- بقلم سفير الاعلام العربي عن دولة فلسطين ، الكاتب والاديب العربي الفلسطيني الاعلامي د. رضوان عبد الله*
بينما كان والدنا يرقد بالمستشفى يتلقى العلاج،ولليومين الثاني والثالث على التوالي ، وكانت اوضاعه تقريبا مستقرة،ونحن نتناوب على الزيارات باوقاتها المسموحة،ونترقب اوضاعه الصحية مع امل ودعاء بالشفاء،مع سؤال الاطباء عن اوضاعه الصحية صباحا ومساء. وانا انظر اليه مرارا وتكرارا ،رحمه الله، راقدا على سريره في المستشفى عدت بالذاكرة الى كثير من الايام الخوالي حيث كنا تحت رعايته واهتمامه وتربيته لنا وتنقله بنا ما بين صور وصيدا،بسبب الظروف القاسية التي مرت بها الاراضي اللبنانية من قصف مدفعي وجوي وبحري صهيوني على مناطق كنا نسكن بنا ،وكنا وبقية افراد الاسرة شبابا وصبايا،ووالدتي معنا، وكان كأي والد ورب اسرة يخاف على اسرته،يحاول ان يبعدها عن اماكن الخطر والقصف الصهيوني، رغم وجود منزل العائلة في منطقة صور ، ووجودنا في مدارس المنطقة ، لكنه كان حريصا على الا تمسنا المخاطر وان نكون في مأمن وفي سلام وامان.
حرصه،حرص الاب ورب الاسرة واهتمامه الزائد بنا وبتربيتنا،في فترات نشأتنا وبقية حياتنا،جعلني ادقق بوجهه البراق ايمانا وحنوا وحنانا ، وبعينيه المغمضتين حيث ان الاطباء كانوا يعطوه العلاجات بمواعيدها بين فترة واخرى بما فيها ادوية ضد الالتهابات والسعال مما يجعله في معظم الاوقات اما نائما او شبه نائم ، قائلا في قرارة ذاتي،آه كم هي الأيام صعبة وشاقة،وكم هي الحياة تتلاطمها موجات وموجات وتتكسر عليها سنين العمر .
واضيف بقلبي القلق والمتوتر حينا والمؤمن في نفس الوقت بأن الشفاء من عند الله ،ولا مرد لقضاء الله مهما كان خيرا او شرا، مرددا لذاتي داعيا مع تنهيداتي المتأرجحة بين قلبي ورئتيّ : شفاك الله وعافاك يا والدي ، كم كنت حريصا ان تبقينا في امان وبعيدا عن الخطر ، وكنت ايضا حريصا علينا ان نكمل مراحل التعليم مهما كلف الامر ، ومهما كلفك من مجهودات ومصارفات وتكاليف ، بل كنت حريصا ان نكون على احسن ما يكون من التربية والخلق الحسن والالتزام الديني والانساني،وانا لا زلت اتذكر قولتك المشهورة لنا وباستمرار : كل الناس خير وبركة،في محاولاتك الدؤوبة ان تفهمنا بان الناس مزروع فيها الخير حتى لو اخطأت معنا باي خطأ كبيرا كان ام صغيرا ...(يتبع)
--
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت