- بقلم سفير الاعلام العربي عن دولة فلسطين الاعلامي د. رضوان عبد الله
في منتصف تموز منذ اربع او خمس سنوات مضت ، وانا اتجه صباح ذلك اليوم منطلقا شرقا من صيدا باتجاه جسر بسري...ميمما نحوه كي احاول ان اخذ قسطا من راحة مع عائلتي ؛ مررت بكثير من القرى والارياف والضيعات والبلدات...الى ان وصلت مع العائلة الى منطقة نهرية حرجية على ضفتي بسري.....الرافد الاساسي لنهر الاولي....تذكرت الكثير من المواقع....التي كانت ترقد بها القوى والفصائل والاحزاب وتتموضع في مجابهة العدو واعوانه...تلك القوى المناضلة،فلسطينية كانت ام لبنانية....، وعادت معها الي والى بالي وخيالي احداثا كثيرة سبق وان حصلت على امتداد خط شرق صيدا منها ما هو بطولي كالتصدي للعدو الصهيوني وعملائه الذين كانوا محتلين لجزء كبير من اراضي جنوب لبنان العزيز.... ومنها ما هو مؤلم حيث سقط عشرات من شهداء المقاومة الفلسطينية والحركة الوطنية اللبنانية في معارك البطولة والتصدي لقطعان لحد وبقية عملاء العدو الصهيوني...اضافة الى عشرات بل مئات من الشهداء المدنيين .
والمؤلم الاكثر الوجود الاحتلالي وعملائه حيث كانت مرابض مدفعية العدو وعملائه ان كانت في مناطق اعالي برتا او كفر فالوس او غيرها من مناطق اندحرت عنها جحافل العدو وعملائه بفعل ضربات المقاومة الوطنية والاسلامية...وكان في كثير من الاحيان تستغل تلك المرابض العميلة موقعها المدعوم من العدو وتقصف بمدفعيتها الغاشمة احياء مدينة صيدا العربية الابية حيث سقط العديد من الشهداء المدنيين بفعل تلك الغارات المدفعية العميلة..
لم تكن في تلك المرحلة الثورية الدفاعية اية مباهج ولا مظاهر للتصوير....رغم اهمية تلك المرحلة في ردع العدوان عن صيدا بوابة الجنوب المقاوم وعاصمته ؛ وفي الدفاع غن القضية الفلسطينية بمراحلها المتتابعة ؛ رغم ضرورة توثيق وارشفة وتأريخ تلك المرحلة المهمة والمصيرية من صمود وثبات المقاومين.... كان الزمن زمن الثوار وليس زمن التصوير ومحبي الصور ومباهج الكاميرات العادية ولا الالكترونية من ((صوار )) ومتصورين وما الى هنالك من مريدي الشهرة الكاميراتية ان كانت فيديو او صور عادية....الا بعض المراسلين لوسائل اعلام مقروءة او مسموعة او مرئية...
وتعود بي الذاكرة ايضا كيف كان الاعلام الفلسطيني يتم انجازة بصورة واحدة لكل خبر ؛ ان كانت اسود وابيض او ملونة ؛ ولكن كانت تضاف الى الخبر الذي يتم تحريره ونشره على طابعة يدوية وليست الكترونية...وعلى يد زملاء وزميلات منهم من استشهد ومنهم من ينتظر ؛ طبعا لم يكن هناك كومبيوترات بل كان لدى كل الفصائل ادوات سحب يدوية ((ستانسل )) يتم خلالها عمل النشرات اليومية منها والاسبوعية لتغطي نضال المناضلين و استشهاد الشهداء المقاتلين وعن عروبة لبنان وقضية فلسطين كانوا عنها مدافعين....وبحتمية الايمان بالشهادة او بالنصر متيقنين....
لم يكن يخطر ببالنا انه يجب ان نظهر امام الكاميرا ونكون (صوارا) ونتصور...ولا حتى القادة في تلك المرحلة الاحياء منهم والشهداء رحمهم الله....كان الحرص دوما على مبادىء النضال والهمة الثورية والبعد عن الرياء والنفاق و مباهج الصورة الفارغة ولا ان نكون ولا قادتنا من اي نسيج مما يعمل به اولئك(الصوار ) ....!!!
لا يتعجبن احد ممن يقرأ هذه الكلمات التي هي جزء بسيط جدا من الية تقييم مراحل النضال كي نستطيع التمييز بين الثوار و(الصوار ) والفرق شاسع بالطبع كما هو بين الثرى والثريا......حتى لو كانت كلمة (الصوار) ستزعج عشرات المرائين من الزمن الحالي الرديء...رحم الله الثوار والشهداء خصوصا...و ابعدنا الله عن (الصوار) ومن لف لفهم.....
رزق الله ايام الاعلام الورقي.....زمن الطباعة اليدوية والسحب على الكربون والورق......وتوزيع نشرات باخبار عمليات فدائية وقتال واشتباك مع العدو وعملائه وتصدي لطيران العدو ومدفعيته وبوارجه في اكثر من مكان وفي غير زمان....ويسجل التاريخ استشهاد وجرح العشرات من الشباب والرجال والنساء والشيوخ والاطفال بسبب القصف المدفعي او الجوي او حتى البحري...من مدن وقرى ومخيمات لبنان عامة وجنوبه على وجه الخصوص...رحم الله الشهداء الثوار...الذين نذروا انفسهم لفلسطين...اولئك الذين سينصفهم التاريخ كما حاولوا الانتصار لقضية العرب والمسلمين والعالم اجمعين...!!!
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت