- محمود خضر
- ماجستير علوم سياسية
تقع غزة تحت وطأة عزلة تامة منذ عام 2007، بسبب الحصارالذي فرضه الاحتلال الإسرائيلي، مما ألحق الضرر بالاقتصاد الغزي ورفع معدلات الفقر والبطالة، وأصبحت حركة العمالة وأنشطة القطاع الخاص شبه متوقفه كلياً، وأصبح هناك زيادة في أعداد العاطلين عن العمل، وانخفاضاً في معدل فرص العمل والأجور اليومية التي يتلقاها العاملون في مختلف المؤسسات الحكومية أو الخاصة، حيث ارتفع معدل البطالة في فلسطين نهاية عام 2021 ووصل إلى 26.4 %، و 46.9% في قطاع غزة، وبلغ متوسط الأجر اليومي للعمال في فلسطين 136.5 شيكل ليصل في قطاع غزة إلى 60.4 شيكل.
ويعتبر ذلك سبباً جعل عمال غزة يهرولوا نحو إسرائيل، حيث لا توجد فرص عمل حقيقية في غزة للعمال والشباب، وهناك فارق كبير في الأجور بين الجانبين، إذ أن العامل في القطاع إذا وجد فرصة للعمل فإن أجره لا يتعدى ال 20 شيكلاً بالعملة المحلية أو ما يساوي قرابة 7 دولارات بينما يتقاضى في إسرائيل ما يقارب ال100$ في اليوم الواحد.
من ضمن مطالب حركة حماس التي نص عليها الاتفاق هو السماح لعمال غزة بالعودة للعمل في إسرائيل وبأن يتم إصدار ما مقداره 30 ألف تصريح عمل، وبدأت إسرائيل في تنفيذ هذا البند لكن بشكل تدريجي وبطيء، إذ أن مجموع ما تم إصداره حتى اليوم وصل ل12 ألف تصريح.
يبلغ عدد العمال الفلسطينيين داخل الأراضي المحتلة 200 ألف عامل، يعانوا يومياً في طريقهم إلى العمل داخل الأراضي المحتلة، أمام نقاط التفتيش، حيث يتم فحص تصاريح العمل، وهناك تقييدات على نقل الأمتعة الشخصية في معبر إيرز.
الكثير من العمال يخرجون في الطريق الطويل الذي ينتظرهم دون أن يأخذوا معهم شيئًا، ويضطرون لشراء ما يحتاجونه من لوازم في إسرائيل، حيث يُمنع اخراج مستلزمات أخرى مثل حقيبة، أو شاحن، أو طعام، أو معدات شخصيّة، ويرتدي الكثيرون عدة طبقات ملابس كي تتوفر لهم لاحقاً.
تستغرق عملية البحث عن عمل مدة طويلة وصعبة، لأن العثور على عمل يتم من خلال العلاقات الشخصية، بواسطة أقرباء أو أصحاب عمل في القطاع ممن لديهم علاقات تجارية في إسرائيل، أو بمساعدة علاقات أقامها عمال آخرون ممّن بحوزتهم تصاريح عمل، كثيرون يدفعون رسوم سمسرة لكنهم يخافون الحديث عن ذلك خوفًا من أن يضرهم صاحب العمل ويتسبب في إنهاء التصريح.
يستمر يوم العمل بمعدل 8 ساعات ونصف، لكنه قد يستمر ايضاً إلى 10 و12 ساعة، بل أكثر، وهناك حالات مماطلة في دفع الأجور، ورفض دفع تعويضات عن حوادث عمل أو أيام مرض، ويتعرض معظمهم للظلم والإستغلال، ويعملوا تحت آشعة الشمس لساعات طويلة، ويتكدس العمال في المبيت، حيث كل 10 أشخاص ينامون معًا في غرفة واحدة، ويدفع كل منهم 200-300 شيكل شهريًا مقابل سرير.
وتعاني المرأة أيضاً من الوصول إلى العمل وتتعرض للمضايقات، والاصطفاف في طوابير الرجال، مما يدفع العديد من النساء إلى ترك عملهم، وتتجاهل الأجهزة الأمنية في إسرائيل كل هذه القيود والمضايقات اليومية، ولم تتخذ أي خطوة تجاه اصلاحها، حيث إن العمال الفلسطينيين غير مرحب بهم في إسرائيل.
تستغل إسرائيل احتياجات العمال الفلسطينيين، وتتفنن في إذلالهم من خلال فرضها قيوداً على تصاريح العمل، حيث تقوم بإصدارها تحت مسمى "احتياجات اقتصادية "، وليس عاملاً، وهو الأمر الذي فسرته نقابة العمال بأنه تنكر واضح وتملص من قبل أرباب العمل في إسرائيل لحقوق العمال، ولا سيما في حال تعرض أي منهم لخطر.
تستخدم حكومة الاحتلال ملف إصدار تصاريح عمال قطاع غزة كورقة ابتزاز وضغط ضد حركة حماس، حيث إنها تماطل في تنفيذ التصاريح وتؤخرها، بشكل متعمد، كما تغلق باستمرار معبر إيرز/ بيت حانون المخصص لعبور العمال، وذلك كرد على أي أعمال تتزعم إسرائيل بأنها عدائية تجاهها كإطلاق القذائف الصاروخية، في يونيو 2022، أعلنت إسرائيل عن زيادة بواقع 2000 تصريح عمل لسكان قطاع غزة ليرتفع إجمالي عدد التصاريح إلى 14 ألفا تصريح، ولكنها سرعان ما جمدت القرار بعد زعم إطلاق قذيفة صاروخية من القطاع.
ويبقى معاناة الشعب الفلسطيني في جزئين، يتمثل الجزء الأول في الحصار، والثاني في تصاريح العمل، و وينبغي أن ترفع إسرائيل الحصار المفروض على غزة، تطبيقا لأحكام القانون الدولي لحقوق الإنسان وقرار مجلس الأمن 1860(2009)، وعلى المجتمع الدولي والدول العربية أن تفرض ضغطاً على إسرائيل، وأن يكون للاعلام دور فعال في كشف الحقيقة وارسال صورة واضحة عن هذه الانتهاكات، حيث إن حرية التنقل مضمونة بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان، والقانون الدولي الإنساني، ويقع على عاتق إسرائيل، بوصفها سلطة الاحتلال، التزام تيسير حرية تنقل الأشخاص المقيمين في الأراضي الفلسطينية المحتلة، ويقع على عاتق الجهات الفلسطينية المسؤولة أيضاً التزام باحترام وضمان حرية التنقل.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت