خرج آلاف المتظاهرين في مسيرة مناهضة لسيطرة الرئيس التونسي قيس سعيد شبه الكاملة على السلطة في وسط تونس العاصمة يوم السبت مطالبين بتنحيه، وذلك في الذكرى السنوية ليوم رئيسي في ثورة 2011 التي جلبت الديمقراطية.
واكتظ شارع الحبيب بورقيبة وسط المدينة، وهو الموقع التقليدي للمظاهرات الكبرى، بآلاف المحتجين الذين يلوحون بالأعلام التونسية، بحسب صحفي من رويترز هناك، وسط هتافات "الشعب يطالب بإسقاط النظام".
واستمر الوجود المكثف للشرطة قرب مبنى وزارة الداخلية في الشارع إلى جانب مدافع المياه. واستمرت الاحتجاجات لساعات بهدوء دون أي اشتباكات مع المتظاهرين.
وقال المحتج أنور علي (34 عاما) "تونس تمر بأخطر أوقات تاريخها، سعيد سيطر على كل السلطات وضرب الديمقراطية. الاقتصاد يحتضر، لن نصمت. سنتصدى للطاغية الجديد مثلما طردنا الطاغية القديم".
وتجاوز المتظاهرون صفوف رجال الشرطة والحواجز المعدنية للوصول إلى الشارع، متحدين الجهود الأولية التي بذلتها السلطات لفصل عدة احتجاجات متوازية دعت إليها أحزاب سياسية مختلفة ومنظمات المجتمع المدني.
وقالت شيماء عيسى، وهي معارضة لسعيد وناشطة شاركت في ثورة 2011 "كنا في شارع بورقيبة في جان (يناير) في 2011. حين لم يكن سعيد هناك وكان يتقرب من حزب التجمع (حزب بن علي). اليوم يغلق الشارع أمامنا. سنصل إلى الشارع مهما كان الثمن. أمر حزين ومخز أننا نتظاهر ضد الاستبداد بعد 12 عام من الثورة".
وعقب وصول المحتجين لشارع بورقيبة رفعوا شعارات "ارحل ارحل" و"الشعب يريد إسقاط الانقلاب.. يا شعب ثور على سعيد الديكتاتور".
ونظم الحزب الدستوري الحر، وهو معارض رئيسي ومؤيد للرئيس السابق زين العابدين بن علي الذي أطاحت به ثورة 2011، احتجاجا منفصلا في العاصمة بعد أن مُنع من التظاهر بالقرب من القصر الرئاسي في قرطاج.
ومنعت قوات الأمن زعيمة الحزب عبير موسي وأنصارها من التحرك باتجاه القصر.
وحل سعيد البرلمان المنتخب في عام 2021 وبدأ في إعادة تشكيل النظام السياسي، لكن ضعف الإقبال على انتخابات ديسمبر كانون الأول لاختيار أعضاء مجلس تشريعي جديد بلا سلطات في الغالب كشف عن ضعف التأييد الشعبي لما أجراه من تعديلات.
وفي غضون ذلك يتهاوى الاقتصاد، مع اختفاء سلع أساسية من على الأرفف دون تمكن الحكومة بعد من تأمين خطة إنقاذ دولية مع مواجهة مالية الدولة للإفلاس.
وتعارض القوى السياسية الرئيسية، بما في ذلك معظم الأحزاب والنقابات العمالية، الآن مشروع سعيد ويصفه الكثيرون بأنه انقلاب مناهض للديمقراطية.
ومع ذلك، لم تتمكن من إصلاح الانقسامات الأيديولوجية والشخصية العميقة التي قسَّمتها لسنوات بدلا من تشكيل جبهة موحدة.
ولا تزال أحزاب كثيرة ترفض أي دور لأكبر حزب، حزب النهضة الإسلامي. ويسعى الاتحاد التونسي العام للشغل إلى حوار وطني لكنه لن يدعو أي حزب يتهم سعيد بالانقلاب.
وتأتي الاحتجاجات في ذكرى مرور 12 عاما على اليوم التالي للإطاحة بالرئيس السابق زين العابدين بن علي، وبالنسبة لمعظم الأحزاب التونسية ومنظمات المجتمع المدني في البلاد، يعتبر يوم 14 يناير كانون الثاني ذكرى الثورة.
ومع ذلك، غير سعيد من جانب واحد موعد الذكرى الرسمي وقال إنه يعتبر يوم 14 يناير كانون الثاني لحظة ضلت فيها الثورة.
وفي حين لا يواجه معارضو سعيد حملة قمع كبيرة وتسمح الشرطة بمعظم الاحتجاجات المناهضة له، فإن التعامل مع مظاهرات 14 يناير كانون الثاني العام الماضي كان أكثر قوة، وتسبب في تنديد من نشطاء حقوقيين.