قال نائب الأمين العام للجبهة الشعبيّة لتحرير فلسطين، جميل مزهر، إنّ "عام 2022 كان مليئًا بالأحداث على المستوى الفلسطيني والعربي والدولي، وجرى خلاله أحداث كثيرة وتدفقت الكثير من الأحداث، في القلب منها القضية الفلسطينيّة".
ورأى مزهر في حديثٍ له خلال ندوةٍ نُظمتها الجمعية البحرينيّة لمقاومة التطبيع، أمس الأربعاء عبر تطبيق "زووم" كان محورها الأوّل: أولويات الساحة الوطنية الفلسطينية في ٢٠٢٣، ومعضلة الانقسام الداخلي الفلسطيني"، أنّنا أمام أوضاعٍ صعبة في ظلّ صعود اليمين الفاشي، وصعود الفاشيين الجدد في دولة الإرهاب الصهيونية، مشيراً إلى أنّ هذا الأمر سيترتّب عليه ممارساتٌ ستطال توسيع الاستيطان في الضفة، ومحاولات ضمٍّ لأراضي في الضفة، ومواصلة القتل والتدمير للفلسطينيين.
كما أكّد مزهر على أنّ القدس والأقصى سيكونان في عين العاصفة للممارسات الإجرامية للعدو، كذلك الأسرى سيكونون في مرمى النيران أيضًا، بالإضافة لأهلنا بالداخل المحتل.
وتابع نائب الأمين العام: "نرى أن هناك مشهدًا آخرًا في الوضع الفلسطيني، وهو تصاعد المقاومة، فهناك إقدام للشباب الفلسطيني في مواجهة العدو، وشهدنا العام الماضي مواجهةً مع الاحتلال، وصحيح أنّ هناك 233 شهيد و7000 عملية اعتقال، لكنّ هناك العديد من القتلى الصهاينة وصل عددهم إلى 31 قتيلاً أغلبهم من الجنود على إثر عمليات المقاومة، التي تقودها عرين الأسود وكتيبة جنين وكتيبة حراس الدهيشة وكلّ المقاومين، معتبراً في هذا الإطار أنّ "هذه هي نقطة الضوء المهمّة التي نراها في المشهد الفلسطيني".
وعلى الصعيد الداخلي، لفت مزهر إلى أنّه "وفي ظلّ الانقسام، فإنّنا نعيش حالةً محمومةً من الصراع على السلطة، وما زالت كلّ الجهود تصطدم بجماعات المصالح لكلا الطرفين، وأنّ الانقسام يتمأسس والاحتلال يستفيد من هذا الواقع".
وبيّن نائب الأمين العام للجبهة أنّ "قطاع غزّة يعيش أوضاعًا مأساويةً في ظلّ الانقسام والحصار، فهناك أكثر من 250 ألف خريجٍ عاطلٍ عن العمل دون أيّ أفق، وهناك عشرات الآلاف من العاطلين عن العمل، في ظلّ أوضاعٍ اقتصاديةٍ صعبة"، مُشدّدًا على أنّ "ذلك سببه الانقسام المدمر".
كما أشار إلى أنّ "شعبنا في الضفة يعيش أوضاعًا صعبةً في ظلّ استمرار الهيمنة والتفرّد بالمؤسّسات الفلسطينيّة، من قبل القيادة المتنفذة لمنظمة التحرير".
وأكّد مزهر على أنّ "الانقسام خلّف أوضاعًا كارثية على المستوى الوطني، فالاحتلال يغذي هذا الانقسام الذي يُشكّل غطاءً لممارساته الإجرامية بحق شعبنا، وأنّ الانقسام أعطى الاحتلال فرصة لمزيد من التغوّل في الاستيطان والاقتحامات للمدن والقرى الفلسطينية المُحتلّة".
وأردف: "ما زلنا نعيش حالةً من الصراع الداخلي في ظلّ جماعات المصالح التي تستفيد وتتغذّى وتُحقّق مصالحها الذاتية بالنفوذ والمزيد من الثروات، وبالتالي نعيش أوضاعًا كارثيةً وصعبة، وكلّ المحاولات التي جرت من أجل إنهاء الانقسام كلّها اصطدمت بجماعات المصالح والنفوذ، واصطدمت باشتراطات أبو مازن للدخول في منظمة التحرير، وفي هذا الإطار نقول إنّه لا يحقّ لأيّ كان أن يضع اشتراطاتٍ أو أن يفرض برنامجه على الآخرين؛ لأنّ منظمة التحرير تأسّست على قاعدة التعددية".
ورأى مزهر أنّه "لا زال هناك فيتو أمريكي صهيوني يتمثّل بعدم إنجاز الوحدة، ترضخ له أطراف فلسطينيّة، وكلّ الاتفاقيات التي وُقعت في القاهرة، وأخيراً اتفاق الجزائر قبل شهرين، جميعها تصطدم بمعيقاتٍ جديّة ومحاولات لتعطيل المصالحة".
وأمام هذه المعيقات، قال مزهر إنّ أطرافًا فلسطينيّة تُريد أن تؤبّد الانقسام، وإنّ هذا الأمر بحدّ ذاته يحتاج لإرادةٍ سياسيةٍ وقرارٍ فلسطيني، وضغطٍ شعبيٍ وجماهيري"، مستدركًا: "عندما نتحدّث عن حكومة الوحدة الوطنيّة، فإننا نتحدّث عن حكومة لها مهام محددة، كتوحيد المؤسسات وإعادة الإعمار وبناء الأجهزة الأمنية وفق عقيدة وطنية، ولا تقوم على حماية الاحتلال كما أرادها الاحتلال، بما في ذلك التحضير لإجراء الانتخابات".
واعتبر نائب الأمين العام للجبهة أنّ "المجلس الوطني والمركزي واللجنة التنفيذية، جميعهم مسلوبي الصلاحيات من قبل القيادة المتنفذة التي حصرت دورها بالاستشاري، وهذا الأمر يحتاج لمراجعةٍ وإجراءاتٍ جدية لإعادة بناء المنظمة".
كما أكّد على أنّ "منظمة التحرير تعيش حالة من الهيمنة والتفرّد والإقصاء والترهّل والفساد طال العديد من مؤسّساتها وهي بحاجة لإعادة الترميم، وأنّ كل ذلك بالإمكان إصلاحه إذا ما توفرت الإرادة السياسيّة والقرار السياسي"، معتبراً في هذا الإطار أنّ "ذلك يتطلب تطبيق قرارات المجلسين الوطني والمركزي بقطع العلاقات مع الاحتلال وتجاوز اتفاقيات أوسلو، وهي بالمناسبة قرارات إجماع وطني لكنها تُستخدم في إطار المناورة".
وبشأن سُبل الإصلاح للحالة الفلسطينيّة، أشار مزهر إلى أنّ "الجبهة الشعبيّة في إطار التحضير من أجل تحركٍ سياسيٍ مع القوى السياسيّة والمجتمعيّة والشخصيات المستقلة، لخلق تيارٍ أو ائتلافٍ تكون مهمته إنهاء الانقسام وتحقيق الوحدة، وفرض الاتفاق الوطني على الكل الفلسطيني، ومواجهة التحديات الصهيونيّة، ويرتكز هذا التحرك على اتفاقيات المصالحة الموقعة وعلى برنامج القواسم المشتركة".
وبيّن مزهر أنّ "الجبهة أجرت سلسلةً من التحرّكات مع القوى السياسيّة، وكل القوى رحّبت بهذا التحرّك، وتنتظر أن تُقدّم الجبهة هذه الأفكار وتكون مظلّةً للكل الفلسطيني".
وفي ختام المحور الأول من الندوة، شدّد نائب الأمين العام للجبهة الشعبيّة على أنّ "مُنظّمة التحرير ركيزة أساسيّة في مواجهة العدو وحكومته الجديدة التي تحاول ضم الضفة ومواصلة الاستيطان؛ لأن الاحتلال يتعامل مع الضفة والقدس كجزءٍ من كيانه المصطنع".
وفي ردّه على مداخلات هذا المحور التي تعلّقت بالشأن الفلسطيني، أكّد مزهر على أنّ "الجبهة تضع خيارها الاستراتيجي وهو إقامة الدولة الفلسطينيّة الديمقراطيّة على كامل التراب الفلسطيني، وأنّ من يقدّم التنازلات هو من سيُواجه مصيره مع الشعب الفلسطيني، وأنّ مشروع اتفاق أوسلو داسته دبابات الكيان الصهيوني".
ولفت إلى أنّنا "نواجه تحدياتٍ حقيقية، في ظل مراهنة بعض الأطراف الفلسطينيّة على أوهامٍ المفاوضات والتسوية التي لم تقدّم شيئًا للشعب الفلسطيني".
وتابع: "لا زال أبناء حركة فتح وطنيين بامتياز ولديهم الاستعداد للتضحية، لكنّ هناك بعض القيادات ما زالت تراهن على وهم وسراب السلام المزعوم".
كما أكّد: "نحن في الجبهة طالبنا في لقاءاتنا في بيروت بتشكيل جبهة مقاومةٍ ضد الاحتلال، ولا نريد أن نكون جزءًا من الصراع على السلطة؛ باعتبار أنّ هذه السلطة أُنشئت نتيجة اتفاقاتٍ كارثية، وقلنا مرارًا وتكرارًا أنّ المطلوب هو تشكيل جبهة مقاومة في مواجهة الاحتلال".
وفي المحور الثاني المُتعلّق بالتطبيع وطرق مواجهته، وجّه مزهر "التحيّة لكلّ الشعوب العربية"، الذي أكّد أنّها "تُعبر بشكل واضح وصريح عن رفضها للتطبيع مع العدو، وأكبر دليل على ذلك ما شاهدناه في مونديال قطر، وشاهدنا الرفض الشعبي المطلق للعدو".
وأشار إلى أنّ "حالة الرفض العربي تزيدنا فخرًا واعتزازًا بالشعوب العربية، التي ما زالت تؤكّد وترى أنّ هذا العدو استيطاني كولونيالي يحاول السيطرة على كل المنطقة العربية، من خلال الاتفاقات التي تتم مع بعض الأنظمة العربية، وأنّ رسالة الشعوب كانت واضحة برفض الكيان في المنطقة، والشعب الفلسطيني رأس الحربة في مواجهة العدو، ولولا التضحيات التي قدّمها الشعب الفلسطيني التي أوقفت تغوّل العدو، لرأيناه يحتل كل المنطقة العربيّة".
وفي هذا السياق، أكّد مزهر على "أهمية المواقف التي تصدر عن العديد من القوى السياسيّة والجمعيات والمؤسّسات والتي تعبّر عن رفضها المطلق للتطبيع مع هذا العدو"، مؤكداً على "ضرورة تصعيد التحرّكات الشعبيّة الرافضة لوجود الكيان في المنطقة".
واعتبر في هذا الإطار أنّ "المطلوب إزاء ذلك، تصعيد الرفض الشعبي العربي ممثلًا بقواه، لوضع حدٍّ لاندفاع العدو واستجابة الأنظمة لعقد الاتفاقات مع العدو".
وتابع مزهر: "هذا العدو بعدما لاحظ الرفض العلني للتطبيع، ربما يبحث عن طرقٍ جديدةٍ لاختراق المنطقة، ونحن في إطار تداولٍ لتشكيل جبهةٍ عربيةٍ لمواجهة التطبيع، تضمّ قوى وجمعياتٍ وأحزابًا تناضل لمواجهة هذا الخطر الذي يواجه المنطقة، فهناك تحرّك ومبادرة لدى الجبهة الشعبيّة في الأيّام القادمة، حيث ستدعو للقاء من أجل نقاش كيفيّة توحيد الشعوب العربيّة لمواجهة التطبيع وإلحاق الخسائر بالعدو، ويكون هدفه أيضًا عزل دولة العدو على المستوى الدولي".
كما أكّد على أنّ "الشعوب العربية حيّة تنتصر لعروبتها ولفلسطين باعتبارها قضية العرب المركزيّة، ولا يمكن أن تساوم بأيّ حالٍ على قبول هذا الجسم الاستيطاني الغريب أن يُزرع في المنطقة، لكنّ هذا الأمر بحاجة لتفعيل الأدوات وتحشيد كل القوى، ورفع الصوت في وجه الأنظمة التي تعقد علاقات تطبيع مع العدو"، مُشدّدًا على "ضرورة توحيد ومضاعفة الجهود من أجل وضع حدٍ للتغلغل الصهيوني في المنطقة".