أفاد وقع "واللا" العبري، يوم الجمعة، بأن مستشار الأمن القومي في البيت الأبيض، جيك سوليفان، سيزور إسرائيل منتصف الشهر المقبل من أجل لقاء رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، حول سياسة حكومته اليمينية المتطرفة.
وتأتي زيارة سوليفان على خلفية قلق إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، من سياسة حكومة اليمين المتطرف الإسرائيلية تجاه الفلسطينيين، وخاصة بكل ما يتعلق بتوسيع المستوطنات وشرعنة بؤر استيطانية عشوائية.
كذلك يسود قلق في إدارة بايدن من خطوات حكومة نتنياهو ضد الأقلية العربية في إسرائيل وضد استقلالية جهاز القضاء والمثليين، بحيث تضع تحديات أمام القيم الديمقراطية، وفقا لما نقله"واللا" عن خمسة موظفين إسرائيليين وأميركيين رفيعين.
وقال مسؤولون إسرائيليون إن سوليفان سيكون المسؤول الأميركي الأول الذي سيزور إسرائيل بعد بدء ولاية حكومة نتنياهو، وأنه يتوقع أن يزور وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، إسرائيل بعد ذلك بوقت غير طويل.
ويتوقع أن يلتقي سوليفان مع رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي، تساحي هنغبي، ووزير الشؤون الإستراتيجية، رون ديرمر، الذي سيكون وزير خارجية شخصي لنتنياهو. وتشكل زيارة سوليفان مقدمة لمحادثات بين الإجارة الأميركية والحكومة الإسرائيلية تمهيدا لزيارة نتنياهو المحتملة للبيت الأبيض، في شباط/فبراير المقبل.
وقال نتنياهو خلال خطابه في الكنيست، أمس، أن أمام حكومته هدفين مركزيين، وقف البرنامج النووي الإيراني وضم دول عربية أخرى إلى "اتفاقيات أبراهام" وخاصة السعودية.
وقال بلينكن في بيان، اليوم، إن "الولايات المتحدة تتطلع للعمل مع الحكومة الإسرائيلية الجديدة، برئاسة بنيامين نتنياهو"، مضيفا أنه "سنواصل دعم حل الدولتين ومعارضة السياسات التي تعرض للخطر قابلية هذا الحل للحياة أو تتعارض مع مصالحنا وقيمنا المشتركة".
وقال بايدن، في بيان أمس، إنه "أتطلع للعمل مع رئيس الحكومة نتنياهو الذي كان صديقي على مدى عقود، للتعامل بشكل مشترك مع التحديات والفرص التي تواجه إسرائيل ومنطقة الشرق الأوسط، بما في ذلك التهديدات الإيرانية".
وأضاف أنه "كما فعلنا طوال عهدي، ستواصل الولايات المتحدة دعم حل الدولتين ومعارضة السياسات التي تشكّل خطرا على قابلية تحقيقه أو تتناقض مع مصالحنا المتبادلة وقيمنا".
تحديات أمام حكومة نتنياهو
بعد أن شكل بنيامين نتنياهو حكومته السادسة وحازت على ثقة الكنيست بأغلبية أصوات الائتلاف فقط، يتوقع أن يتجه نتنياهو إلى تهدئة الوضع الداخلي بعد الصدمة التي أصابت الإسرائيليين بسبب الاتفاقيات الائتلافية، باستجابة نتنياهو لمطالب وأطماع الأحزاب المشاركة في الائتلاف، وخاصة الصهيونية الدينية و"عوتسما يهوديت".
إلا أنه قبل ذلك سيسعى نتنياهو إلى تحقيق غايته الأساسية من هذه الحكومة، وفق تقرير نشره موقع "زْمان يسرائيل" الإخباري، وهي تخليصه من محاكمته بتهم فساد خطيرة.
وحسب التقرير، فإن الدور الرئيس في هذا السياق يؤديه ياريف ليفين، الذي تمكن بعد تعيينه رئيسا مؤقتا للكنيست، لمدة أسبوعين، من تمرير ثلاثة قوانين سمحت بتشكيل حكومة نتنياهو. والآن، بعد أن تولى منذ أمس وزارة القضاء، سيسعى ليفين إلى "الخروج منها حاملا الكأس المقدسة: إلغاء أو تفكيك أو تقليص محاكمة نتنياهو".
