لا تزال إسرائيل تتمتع بدعم واسع من كلا الحزبين في الكونغرس. أما من ناحية تأثير نتائج الانتخابات الإسرائيلية في العلاقة مع الولايات المتحدة، فلا تزال الإجابة غير مؤكدة ولكن واشنطن قلقة لأسباب مفهومة. إذ يُعتبر رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو شخصية مثيرة للاستقطاب في واشنطن، بسبب مخالفته للأعراف المقدسة منذ فترة طويلة بإبقاء إسرائيل خارج الصراع الحزبي وقبوله دعوة من الكونغرس الذي يسيطر عليه الجمهوريون للإعراب عن معارضته اتفاق إيران النووي عندما كان في السلطة خلال ولاية باراك أوباما".
ويشير الكاتب إلى أنه "على مدار حياته السياسية، اكتسب نتنياهو سمعة بأنه مستعد لفعل كل ما هو ضروري لتحقيق أهدافه -وبناءاً على أفعاله، لن يستغرق الأمر وقتاً طويلاً لملاحظة واستخلاص النتائج حول ما هو أكثر أهمية بالنسبة له. وللنجاح في تشكيل حكومة، سيحتاج نتانياهو بشكل شبه مؤكد إلى عرض مناصب مؤثرة على اليمين المتطرف والوطنيين المتطرفين. وتمثل حقيقة أن الغوغائيين مثل بتسلئيل سموتريتش وإيتامار بن غفير يمكن أن يصبحوا، على التوالي، وزيري الدفاع والأمن الداخلي الإسرائيليين القادمين أمراً مخيفاً لليهود الأميركيين من جميع الأطياف السياسية، وقد أزعجت على الأرجح مؤيدي إسرائيل الأكثر صخباً في الكونغرس".
بالإضافة إلى ذلك :"سيعتمد نتنياهو، الذي يواجه سلسلة من محاكمات الفساد، في الواقع على الأرجح على هؤلاء الأفراد وأحزابهم ليس فقط لأجل مستقبله السياسي ولكن ربما لأجل حريته الشخصية. وسيحتاج إلى تغييرات تشريعية غير مسبوقة ومثيرة للجدل لإضعاف القضاء الإسرائيلي وحماية نفسه من احتمال دخوله السجن. ورغم أن هذه هي الأولوية الأولى على الأرجح لنتنياهو، فقد يرى نفسه على أنه أداة الله الإلهية في حماية إسرائيل من إيران، التي لم تكن أقرب مما هي عليه الآن من صنع سلاح نووي. وفي سبيل امتلاك رادع عسكري موثوق لإيران أو وسيلة واقعية لتعطيل برنامج إيران النووي عسكرياً، ستحتاج إسرائيل إلى التعاون الوثيق مع واشنطن".
ويبقى أيضاً "من مصلحة إسرائيل تعزيز عمق استراتيجي أكبر من خلال مواصلة تطوير علاقات أوثق مع الشركاء الناشئين في الخليج، مثل الإمارات العربية المتحدة. ومن خلال تولي مسؤولية ملفات أمنية، سيحصل سموتريش وبن غفير على فرصة للتحريض على تجدد الصراع مع الفلسطينيين، في وقت أدت فيه التوترات المتصاعدة بالفعل إلى أعمال عنف هذا العام. وستستنفد أي جولة جديدة من الصراع مع حماس أو فصائل أخرى الموارد العسكرية الإسرائيلية على حساب التخطيط والاستعداد للطوارئ اللازم للتعامل مع إيران".
"ولطالما كانت عمليات الترحيل من الضفة الغربية وضم المناطق إلى إسرائيل ركيزة طويلة لبرنامجهما السياسي. واستند إنشاء اتفاقات أبراهام في عام 2020 على شرط ألا تضم إسرائيل الضفة الغربية؛ وقد تتعرض تلك الاتفاقية والعلاقات المزدهرة التي تلتها مع الإمارات والبحرين ودول أخرى في المنطقة للتهديد من قبل هؤلاء القوميين المتطرفين الذين جرى تمكينهم حديثاً. وإذا كان نتنياهو جاداً في حماية إسرائيل من إيران والعمل مع كل من الولايات المتحدة وشركاء دول الخليج العربية الناشئين للقيام بذلك، فسوف يحتاج إلى تقييد الآراء المتطرفة داخل ائتلافه" بحسب الكاتب.
وفي واشنطن، سيحتاج الرئيس جو بايدن إلى فعل الشيء نفسه إذا كان يأمل في تنفيذ خطته للشرق الأوسط. إذ تتطلب إستراتيجية الدفاع الوطني الجديدة تقليص الوجود العسكري الأميركي في الشرق الأوسط لتحرير الموارد لروسيا والصين، وتعمل الإستراتيجية على تعويض مخاطر هذا الإنسحاب من خلال زيادة الاستثمار في القوة العسكرية الفردية والجماعية للشركاء في المنطقة. ويُترجم هذا إلى المزيد من المبيعات العسكرية الخارجية ودبلوماسية الدفاع لبناء هيكل أمني إقليمي، ولكن المناخ السياسي في واشنطن يزيد من صعوبة هاتين المهمتين -ليس مع السعودية فحسب، ولكن مع إسرائيل أيضاً. فقد فرض التقدميون في مجلس النواب وبعض التحرريون في مجلس الشيوخ في وقت سابق من هذا العام بعض القيود على تمرير الاعتمادات اللازمة لدعم نظام القبة الحديدية العسكري في إسرائيل.
وينهي الكاتب مقاله بالإشارة إلى أنه في الأسبوع الماضي، "أصدر القادة الإسرائيليون المنتهية ولايتهم توبيخاً صارماً ونادراً لواشنطن، بعد تقارير تفيد بأن وزارة العدل كانت تحقق في مقتل الصحافية شيرين أبو عاقلة أثناء تغطيتها لعملية عسكرية إسرائيلية في الضفة الغربية. ومن السهل رؤية كيف يمكن للقضية أن تطغى على الفرص الحاسمة للتعاون الأمني بين الولايات المتحدة وإسرائيل" ما يستوجب -بحسب الكاتب – "أنه بعد انتهاء الانتخابات في إسرائيل والولايات المتحدة، يجب الآن قمع المشاعر السياسية ويجب على القادة اختيار إعطاء الأولوية لمصالح الأمن القومي لبلديهما".حسب موقع صحيفة "القدس" الفلسطينية