أفاد تقرير لصحيفة "هآرتس" العبرية بأن بطريركية الروم الأرثوذكس في القدس تدفع لتنفيذ مشروع يشمل نحو 3500 وحدة سكنية وفنادق ومركز تجاري ويمتد على مساحة تتراوح بين 90 و140 دونما، في منطقة تمتد على طول طريق الخليل جنوبي مدينة القدس وتشمل "غفعات همتوس" المقامة على أراض فلسطينية في بيت صفافا، وجبل أبو غنيم على جانبي الخط الأخضر.
وأشار التقرير إلى أن المشروع يضاعف حجم البناء في منطقة يعارض الاتحاد الأوروبي البناء فيها منذ سنوات؛ وتكشف وثائق خطة البناء أن الأرض مملوكة للكنيسة الأرثوذكسية اليونانية، وهي واحدة من المبادرين للمشروع إلى جانب شركة "مشروع حي تلبيوت الجديد" الإسرائيلية، وشركة "دياني" القابضة المحدودة المسجلة في مالطا.
وذكر التقرير بأن المشروع المذكور يعتبر نسخة جديدة من المشروع الاستيطاني "غفعات همتوس د" الذي يأتي في إطار المساعي لفصل القدس عن بيت لحم والخليل. علما بأن الاتحاد الأوروبي كان قد حّذر من أن يؤدي البناء في هذه المنطقة إلى الإضرار بالاستمرارية الجغرافية للمناطق الفلسطينية في منطقة القدس، وعزل بيت صفافا عن سائر الأحياء الفلسطينية في القدس وبيت لحم.
وأثار تقرير الصحيفة شكوكا حول مشاركة بطريركية الروم الأرثوذكس في مشروع يثير الجدل والمخاوف من قطع التتابع الجغرافي للمناطق الفلسطينية في منطقة القدس. وذلك في ظل الشبهات التي تحوم حول تسريب أراضي تابعة للكنيسة لجمعية "عطيرت كوهنيم" الاستيطانية. وأفاد تقرير "هآرتس" بأن المحامية التي تمثل الشركة المالطية، هي ذاتها التي مثلت البطريركية اليونانية في إجراءات قانونية أخرى.
والسبت، أصدرت بطريركية الروم الأرثوذكس في القدس رسالة إلى أتباعها، اعترفت فيها بأن المخطط يشمل منطقة تقع على جانبي الخط الأخضر (أراضي 67 وأراضي 48)، وأشارت إلى التخطيط لبناء مئات الوحدات السكنية لأتباع الطوائف المسيحية كجزء من المشروع.
وجاء في إعلان الكنيسة أنها "تعمل على بناء مشاريع في القدس بالتعاون مع رجال أعمال فلسطينيين ودوليين من أجل توفير حلول لمشاكل أزمة السكن والبطالة عبر استثمارات تساهم في تعزيز صمود أبناء رعيتها والمقدسيين على جميع انتماءاتهم وأطيافهم".
وقالت إنه "من خلال مهندسين وذوي خبرة قامت بتقديم مخططات بديلة بالتعاون مع شركات دولية ومحلية بهدف زيادة احتمالات اعتماد سلطات التنظيم والبناء (الإسرائيلية) لمخططاتها البديلة وضمان الحفاظ على الأرض"، وأشارت إلى أن البلدية الإسرائيلية قبلت "مخطط المشروع الهيكلي الأولي المُقدم من قبلها (البطريركية ) بالتعاون مع شركات استثمارية دولية ومحلية، متخذةً كافة التدابير والسبل القانونية للحفاظ على ملكية الأرض".
وأضافت أن "المخطط التطويري للأرض والذي يقع قسم منها في مناطق 48 والقسم الآخر في 67، يتضمن بناء فنادق ومركز تجاري، ومكاتب وبنايات سكنية سيتم من خلالها توفير مئات الوحدات لأبناء الطوائف المسيحية"، لافتة إلى أن "عملية بلوغ مراحل الموافقة النهائية على المخطط الهيكلي المقترح من قبل البطريركية وتباعا الحصول على التراخيص اللازمة قد تستغرق سنوات عدة".
في المقابل، لم تنف بطريركية الروم الأرثوذكس في القدس، في تعقيبها على تقرير "هآرتس"، أن يكون المخطط يخدم "جميع السكان إلى جانب أبناء الطائفة" دون مزيد من التفاصيل، وقالت إنه "بصفتها صاحبة الحق في المجمع ومن واجبها حماية ممتلكاتها وممارسة حقوقها في الأصول التي تملكها، بدأت بطريركية منذ أكثر من عقد، بالعمل مع أطراف دولية لتعزيز التخطيط لإنشاء مشروع ينطوي على استخدامات تجارية وفندقية وسكنية".
وأضافت أن "في هذه الأيام، بدأ هذا النشاط أن يؤتي ثماره والمخطط يتقدم بطريقة تعود بالنفع على البطريركية وأتباعها وجميع السكان".
ونقلت "هآرتس عن الباحث في منظمة "عير عميم" الحقوقية الإسرائيلية، أفيف تترسكي، قوله إن "للأسف، إعلان الكنيسة عن مئات الوحدات السكنية للمسيحيين يوضح أن معظم البناء المخطط له - آلاف الوحدات السكنية - سيكون بناءً إسرائيليا"، وأضاف أنه "حتى إذا كان بعض البناء مخصصًا بالفعل للفلسطينيين، فلا يمكن أن يؤدي ذلك إلى تبييض البناء الإسرائيلي خارج الخط الأخضر وامتداد الحي الذي يتم بناؤه بهدف إدامة السيطرة الإسرائيلية في القدس الشرقية".
وتعطل البناء الاستيطاني في "غفعات همتوس" لسنوات، بسبب ضغوط من الولايات المتحدة، وفي عام 2020 تم طرح مناقصة لبناء 1,257 وحدة استيطانية في المنطقة، الأمر الذي اعتبره المجتمع الدولي والإدارة الأميركية، "خطوة مثيرة للجدل"، وتمت المصادقة على المناقصة في الأيام الأخيرة من ولاية الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب، الأمر الذي كان يهدف إلى فرض وقائع جديدة على الأرض قبل تولي إدارة جو بايدن.