وأضاف التقرير ان "هذه مهمة حياتهما. فنتنياهو هلع من نتائج المحكمة، وهو هلع أكثر من قرار سيسجل في كتب التاريخ ويصوره كمجرم مدان. وجهاز القضاء هو الهدف الأكبر للحكومة الجديدة التي تشكلت أمس، وسيخطف الأنظار لأشهر طويلة، إلا في حال حدوث تصعيد أمني أو تم التوصل إلى اتفاقيات سلام دراماتيكية" مع السعودية خصوصا".
لكن التقرير توقع "مواجهات لا تتوقف في هذه الحكومة بسبب بنيتها المنحرفة، التعيينات المستغربة والأشخاص الفاعلين فيها. كما يتوقع تزايد المعارضة من الخارج التي يمكن أن تقوض الحكومة".
ولفت تقرير آخر، في موقع "واللا" الإلكتروني، إلى "يقظة مدنية غير مسبوقة" حتى قبل تشكيل الحكومة. وتمثلت برسائل وعرائض بعثها عاملون في صناعة الهاي-تك، طيارون، رؤساء بلديات، أفراد شرطة ورجال قانون، الذين حذروا منذ أسابيع من التغييرات التي تعتزم الحكومة تنفيذها.
كما أن القطاع التجاري دخل بشكل غير مألوف إلى الحلبة السياسية في الأسابيع الأخيرة. وبدأ ذلك بإعلان بنك ديسكونت، رابع أكبر مصرف إسرائيلي، أنه لن يمنح اعتمادا لزبائن يمارسون التمييز ضد جهات إسرائيلية، بينهم المثليين، إذا مارسوا التمييز وامتنعوا عن تقديم خدمات لزبائنهم. وانضمت شركات إسرائيلية كبرى إلى هذه الخطوة.
وتسود حالة استنغار في جهاز الأمن، وخاصة في الجيش الإسرائيلي، في أعقاب الاتفاق الائتلافي مع رئيس الصهيونية الدينية، بتسلئيل سموتريتش، ومع رئيس "عوتسما يهوديت"، إيتمار بن غفير، اللذين حصلا على صلاحيات ومسؤوليات من الجيش الإسرائيلي، بينها أن يعين سموتريتش رئيس "الإدارة المدنية" و"منسق أعمال الحكومة في المناطق" المحتلة، ونقل قوات حرس الحدود في الضفة الغربية من مسؤولية الجيش إلى مسؤولية بن غفير.
واعتبر "واللا" أنه بعد زوال نشوة تشكيل الحكومة، سيتطلع نتنياهو إلى تهدئة الوضع المشتعل في إسرائيل، وكرر القول خلال مراسم الأمس "إنني رئيس حكومة الجميع".
وأشار "واللا" إلى أن مهمة الائتلاف الأولى والأكثر إلحاحا هي المصادقة على ميزانية الدولة، "والموضوع الوحيد الذي سيكون على رأس سلم الأفضليات هو الموضوع القضائي، الذي يتولاه ليفين". ومن شأن ذلك أن يؤدي إلى صدام مباشر بين الحكومة وجهاز القضاء".
إلا أن "واللا" لفت إلى أنه "ليس واضحا بأي سرعة يريد نتنياهو حدوث هذا الصدام. فإذا دخلت الحكومة فورا إلى حرب على الديمقراطية، سيكون من الصعب جدا عليها أن تنفذ ذلك في موازاة السلام، وهذه مهمة وزير الشؤون الإستراتيجية الذي سيعمل كوزير خارجية شخصي لنتنياهو، رون ديرمر، ويحاول تسريع الاتصالات مع السعودية".
ويريد نتنياهو تحقيق الأمرين، التخلص من المحاكمة واتفاق تطبيع علاقات مع السعودية، "ولكن بوتيرته الخاصة". إلا أن الجدول الزمني ليس مرتبطا به فقط. فالأسبوع المقبل سيكون أمامه التحدي الأول، عندما تنظر المحكمة العليا في التماس ضد تعيين رئيس حزب شاس، أرييه درعي، وزيرا بالرغم من إدانته بالفساد، بداية العام الحالي.
وإذا قررت المحكمة منع تعيين درعي وزيرا، فإن هذا سيقلب أجندة الحكومة ويضعها أمام مواجهة شديدة مع جهاز القضاء في الشهر الأول من ولايتها. ويتوقع في هذه الحالة أن يطالب درعي بأن يسن الكنيست قانونا يسمح بالالتفاف على المحكمة العليا ويمنعها من إلغاء قرارات الكنيست. "وهكذا، فإن الحرب العالمية بين السلطات قد تنشب أبكر من المتوقع، وتحويل خطط نتنياهو إلى مسار آخر".