أكد المحامي الفرنسي الفلسطيني صلاح الحموري أنه بدأ يشعر بآلام أكثر في فخذه الأيمن المصاب برصاصة إسرائيلية في العام 2000، منذ أن طردته إسرائيل في 18 كانون الأول/ديسمبر الى فرنسا حيث الحرارة أكثر انخفاضا مما هي عليه في القدس.
وقال الحموري لوكالة فرانس برس في منتصف كانون الثاني/يناير في باريس "عندما يكون الطقس بارداً جداً، أشعر ببعض الألم".
وأضاف "أفكّر طوال الوقت، إنه (الألم) جزء من آثار الاحتلال التي تلاحقني".
كان صلاح الحموري يبلغ 15 عاماً في العام 2000 عندما انطلقت الانتفاضة الفلسطينية الثانية التي استمرت لغاية العام 2005. وروى أن الفلسطينيين يومها كانوا يرشقون الحجارة بكثافة على الجنود الاسرائيليين، وفجأة شعر بأنّ "شيئاً طاله". وأضاف "سال الدم بكثافة. نقلوني إلى المستشفى. ولم يتمكنوا من انتزاع الرصاصة".
وأكد أنّ الحدث رسّخ تصميمه على الدفاع عن حقوق الفلسطينيين. ويتذكّر أنه عندما كان في "الخامسة أو السادسة من العمر"، كان يجد نفسه كل ليلة تقريبا "مجتمعاً في غرفة مع عائلته"، بينما الجيش الإسرائيلي يفتّش منزله دون جدوى بحثاً عن عمّ "متهم بالمشاركة في الانتفاضة الأولى" (1987-1993).
وقال الحموري إنه "في السادسة أو السابعة من عمره" اكتشف السجن خلال زيارة هذا العمّ. وبعدها دخل بنفسه إلى السجن مرات عدة. يبلغ حالياً 37 عامًا، أمضى منها تسع سنوات أي حوالى ربع حياته، معتقلاً.
"الخوف"
فقد دخل السحن لمدة خمسة أشهر في 2001، وأربعة أشهر في 2004، و13 شهراً في 2017، وعشرة أيام في 2020، وتسعة أشهر في 2022... وقالت أمه دنيز التي أتت لزيارته في باريس، أن "ما يقوم به ليس أمرا يلام عليه، وبالتالي ساندناه دائماً".
وكانت فترات سجنه القصيرة كلها تقريبًا اعتقالاً إدارياً، وتصنِّف المسؤولة التنفيذية في منظمة العفو الدولية ناتالي غودار هذا الإجراء بأنه "غير قانوني على مستوى القانون الدولي"، لأنه يسمح لإسرائيل بسجن أشخاص من دون توجيه أي تهمة رسمية لهم.
وسُجن الحموري في إسرائيل بين 2005 و2011 لمشاركته في محاولة اغتيال عوفاديا يوسف، كبير حاخامات إسرائيل السابق ومؤسس حزب شاس الديني المتشدد.
ويقول إلياس جيفري من جمعية المسيحيين ضد التعذيب (ACAT) التي منحت الحموري جائزتها لحقوق الانسان في 2022، "اضطر للإقرار بذنبه لتخفيف العقوبة التي كان يواجهها، لكنه بريء".
وتشتبه إسرائيل بوجود صلات بين الحموري والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين التي تعتبرها الدولة العبرية والاتحاد الأوروبي "منظمة إرهابية".
في 2016، طردت الحكومة الإسرائيلية زوجة صلاح الحموري، إلسا لوفور التي كانت آنذاك تعمل لدى قنصلية فرنسا وحاملاً في شهرها السادس.
بعد خمس سنوات، أكدت منظمة العفو الدولية بعد تحليل الهاتف المحمول للحموري، أنه تم اختراقه بواسطة برنامج التجسس "بيغاسوس" الذي تنتجه شركة "ان اس أو" الاسرائيلية.
وقالت السلطات الإسرائيلية التي طردت الحموري في 18 كانون الأول/ديسمبر إلى فرنسا، "منذ صغره، يدعم الحموري أعمالاً إرهابية واستغل تصريح إقامته في إسرائيل لهذه الأعمال".
واعترض الحموري على طرده، مطالباً بأن يتمكّن وعائلته من العيش معاً في القدس.
"جريمة حرب"
ووصفت الأمم المتحدة قيام اسرائيل بطرد المحامي بأنه "جريمة حرب"، لأن "القانون الإنساني الدولي يمنع طرد الأشخاص المحميين من أرض محتلة"، وفق ما جاء على لسان المتحدث باسم المفوضية السامية لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة جيريمي لورنس.
والحموري مولود في القدس الشرقية التي احتلتها الدولة العبرية في 1967 وضمتها. وهو لا يحمل الجنسية الإسرائيلية بل تصريح إقامة ألغته السلطات الإسرائيلية. كما يحمل جنسية فرنسية من والدته.
واعتبرت ناتالي غودار أن صلاح الحموري "رمز لقمع المجتمع المدني" الذي تمارسه إسرائيل بهدف "إسكات الأصوات المعارضة في إطار سياستها للفصل العنصري بحق الشعب الفلسطيني".
ورأت الفلسطينية ميلينا أنصاري أن طرد حموري يشكّل "سابقة خطيرة جداً لفلسطينيي القدس، عبر إكراه هؤلاء على إعلان الولاء لقوة الاحتلال" إذا أرادوا العيش هناك. وتنشط أنصاري الى جانب المحامي صلاح الحموري في منظمة "الضمير" غير الحكومية التي تدافع عن حقوق الأسرى الفلسطينيين، والتي تصنّفها إسرائيل بـ"الإرهابية".
وقالت انصاري "بترحيل صلاح، تعتقد (إسرائيل) أنها ستجعله يصمت، وأنه سيرى جمال فرنسا وينسى عذاب فلسطين. لكنني متأكدة أن ذلك لن يحدث".
في الواقع، كثّف المحامي جهوده خلال خمسة أسابيع أمضاها في فرنسا. واستُقبل الأربعاء في البرلمان الأوروبي.
وشدّد على أن "إسرائيل لم تنتصر في رغبتها في إسكاتي. صوتي سيكون أعلى وأقوى. قتالي سيستمر". وأضاف "لن أعطي المحتل الفرصة ليشعر بأنه انتصر بترحيلي قسراً من فلسطين".