شيع الفلسطينيون جثمان شاب فلسطيني استشهد برصاص الجيش الإسرائيلي فجر الخميس في مدينة نابلس شمال الضفة الغربية، وسط تنديد وغضب رسمي وشعبي.
وأعلنت وزارة الصحة الفلسطينية في بيان أن أحمد عاطف دراغمة (23 عاما) استشهد إثر إصابته برصاص قوات الجيش الإسرائيلي خلال مواجهات اندلعت في محيط قبر يوسف شرق مدينة نابلس.
ولم يصدر أي تعقيب من قبل الجيش الإسرائيلي على الحادثة، إلا أن الإذاعة العبرية العامة أفادت بأن تبادلا لإطلاق النار جرى بين قوات الجيش الإسرائيلي ومسلحين فلسطينيين لحظة قيام القوات بتأمين دخول مصلين يهود ضريح يوسف.
ويعد مقام يوسف مقصدا لآلاف المستوطنين الإسرائيليين حيث يقيمون الصلوات والشعائر الدينية اليهودية فيه باعتبار أنه قبر النبي يوسف الابن الحادي عشر للنبي يعقوب، لكن خبراء آثار فلسطينيين يقولون إن عمر القبر لا يتجاوز بضعة قرون، وأنه مقام لشيخ مسلم اسمه يوسف الدويكات.
وانطلق موكب تشييع جثمان دراغمة إلى مثواه الأخير في مدينة طوباس مسقط رأسه التي عم الإضراب الشامل فيها، من أمام المستشفى "التركي الحكومي" بالمدينة، وصولا إلى منزل عائلته حيث ألقي أقاربه نظرة الوداع الأخيرة عليه.
ورفع المشاركون في الجنازة التي سارت في شوارع طوباس إلى أحد مساجدها لأداء الصلاة عليه قبل أن يتم مواراته الثرى في مقبرة المدينة، الأعلام الفلسطينية ورددوا هتافات تدين الجريمة الإسرائيلية وأخرى تطالب بتوفير حماية دولية للفلسطينيين.
وقال والده المكلوم على فراقه وهو أسير محرر للصحفيين خلال موكب التشييع إن فاجعة مقتل أحمد هي أصعب مصيبة مرت في حياتي، رغم ما عانيته سابقا في السجون الإسرائيلية.
وأضاف الوالد بينما تنهمر عينيه في البكاء لقد مررت في حياتي بمصائب كثيرة، إذ قضيت في السجون الإسرائيلية 15 عاما ولكن مقتل ابني أكبر مصيبة يمكن أن تحدث لي.
ودراغمة لاعب كرة قدم ينتمي إلى نادي "ثقافي طولكرم" أحد أندية دوري المحترفين الفلسطيني في الضفة الغربية ويعد من أبرز الهدافين للفريق خلال مرحلة الدور الأول من بطولة الدوري.
وقال محمود دراغمة مدرب الفريق الذي لم يتمالك نفسه من هول الحادثة إن أحمد أشرفت على تدريباته وكان شعلة من النشاط والانضباط والالتزام والتطور والبحث عن الأفضل.
وأضاف للصحفيين بصوت متقطع أن أحمد كان لاعبا مميزا ومهاريا ويحب تسجيل الأهداف كونه يلعب في مركز المهاجم وكان متعاونا جدا مع زملائه، وكان يختلف عنهم بالموهبة والتمركز الصحيح وكان حلمه تمثيل المنتخب الفلسطيني.
وباستشهاد دراغمة ارتفع عدد الشهداء الفلسطينيين منذ بداية العام الجاري إلى 224 بينهم أطفال ونساء بحسب إحصائيات فلسطينية رسمية في خضم تصاعد غير مسبوق للتوتر بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي منذ أعوام.
ولاقت حادثة مقتل دراغمة تنديدا فلسطينيا رسميا وشعبيا.
وفي السياق ذاته، دعا رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية في بيان الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) لإدانة "جريمة اغتيال دراغمة ومعاقبة الجناة".
وطالب اشتية المؤسسات الحقوقية الدولية بالوقوف عند مسؤولياتها، لوقف "الإعدامات الميدانية" التي ينفذها الجيش الإسرائيلي بحق الفلسطينيين في الضفة الغربية ومعاقبة الجناة وتقديمهم للعدالة.
بدوره، نعى رئيس الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم الفريق جبريل الرجوب اللاعب دراغمة، داعيا الاتحاد الدولي لكرة القدم إلى "الانتصار لقوانينه ولحقوق الإنسان واتخاذ عقوبات رادعة بحق الاحتلال ومؤسساته ذات العلاقة".
وقال الرجوب في بيان إن الجريمة بحق رياضي ولاعب فلسـطيني تضاف إلى مسلسل الإجرام المستمر بحق الرياضة والرياضيين الفلسطينيين وخلافا لكل المواثيق والشرائع الدولية والرياضية والإنسانية.
وأضاف الرجوب أن الحادثة تأتي في ظل احتفاء العالم بانتهاء بطولة كأس العالم وحلول أعياد الميلاد المجيدة ورأس السنة الجديدة، مما يؤكد عدم إيلاء الحكومة الإسرائيلية أي اعتبار للقوانين والمواثيق الدولية والإنسانية.
من جهته، قال نائب محافظ طوباس أحمد الأسعد إن حادثة مقتل اللاعب دراغمة تضاف إلى سلسلة الجرائم الإسرائيلية بحق الفلسطينيين والتي تتم مع سبق الإصرار، داعيا دول العالم والمجتمع الدولي إلى الضغط على إسرائيل لوقف ممارساتها المتصاعدة.
واعتبر الأسعد في بيان أن الممارسات والإجراءات الإسرائيلية بحق الشعب الفلسطيني لن تنال من عزيمة وإرادته وحقه في تقرير مصيره بإقامة دولة المستقلة وعاصمتها القدس.
كما اعتبرت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين أن الرد على مقتل دراغمة يتطلب تصعيد المقاومة بكافة أشكالها وتعزيزها بموقف فلسطيني موحد يتمسك بحقوق الشعب الفلسطيني وثوابته.
وفي السياق ذاته، نعت حركة الجهاد الإسلامي في بيان دراغمة لاعب نادي ثقافي طولكرم الرياضي، معتبرة أن استمرار جرائم القتل والإرهاب بحق الشعب الفلسطيني واستباحة أرضنا ومقدساتنا لن يمنح الاحتلال الإسرائيلي الأمن على حساب دمنا.
