تناقش الجمعية العامة للأمم المتحدة، الطلب الفلسطيني حول ماهية وجود الاحتلال الاستعماري الإسرائيلي في أرض دولة فلسطين بما فيها القدس، قبل تحويله إلى محكمة العدل الدولية.
ويأتي ذلك بعد أن اعتمدت اللجنة الرابعة للجمعية العامة للأمم المتحدة في الحادي عشر من الشهر الماضي، وهي اللجنة الخاصة بالمسائل السياسية، وإنهاء الاستعمار، قرار فلسطين بطلب فتوى قانونية، ورأيا استشاريا من أعلى هيئة قضائية دولية، من محكمة العدل الدولية حول ماهية وجود الاحتلال الاستعماري الإسرائيلي في أرض دولة فلسطين بما فيها القدس.
وستبحث الجمعية العامة، الآثار القانونية المترتبة على الاحتلال الدائم للأرض الفلسطينية، بما فيها كافة الانتهاكات المرتكبة بحق الفلسطينيين، حيث سيتم التصويت على ذلك أمام الجمعية العامة من أجل طلب رأي استشاري من قبل محكمة العدل الدولية على غرار ما حصل عام 2004 عندما أصدرت محكمة العدل الدولية رأياً استشارياً بخصوص بناء الجدار الفصل العنصري.
وقال وزير العدل الفلسطيني محمد الشلالدة إن القيمة القانونية لهذا الطلب من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة المطروح على محكمة العدل الدولية، والذي من المتوقع أن يصدر بالإيجاب لصالح دولة فلسطين، يركز على المبادئ والقواعد القانونية للأرض الفلسطينية المحتلة، بما فيها الاحتلال الدائم الذي مضى عليه فترة زمنية طويلة، والآثار المترتبة عليه من انتهاكات جسيمة بحق السكان المدنيين ومنها جريمة الفصل العنصري التي تمارس بحق الشعب الفلسطيني وتنتهك حقوقه بمختلف المجالات.
وأضاف: "تأتي أهمية الرأي الاستشاري كونه سيصدر عن أعلى سلطة قانونية في العالم، وهي الجمعية العامة التي تمثل السلطة التشريعية في المجتمع الدولي، وهي أقوى من الأحكام الصادرة من محكمة العدل الدولية، فعندما تكون الخصومة بين طرفين، فتكون هي المرجعية فقط لهاتين الدولتين".
وتابع الشلالدة: "هذا الرأي الاستشاري، يمكن توظيفه من خلال الدبلوماسية الفلسطينية برئاسة الرئيس محمود عباس، من خلال تحميل دولة الاحتلال المسؤولية القانونية الدولية، والجنائية، والمدنية، وفق مبادئ قواعد القانوني الدولي الانساني، وحقوق الإنسان، كما نستطيع أن نستند إليه في كافة المحافل الدولية بتوصيف ووصم دولة الاحتلال الاسرائيلي بأنها دولة فصل عنصري أمام الأمم المتحدة، كالقرار الذي أصدرته الجمعية العامة عام 1975 باعتبار الصهيونية شكل من أشكال العنصرية، لكن القرار تم إلغاؤه عام 1991".
وأردف: "القرار لا يتصف بالقيمة الأديبة والمعنونية، إنما بالقيمة القانونية الملزمة، وعلى الاحتلال تنفيذ القرار واحترام الرأي الاستشاري الصادر عن الجمعية العامة، وهذه مسؤولية مجلس الامن، استنادا للفصل السابع الذي يجبر الاحتلال تنفيذ كافة قرارات الشرعية الدولية، ابتداءً بقرار التقسيم رقم 181 الصادر عام 1947 الذي ركز عليه الرئيس محمود عباس في خطابه بالأمم المتحدة، الذي أشار أن عضوية إسرائيل معلق بشرطين هما تنفيذها لقرار 181 القاضي بتقسيم فلسطين لدولتين، وقرار 194 الذي يكفل حق عودة اللاجئين وتعويضهم".
وشدد الشلالدة على أنه لا بد من المجتمع الدولي أن يلزم إسرائيل على احترام هذه القرارات والمعاهدات الدولية، كسلطة قائمة بالاحتلال، التي لا تعترف حتى الآن باتفاقية جنيف الرابعة عام 1949، لافتاً إلى أن النضال القانوني في أروقة الأمم المتحدة مهم إلى جانب كافة أشكال النضال الفلسطيني.
وكان وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي عبر في وقت سابق، عن الحاجة إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لمعالجة الأسباب الجذرية لهذا الظلم التاريخي بحق الشعب الفلسطيني، المتمثلة بالاحتلال الإسرائيلي، من خلال العمل الجاد، واستنادا للقانون الدولي، وممارسة الضغط من أجل إنهاء انتهاكات حقوق الإنسان وجرائم الحرب، وإنهاء الاحتلال، وكذلك ضمان حماية الشعب الفلسطيني من وحشية الاحتلال الإسرائيلي، بأدواته المختلفة من حكومة وجيش الاحتلال، وميليشيات المستوطنين، وتفعيل المساءلة والمحاسبة لردع المجرمين الاسرائيليين وتعزيز العدالة.
ولفت إلى أن هذا القرار سيفتح حقبة جديدة لمساءلة إسرائيل تنفيذا لقرارات القيادة الفلسطينية، وخطاب الرئيس في الأمم المتحدة، وأن الدبلوماسية الفلسطينية وبعثاتها في الخارج تقوم بتنفيذ الاستراتيجية القانونية لمواجهة الاحتلال الإسرائيلي، وجرائمه، وصولا إلى تفكيك هذه المنظومة الاستعمارية، ونظام الابارتهايد، وكشف وفضح ومحاسبة كل الجهات التي تعمل على تشجيع ودعم بقاء هذه المنظومة غير القانونية على أرض دولة فلسطين المحتلة، بما فيها القدس، حتى احقاق حقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف، وعلى رأسها الحق الأسمى في تقرير المصير، والاستقلال والعودة للاجئين.
يذكر أن (98) دولة صوتت لصالح قرار فلسطين بطلب رأي استشاري، و(52) دولة امتنعت، و(17) دولة ضد، إضافة إلى أن القرار احتوى على فقرات تعالج الآثار القانونية الناجمة عن الخرق المستمر من إسرائيل لحق تقرير المصير للشعب الفلسطيني من خلال منظومة الاستعمار، والفصل العنصري القائم على اعتماد تشريعات وتدابير تمييزية، وفي ظل الممارسات والجرائم التي ترتكبها سلطات الاحتلال وأدواتها المختلفة