جاكي حوغي: حادثة السفير الأردنيّ المجالي ليست عاديةً فمَنْ تلقى الإهانة علنًا مبعوثو الملك وبالأقصى ومن قبل إسرائيليٍّ يرتدي بزةً رسميّةً
تتوالى الأحداث الاشكاليّة بين كيان الاحتلال والمملكة الأردنيّة الهاشميّة في المسجد الأقصى المُبارك، حيث تتعمّد إسرائيل التأكيد لمندوبي المملكة أنّها هي الآمِر الناهي، وهي التي تسمح بدخول الزائرين أوْ تمنع دخولهم، الأمر الذي يؤدّي إلى تأجج الخلافات القائمة أصلاً بين تل أبيب وعمّان، وبين رئيس الوزراء الإسرائيليّ، بنيامين نتنياهو والعاهل الأردنيّ، الملك عبد الله الثاني.
وتناول المُستشرق الإسرائيليّ جاكي حوغي الأزمة الأخيرة التي وقعت بين الأردن وسلطات الاحتلال الإسرائيليّ التي منعت بـ”القوة” سفير عمّان في تل أبيب، غسان المجالي من زيارة المسجد الأقصى المبارك.
وأكد المُستشرِق خوجي في مقاله بصحيفة (معاريف)العبرية، أنّه رغم بيان الشرطة الإسرائيليّة الذي زعمت فيه، أنّها لم تمنع السفير الأردني من دخول المسجد الأقصى، وأنّ الشرطي لم يتعرف عليه لأنه “لم ينسق مسبقًا” للزيارة، إلّا أنّ الواقع على الأرض يثبت أنه “جرى منع السفير من دخول الأقصى بالقوة” رغم أنّ مدير دائرة الأوقاف الشيخ عزام الخطيب المعروف جيدًا لجهاز الشرطة كان برفقة السفير.
وأشار المُستشرِق، وهو مُحلِّل الشؤون العربيّة في إذاعة جيش الاحتلال (غالي تساهل) أشار إلى أنّ “منع تدهور الأوضاع لأزمةٍ خطيرةٍ تمّ بأعجوبةٍ”، موضحًا في الوقت عينه أنّ السفير الأردنيّ يأتي للصلاة بانتظام في المسجد الأقصى، “ولم يسبق أنْ كانت مشكلة في ذلك أبدًا، ومنذ ثلاث سنوات ونصف وهو يخدم في منصبه، ومرّةً كلّ شهريْن أوْ ثلاثة أشهر يزور الأقصى، وهذه إحدى مهامه كمندوب رسمي للقصر الأردنيّ”، على حدّ تعبيره.
علاوة على ما جاء أعلاه، شدّدّ المُستشرِق حوغي على أنّ الشرطي الإسرائيليّ الذي منع المجالي بـ”القوة”، تسبب بمشادةٍ مع الوفد المرافق للسفير الذي “طرد” من المسجد الأقصى من قبل الشرطة الإسرائيليّة، حيث قال الشرطي لنائب المجالي: “لحظة أخرى وأطيرك من هنا”، وهذه بحسب الكاتب يمكن أنْ تُفسّر “كمجرد طرد، لكن آخرين سيرون في ذلك تهديدًا أخطر، أنا سأقتلك، وفي أفضل الأحوال، لن تخرج من هنا على قدميك”، ما دفع السفير إلى الخروج من الأقصى “احتجاجًا”، وسرعان ما يتم استدعاء السفير الاسرائيلي في عمان إيتان سوركيس، لجلسة “توبيخ”.
المُستشرق لفت إلى أنّ الحادثة تعكس حجم “عدم الثقة بين الطرفين، وعمان لا تصدق رواية الشرطة بأنّها فوجئت بوصول السفير، والدليل أنّ رجال الشرطة في المنطقة سمحوا لكلّ الحاشية بالمرور عنهم، كما أنّ هناك كاميرات، ومن ثم كان هنا استفزاز ضد السفير، وهذا جزء من سياسة”، كما أكّد في تحليله.
ونبّه المستشرق إلى أنّ ما حدث مع السفير المجالي “ليست حادثةً عاديةً، فمَنْ تلقى الإهانة علنا هم مبعوثو الملك، وفي المكان المقدس ومن قبل إسرائيليٍّ يرتدي بزةً رسميّةً، وفق أقواله.
ومضى المُحلِّل الإسرائيليّ قائلاً: “الأصدقاء على ثقة أنّ إسرائيل هي آلة تعمل بلا خلل، ويصعب عليهم أنْ يصدقوا بأنّ الشرطي عمل بدافعيةٍ زائدةٍ وبتمسكٍ زائدٍ بالأنظمة، هم واثقون بأنّ هذه سياسة، وأنّ إسرائيل بعثت للتحرش بالسفير، هكذا منذ سنين في العلاقات معهم ومع المصريين، في كلّ ما يتعلق بالتدهور في المناطق، جيراننا على ثقة أنّ إسرائيل عملت على تصعيد الوضع عن سبق الإصرار والترصّد”، بحسب أقواله.
بالإضافة إلى ذلك، أشار المُستشرِق إلى الخديعة التي مارستها حكومة الاحتلال بزعامة بنيامين نتنياهو، مع كلّ مَنْ سأل من الأطراف العربيّة، مصر، الأردن والسلطة الفلسطينيّة عن توجهات تلك الحكومة بالنسبة للمسجد الأقصى والتصعيد هناك، حيث أكّدت الحكومة أنّه لا تغيير في الوضع الراهن، وبعد ذلك اقتحام وزير الأمن القومي المتطرف إيتمار بن غفير المسجد الأقصى المبارك“، بحسب أقواله
وخلُص المُستشرِق إلى القول إنّه “سنلتقي في رمضان، هذا ليس بعد وقتٍ طويلٍ، شهريْن فقط”، في إشارة إلى إمكانية تصاعد التوتر الأمنيّ بشكلٍ كبيرٍ في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وعلى وجهٍ خاصٍّ في مدينة القدس المُحتلّة، وفي المسجد الأقصى المُبارك تحديدًا، كما قال.
وكان المُستشرق والباحث، د. ميخائيل ميليشتاين، ذكر الأسبوع الفائت أنّه “في الأسابيع الأخيرة تراكمت إشارات مقلقة من جانب الأردن تتطلب انتباهًا خاصًّا من متّخذي القرارات في إسرائيل، والمقصود مزيج من اضطراباتٍ داخليّةٍ في المملكة ناجمة عن مشكلاتٍ أساسيّةٍ قديمةٍ، وتوتراتٍ جديدةٍ بدأت بالظهور في العلاقات بين الدولتين، وناجمة بالأساس عن التخوف الأردنيّ من الخطوات التي يمكن أنْ تتخذها الحكومة الجديدة بشأن المسجد الأقصى”، على حدّ تعبيره.
د. ميليشتاين اختتم قائلاً إنّ “الأهّم من كلّ شيءٍ، بلورة سياسة حذرة في موضوع الحرم القدسيّ، أساسها المحافظة على الوضع الذي كان قائمًا حتى بداية ولاية الحكومة الحالية، في كلّ ما له علاقة بزيارة اليهود إلى الحرم، والامتناع من زيادة عدد الزائرين، أوْ اتخاذ خطواتٍ أُخرى يمكن أنْ تنعكس سلبًا على الوضع في غزة، وعلى الجمهور العربيّ في إسرائيل، وتقوّض العلاقات مع دول المنطقة، وفي طليعتها الدول المشاركة في (اتفاقات أبراهام)”، على حدّ قوله.