مقابلة صحفية مع السفير قوه وي مدير مكتب جمهورية الصين الشعبية لدى دولة فلسطين حول مخرجات القمة الصينية العربية الأولى ولقاء قمة للرئيسين الصيني والفلسطيني
1، كيف يعلقون الرئيس الصيني شي جينبينغ على العلاقات القائمة بين الصين والدول العربية في كلمته الملقاة في القمة الصينية العربية؟
تتمحور الكلمة الرئيسية التي ألقاها الرئيس الصيني شي جينبينغ في القمة الصينية العربية على عنوان واحد، ألا وهو تكريس روح الصداقة الصينية العربية والعمل يدا بيد على بناء المجتمع الصيني العربي للمستقبل المشترك نحو العصر الجديد.
قام الرئيس الصيني شي جينبينغ باستخلاص روح الصداقة الصينية العربية الممتدة لآلاف السنين ذات المزايا الثلاث، وقيم تقييما عاليا الدعم المتبادل بين الجانبين في القضايا المتعلقة بالمصالح الجوهرية للجانب الآخر، والاتحاد والتقدم معا في قضية تحقيق أحلام نهضة الأمة، والتضامن بروح الفريق الواحد في المعركة ضد جائحة فيروس كورونا المستجد؛ والتعاون العملي بين الجانبين الصيني والعربي الذي يقوم على أساس المنفعة المتبادلة والكسب المشترك، وتزايد حجم التبادل التجاري والاقتصادي والاستثمارات المباشرة المتبادلة بشكل مستمر، والنتائج المثمرة التي حققها التعاون في بناء "الحزام والطريق"، وقيام الصين والدول العربية سويا بنشر المغزى الحقيقي للحضارة ألا وهو "الاهتمام بالسلام والدعوة إلى الانسجام والالتزام بالتعهدات والسعي وراء الحق"؛ والعمل سويا على الحفاظ على التنوع الحضاري في العالم.
2، كيف تتحقق مبادرة بناء المجتمع الصيني العربي للمستقبل المشترك التي طرحها الرئيس الصيني شي جينبينغ؟
طرح الرئيس الصيني شي جينبينغ الطرق الأربعة لبناء المجتمع الصيني العربي للمستقبل المشترك. أولا، التمسك بالاستقلالية وتبادل الدعم الثابت في المساعي إلى الحفاظ على سيادة البلاد وسلامة الأراضي والكرامة الوطنية، والتمسك سويا بمبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية وتطبيق تعددية الأطراف الحقيقية. ثانيا، التركيز على التنمية الاقتصادية وتعزيز المواءمة بين الاستراتيجيات التنموية، وبناء "الحزام والطريق" بجودة عالية، والتعامل الفعال مع التحديات الكبرى القائمة مثل أمن الغذاء والطاقة، والعمل سويا على تنفيذ مبادرة التنمية العالمية. ثالثا، الحفاظ على سلام المنطقة وبناء منظومة أمنية مشتركة وشاملة وتعاونية ومستدامة في الشرق الأوسط، وحث المجتمع الدولي على احترام شعوب الشرق الأوسط باعتبارها أسياد المنطقة. رابعا، تعزيز التبادل الحضاري وتعميق التعاون الإنساني والثقافي ورفض "الإسلاموفوبيا" وتكريس قيم البشرية المشتركة المتمثلة في السلام والتنمية والإنصاف والعدالة والديمقراطية والحرية.
3، ما هي مضامين "الأعمال الثمانية المشتركة" للتعاون العملي بين الصين والدول العربية التي أعلنها الرئيس الصيني شي جينبينغ؟
أعلن الرئيس الصيني شي جينبينغ عن أن الجانب الصيني سيعمل مع الجانب العربي على الدفع بـ"الأعمال الثمانية المشتركة" خلال السنوات الثلاث إلى الخمس المقبلة، التي تشمل إجراءات التعاون العملي في المجالات الثمانية التالية: تدعيم التنمية، الأمن الغذائي، الصحة، التنمية الخضراء والابتكار، أمن الطاقة، الحوار بين الحضارات، تأهيل الشباب، الأمن والاستقرار، بما يدفع بالمضي قدما بخطوات متزنة نحو بناء المجتمع الصيني العربي للمستقبل المشترك.
تتكون مضامين الأعمال الثمانية المشتركة للتعاون العملي بين الصين والدول العربية من: أولا، العمل المشترك لتدعيم التنمية. سيتباحث الجانب الصيني مع الجانب العربي في تنفيذ مشاريع المساعدات والتعاون الإنمائي بقيمة 5 مليار يوان صيني، وإدراج 30 مشروعا مستوفيا للشروط في الدول العربية في مجموعة المشاريع لمبادرة التنمية العالمية؛ وسيقدم الدعم من القروض الائتمائية وخطوط الائتمان للجانب العربي بناء على احتياجاته التمويلية للمشاريع التي تشمل القدرة الإنتاجية والبنية التحتية والطاقة والتمويل الأخضر وغيرها من المجالات، ويدعم البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية في زيادة استثماراته العالية الجودة والمنخفضة التكلفة والمستدامة في البنية التحتية للجانب العربي؛ وسيعطي معاملة إعفاء رسوم جمركية على 98% من المنتجات الخاضعة للضريبة المستوردة من الدول العربية الأقل نموا بموجب ما وصل إليه تبادل وثائق التعاون؛ ويقدم المساعدات للأعمال الإنسانية وإعادة الإعمار بقيمة 800 مليون يوان صيني إلى فلسطين واليمن ولبنان وسورية وغيرها من الدول؛ ويعمل على وصول حجم التبادل التجاري بين الصين والدول العربية إلى 430 مليار دولار أمريكي بحلول عام 2027.
ثانيا، العمل المشترك في مجال الأمن الغذائي. يحرص الجانب الصيني على مساعدة الجانب العربي على الارتقاء بمستوى الأمن الغذائي ورفع قدرته الإنتاجية الشاملة في الزراعة؛ وسيشارك الجانب العربي في إنشاء 5 مختبرات مشتركة للزراعة الحديثة، وإجراء 50 مشروعا نموذجيا للتعاون التقني في مجال الزراعة، وسيبعث 500 خبير للتقنيات الزراعية إلى الجانب العربي لمساعدته على زيادة إنتاج الحبوب ورفع القدرة على الحصاد والتخزين والحد من الفقد للغذاء ورفع كفاءة الإنتاج الزراعي؛ وإنشاء "الممرات الخضراء" لنفاذ المنتجات الزراعية والغذائية العربية المتميزة إلى الصين.
ثالثا، العمل المشترك في مجال الصحة. يحرص الجانب الصيني على العمل مع الجانب العربي على إنشاء مركز التعاون التكنولوجي للصحة العامة ورابطة التعاون في الابتكار والأبحاث والتطوير للقاح؛ وسينفذ 5 مشاريع للتعاون في الطب الصيني التقليدي والأدوية الصينية في الدول العربية، مع مواصلة بعث فرق طبية صينية إلى الدول العربية للعمل فيها، وإجراء 2000 عملية جراحية خيرية لعلاج إعتام عدسات العين، وتقديم خدمات طبية وصحية عن بعد للشعوب العربية.
رابعا، العمل المشترك في مجال التنمية الخضراء والابتكار. يحرص الجانب الصيني على العمل مع الجانب العربي على إنشاء المركز الصيني العربي للأبحاث الدولية للحد من الجفاف والتصحر وتدهور الأراضي، وتنفيذ 5 مشاريع لتعاون الجنوب - الجنوب لمواجهة تغير المناخ؛ وسيدعم جهود الجانب العربي في مكافحة الكوارث والحد من تداعياتها بالاستفادة من أقمار فنغيون الاصطناعية للأرصاد الجوية ومركز بيجينغ العالمي للأرصاد الجوية؛ ويحرص على العمل مع الجانب العربي على إنشاء المركز الصيني العربي لتدعيم القطاعات التطبيقية لنظام بيدو للملاحة الفضائية، لتقديم خدمات مميزة للجانب العربي في مجالات النقل والمواصلات والزراعة الدقيقة والبحث والإنقاذ وغيرها؛ وسيعمل مع الجانب العربي على إنشاء دفعة من المختبرات المشتركة أو مراكز التعاون للبحث والتطوير في الحياة والصحة والذكاء الاصطناعي والتنمية الخضراء والمنخفضة الكربون والمعلومات والاتصالات والمعلومات الفضائية وغيرها من المجالات، وتقديم 300 نوع من التكنولوجيا الحديثة القابلة للتطبيق إلى الجانب العربي.
خامسا، العمل المشترك لأمن الطاقة. يحرص الجانب الصيني على العمل مع الجانب العربي على إنشاء المركز الصيني العربي للتعاون في الطاقة النظيفة ودعم شركات الطاقة والمؤسسات المالية الصينية للمشاركة في مشاريع الطاقة المتجددة في الدول العربية، والتي تتجاوز قدرتها المركبة الإجمالية 5 ملايين كيلوواط، وإجراء التعاون مع الجانب العربي في البحث والتطوير لتكنولوجيا الطاقة، وتعزيز التنسيق حول سياسة الطاقة، والدفع بإنشاء منظومة حوكمة عالمية للطاقة تتميز بالإنصاف والعدالة والتوازن والنفع للجميع.
سادسا، العمل المشترك للحوار بين الحضارات. سيدعو الجانب الصيني 1000 شخصية حزبية وبرلمانية وإعلامية وفكرية من الجانب العربي لزيارة الصين لإجراء التواصل؛ سيدفع التعاون بين 500 شركة ثقافية وسياحية من الجانبين الصيني والعربي، مع تأهيل 1000 كفء للدول العربية في مجالي الثقافة والسياحة؛ سيعمل مع الجانب العربي على تنفيذ مشروع تبادل ترجمة 100 كتاب وعمل أدبي صيني وعربي ومشروع التعاون بشأن 50 برنامجا سمعيا وبصريا؛ سيواصل تعظيم دور مركز الدراسات الصيني العربي للإصلاح والتنمية، بغية تعزيز الحوار بين الحضارات وتدعيم تبادل الخبرات في مجال الحوكمة والإدارة.
سابعا، العمل المشترك لتأهيل الشباب. سيقوم الجانب الصيني باستضافة المنتدى الصيني العربي لتنمية الشباب، وإطلاق "خطة التعاون 10+10 للجامعات الصينية والعربية"؛ سيتم دعوة 100 عالم شاب عربي لزيارة الصين للتواصل حول البحث العلمي، ودعوة 3000 شاب ومراهق للمشاركة في فعاليات التواصل الثقافي الصيني العربي، ودعوة 10 آلاف كفء عربي للمشاركة في دورات تدريبية متخصصة بمساعدة الفقراء والحد من الفقر والصحة والتنمية الخضراء وغيرها؛ سيدفع بإنشاء مزيد من ورشات لوبان في الدول العربية.
ثامنا، العمل المشترك للأمن والاستقرار. سيعمل الجانب الصيني مع الجانب العربي على تعزيز الحوار الاستراتيجي بين الجهات الدفاعية والقوات المسلحة للجانبين وتعزيز التبادل بين الأسلحة المختلفة والتواصل بين الأكاديميات المعنية، وتعميق التعاون في مجالات الأمن البحري وعمليات حفظ السلام الدولي والتقنيات المتخصصة وغيرها، وتوسيع نطاق المناورات والتدريبات المشتركة وتدريب الأفراد؛ سيتم تدريب 1500 فرد عربي في مجالي بناء الشؤون الشرطية الذكية وإنفاذ القانون للأمن السيبراني وغيرهما؛ سيعمل الجانبان سويا على تنفيذ مبادرة التعاون بين الصين وجامعة الدول العربية بشأن أمن البيانات، وإقامة آلية التواصل الصيني العربي في مجال المعلومات الإلكترونية لتعزيز التواصل والحوار في مجالي حوكمة البيانات والأمن السيبراني وإلخ.
4، ما هو الدور الذي تلعبه الصين في القضية الفلسطينية؟
قبل أيام، وجه الرئيس الصيني شي جينبينغ برقية التهنئة للسنة العاشرة على التوالي إلى الأمم المتحدة بمناسبة ذكرى اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني، بحيث يعكس دعم الصين المتواصل لقضية الشعب الفلسطيني العادلة، واهتماماتها البالغة وحرصها الكبير بتعزيز السلام والاستقرار في الشرق الأوسط، وإرادتها الراسخة لحماية العدالة والإنصاف الدوليين. وفي 6 كانون الأول، وقعت الحكومة الصينية والحكومة الفلسطينية مذكرة تفاهم بشأن تعاون الحزام والطريق، وذلك سيعود بمزيد من الفوائد على الشعبين الصيني والفلسطيني.
وأشار الرئيس الصيني شي جينبينغ خلال لقائه مع نظيره الفلسطيني محمود عباس في 8 كانون الأول الجاري أن الصداقة الصينية الفلسطينية راسخة في قلوب الناس، وظل الجانبان يتبادلان الثقة والدعم على مدار أكثر من نصف قرن. مهما كانت التغيرات الدولية والإقليمية، ظل الجانب الصيني يدعم بثبات القضية العادلة للشعب الفلسطيني لاسترداد حقوقه الوطنية المشروعة، ويقف دائما إلى جانب الشعب الفلسطيني. وقال الرئيس الصيني إن على المجتمع الدولي أن يعطي الأولوية للقضية الفلسطينية في الأجندة الدولية، ويتمسك باتجاه "حل الدولتين" ومبدأ "الأرض مقابل السلام"، ويدفع باستئناف مفاوضات السلام على أساس قرارات الأمم المتحدة المعنية ومبادرة السلام العربية، مضيفا أن الجانب الصيني سيواصل بذل جهود دؤوبة للدفع بإيجاد حل عادل ودائم ومبكر للقضية الفلسطينية. وأكد الرئيس الصيني أن العام المقبل يصادف الذكرى الـ٣٥ لتأسيس العلاقات الدبلوماسية بين الصين وفلسطين، فمن الضروري أن يخطط الجانبان الفعاليات الاحتفالية بشكل جيد. لقد وقعت الصين وفلسطين وثيقة التعاون السياحي، وتعملان على دفع المفاوضات بشأن منطقة التجارة الحرة بينهما، وعقدتا بنجاح الدورة الثانية للجنة الصينية الفلسطينية المشتركة للتعاون الاقتصادي والتجاري والفني. وذكر الرئيس الصيني أن الجانب الصيني قدم إلى اللاجئين الفلسطينيين كمية كبيرة من اللقاحات وغيرها من مستلزمات مكافحة الجائحة، وسيواصل تقديم ما في وسعه من المساعدات لتنمية الاقتصاد وتحسين معيشة الشعب في فلسطين، لافتا إلى أن الجانب الصيني يقدر مشاركة الجانب الفلسطيني النشيطة في التعاون الجماعي بين الصين والدول العربية، مستعدا لتعزيز التواصل والتعاون مع الجانب الفلسطيني بشأن تطوير العلاقات الصينية العربية وتنفيذ مبادرة التنمية العالمية ومبادرة الأمن العالمي.
وألقى الرئيس الصيني شي جينبينغ كلمة رئيسية خلال القمة الصينية العربية المنعقدة في 9 كانون الأول، حيث أعرب عن أن القضية الفلسطينية تهم السلام والاستقرار في الشرق الأوسط. لا يمكن أن يستمر الظلم التاريخي الذي يعاني منه الشعب الفلسطيني إلى أجل غير مسمى، ولا تجوز المساومة على الحقوق الوطنية المشروعة، كما أن التطلعات لإقامة دولة مستقلة لا تقبل رفضا. يجب على المجتمع الدولي أن يرسخ الإيمان بـ"حل الدولتين" والتمسك بمبدأ "الأرض مقابل السلام" بحزم، ويعمل بكل ثبات على بذل جهود حميدة لدفع مفاوضات السلام، ويزيد من المساعدات الإنسانية والإنمائية لفلسطين، ويدفع الحل العادل والعاجل للقضية الفلسطينية. يرحب الجانب الصيني بالتقدم المهم الأخير الذي حققته الجهود العربية لدفع المصالحة الداخلية الفلسطينية. وأكد الرئيس الصيني مجددا أن الجانب الصيني يدعم بكل ثبات إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة الكاملة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، ويدعم حصول فلسطين على عضوية كاملة في الأمم المتحدة، وسيواصل تقديم المساعدات الإنسانية إلى الجانب الفلسطيني لدعمه لتنفيذ المشاريع المعيشية، كما سيزيد من التبرعات إلى وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى.