- إيمان عنان
- ماجستير علوم سياسية
يعيش قطاع غزة في معاناة بسبب سياسة الإغلاق والحصارالإسرائيلي منذ عام 2000، التي تزايدت مع بناء الجدار الفاصل عام 2002، وساءت الأوضاع الاقتصادية في غزة، حيث استمرت سيطرة إسرائيل على المجال الجوي والبحري والبري الخاص بالقطاع، وفي عام 2007 زادت حدة القيود لتتحول إلى حصار شامل، حيث تم عزل قطاع غزة بأكمله عن العالم الخارجي.
تسبب هذا الحصار في دمارهائل في الاقتصاد في غزة، حيث عمل على ارتفاع الأسعار وتدمير البنية التحتية والموارد الانتاجية، وأثر على المرافق الزراعية والصناعية والتجارية ورفع معدلات البطالة والفقر.
عملت الوساطة المصرية على تهدئة الوضع في غزة من خلال اتفاق الطرفين على وقف اطلاق النار، والمساهمة في إعادة إعمار غزة، و حشد دولي باتجاه حل الدولتين.
قام الرئيس عبد الفتاح السيسي بطرح الأزمة في بعض الفعاليات الدولية ومنها قمة باريس التي حضرها الرئيس الفرنسي ماكرون والملك عبدالله الثاني، وتم إطلاق مبادرة لتخصيص نصف مليار دولارلإعمارغزة، وفتح مستشفيات مصرية ومعبر رفح لنقل المصابين الفلسطينيين للعلاج داخل مصر.
لعبت مصر دوراً هاماً في وقف العدوان الإسرائيلي على غزة منذ سنوات، ففي عام 2014، عندما بدأ العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة يوم 8 يوليو 2014، وارتكب مجزرة خان يونس التي راح ضحيتها 11 شهيداً فلسطينياً و28 مصاباً، وقصف المباني والمساجد والبنية التحتية، وأدت المواجهات بين الفصائل الفلسطينية وإسرائيل إلى مقتل 1742 فلسطينياً، وتدمير عدداً كبيراً من المساجد والكنائس.
عملت مصرعلى تهدئة العدوان بموجب المبادرة المصرية، التي نصت على وقف الاغتيالات والاستهدافات، وفتح المعابر بما بما يحقق ادخال المساعدات الانسانية والاغاثية وإعادة الإعمار، وحرية الصيد، وفتح معبر رفح بوجود قوات فلسطينية على المعبر طول الحدود، وإلغاء المنطقة العازلة الممتدة ل300 متر وقصرها على 100 متر فقط.
في 12 أكتوبر 2014، استضافت مصر بمشاركة النرويج وفلسطين مؤتمراً دولياً حول فلسطين تحت عنوان إعادة إعمار غزة، يهدف إلى تعزيز وقف اطلاق النار وتحسين آفاق الحل السياسي، وإعادة تأهيل قطاع غزة، وتعزيز آلية الأمم المتحدة لاستيراد البضائع من قطاع غزة، وتوفير الدعم المالي الخاص بإعادة الإعمار.
وفي فبراير 2021 وقع صندوق الاستثمار الفلسطيني واتحاد المقاولين "CCC" و"إيجاس" المصرية اتفاقية للتعاون بمساعي تطوير حقل غاز غزة والبنية التحتية اللازمة، لتوفير احتياجات فلسطين من الغاز الطبيعي، حيث عملت مصرعلى إقناع الحكومة الاسرائيلية بالسماح للسلطة الفلسطينية باستخراج الغاز الطبيعي من البحر الأبيض المتوسط قبالة سواحل قطاع غزة، حيث كانت إسرائيل ترفض السماح باستخراج الغاز الطبيعي قبالة سواحل قطاع غزة.
وعندما شنت إسرائيل حرباً في 5 أغسطس 2022 مستهدفة مواقع حركة الجهاد الإسلامي في قطاع غزة، وتسببت في مقتل 48 فلسطينياً، بينهم 16 طفلاً و4 سيدات، وأصابة 360 آخرين، عملت مصرعلى وقف إطلاق النار بين حركة الجهاد الفلسطيني وإسرائيل، وتثبيت حالة التهدئة والتنسيق مع المبعوث الأممي، وتطوير الدور المصري في الضفة الغربية تحسباً لنشوب مواجهة في الضفة تؤثر على استقرار الوضع في غزة.
دعت مصر للتهدئة الأمنية والسياسية في القدس ونابلس وجنين ورام الله، واقناع حركة حماس باستمرار حالة التهدئة والانتقال إلى الاستقرار السياسي والأمني، واقناع إسرائيل بأن من مصلحة الجميع عدم الصدام والدخول في مواجهات أمنية.
وتوجهت مصر إلى الإدارة الأمريكية لاستئناف الاتصالات السياسية المعطلة، ودعت إلى ضرورة إحياء التفاوض حول مرجعيات أوسلو ومدريد.
تهدف مصر من تهدئة الأوضاع في غزة إلى تحقيق الاستقرارالإقليمي في المنطقة لأن استقرار الوضع الانساني في غزة يؤدي إلى الاستقرار في مصر، ويمنع اللجوء إلى الأسلحة والمتفجرات التي تهدد الأمن القومي المصري والعربي، وتوفير فرص عمل لأبناء القطاع، وحياة كريمة لهم لمنع استغلالهم من بعض الدول وتجنيدهم في تنظيمات إرهابية.
كما أن توفير احتياجات القطاع وإعادة الإعمار سيقلل من إنشاء أنفاق قد تستخدم في المس بأمن مصر، وتسلل الإرهابيين وتهريب كل ما هو غير مشروع، مما يعمل على تهديد الأمن القومي.
تستمر مصر في العمل على التهدئة داخل القطاع، وتنمية المشروعات المخطط لها، وتعمل على تنفيذ مبادرة الرئيس عبدالفتاح السيسي بتوفير 500 مليون دولار لإعادة تأهيل القطاع، وستواصل مصر الدفاع عن غزة والقضية الفلسطينية لأنها تُمثل ركن أساسي من أركان السياسة الخارجية المصرية.
ولكي ينجح الدور المصري لابد من إزالة القيود المفروضة على قطاع غزة من قبل الاحتلال، واتاحة الفرص للوصول إلى الأراضي الزراعية والأسواق والموارد المائية، وضرورة تحسين وتطوير البنى التحتية وزيادة الاستثمارات في الهياكل الأساسية، بالإضافة إلى دور الحكومة المحلية في الاهتمام بالوضع الاقتصادي في غزة من أجل انتعاش الاقتصاد وتخفيض معدلات البطالة، ووضع برنامج اقتصادي فلسطيني يتضمن سياسة الأولويات في الموازنة الحكومية وإعادة توزيع الدخل بشكل عادل، وتحسين المناخ الاستثماري وبيئة الاعمال من خلال التركيز على منشآت الاعمال الصغيرة والمتوسطة.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت