يستعد موظفو وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين– الأونروا، في قطاع غزة، للبدء في تنظيم فعاليات احتجاجية واسعة، تبدأ الأسبوع القادم بالإضراب الجزئي عن العمل، وتنظيم تظاهرات كبيرة، فيما يستمر الموظفون في الضفة بالإضراب المفتوح عن العمل، وذلك بسبب استمرار إدارة هذه المنظمة الدولية في تجاهل مطالبهم الخاصة بترتيبات العمل وتخفيض عدد الموظفين، وهو أمر انعكس على طبيعة الخدمات المقدمة للاجئين في مناطق العمليات الخمس.
مطالب الموظفين
وعقب الإضراب التحذيري، الذي نفذ الإثنين الماضي، في غزة، ودام لساعة وطال عمل المدارس في أول أيام الفصل الدراسي الجديد، والعيادات الطبية ومراكز خدمات الأونروا في قطاع غزة، تقرر أن يجري تنفيذ إضراب شامل، على طول ساعات يوم الإثنين القادم، في كافة مؤسسات “الأونروا”.
ومن ضمن الفعاليات التي جرى إقرارها من قبل اتحاد الموظفين في غزة، تنظيم مسيرة حاشدة يوم السادس من نوفمبر القادم، يشارك فيها 13 ألف موظف، رفضاً لاستمرار إدارة “الأونروا” في المماطلة إزاء الحقوق والمطالب، ورفضاً للإجراءات العقابية التي فرضتها إدارة المؤسسة الدولية على قادة اتحاد الموظفين في الضفة الغربية، وبالذات رئيس الاتحاد هناك جمال عبد الله، والذي صدر بحقه قرار فصل من العمل، بسبب قيادتهم هناك احتجاجات مماثلة.
وأعلن أمير المسحال، رئيس اتحاد الموظفين في القطاع، عن بدء هذه الخطوات، وطالب بسحب فوري لقرار وقف رئيس اتحاد الموظفين في الضفة عن العمل، وأكد أن الاحتجاجات تأتي رفضاً لعدم قيام “الأونروا” بتعبئة شواغر المتقاعدين، والزيادة الطبيعية في زيادة عدد الطلاب، لافتاً إلى أن هناك مئات الشواغر في الوظائف، وكذلك رفض زيادة عدد الحصص التي تقر على مدرسي “الأونروا”، لافتاً إلى أن زيادة الحصص وعدم توظيف معلمين جدد، يؤكد وجود تقليص في عدد الموظفين.
وقال إن كل الممارسات التي ينفذها اتحاد الموظفين تأتي بموجب قانون الاتحادات، مشيراً إلى أن الاحتجاجات جاءت بعد إعطاء مهلة كبيرة لإدارة “الأونروا”، وإجراء مباحثات معها أكثر من مرة، دون أن تقدم على فعل أي شيء.
ودعا في ذات الوقت إلى تشكيل لجنة مهنية مختصة لفحص ما حدث في الضفة وغزة وإنهاء كل مسببات الخلاف.
وقال المسؤول في اتحاد الموظفين محمود حمدان إن الإضراب يشمل جميع المدارس والعيادات وبقية المؤسسات في غزة، لافتاً إلى أن الخطوات الجديدة تأتي ضمن “البرنامج الاحتجاجي المتدرج” الذي سيستمر حتى الاستجابة لمطالبهم.
ويطلب اتحاد الموظفين تثبيت 2000 موظف هناك حاجة ملحة لهم، والعدول عن قرار منع توظيف أقارب الموظفين، وقضية غلاء المعيشة.
وفي حال لم تستجب إدارة “الأونروا” لمطالب الموظفين، فإن الاتحاد يدرس الدخول في إضراب مفتوح عن العمل.
ويواصل العاملون في مراكز “الأونروا” في الضفة الإضراب المفتوح عن العمل، لتحقيق عدة مطالب لهم، ووقف العقوبة المفروضة على رئيس وأعضاء الاتحاد.
وقام اتحاد موظفي “الأونروا” بالضفة الغربية، قبل أيام، باقتحام مقر الوكالة الرئيسي في حي الشيخ جراح بالقدس المحتلة، وتمترسوا بالمكان ومنعوا ممثلي الإدارة من العمل.
وكانت “الأونروا” أوقفت، قبل أسبوع، رئيس اتحاد العاملين بالضفة الغربية عن العمل، وهو ما خلق حالة رأي عام كبيرة رافضة لهذا القرار.
وذكر اتحاد العاملين بالضفة أن “الأونروا” وضعت رئيس الاتحاد “تحت التحقيق”، وحمل في ذات الوقت “الأونروا” تبعات ما قامت به من إجراء، مؤكدا أن إيقاف هذا المسؤول جاء بسبب خطوات الاتحاد النقابية وأنه في حالة نزاع عمل نقابية، كما وجهت إدارة “الأونروا” “لفت نظر”، لتسعة من أعضاء الاتحاد مع خصم من رواتبهم، بسبب مشاركتهم في الاحتجاجات.
تنديد بتقليص الخدمات
ونددت اللجنة المشتركة للاجئين الفلسطينيين بالقرار الصادر ضد رئيس اتحاد موظفي الضفة، وأكدت على حق الموظفين بالمطالبة بحقوقهم النقابية، معلنة رفضها لما وصفته بـ “الرد التعسفي” من الإدارة باتخاذ عدد من الإجراءات ضد رئيس الاتحاد وعدد من الموظفين.
وطالبت اللجنة المشتركة للاجئين إدارة الأونروا بسرعة الاستجابة للحقوق المطلبية والنقابية لاتحاد الموظفين والعودة عن كافة الإجراءات التي اتخذت ضد الموظفين والعاملين.
ومنذ فترة طويلة يشتكي موظفو “الأونروا” في المدراس والعيادات ومراكز الخدمات الاجتماعية من أن الإدارة لا تقوم بتوظيف بدل من أحيلوا للتقاعد، كما لا تقوم بتوظيف موظفين جدد لمواكبة أعداد اللاجئين الآخذة بالزيادة، فيما يجري الطلب منهم تنفيذ الخدمات المطلوبة منهم، بذات الآلية التي يكون فيها عدد الموظفين بالشكل الطبيعي، وهو ما يرهق الموظف، ويحول أيضاً دون قدرته على تقديم الخدمات على أكمل وجه، خاصة في قطاعي الصحة والتعليم.
وتدعي “الأونروا” أن نقص التمويل والعجز في الموازنة العامة هو ما يحول دول قيامها بعملها بالشكل الكامل، وتقول إن الكثير من الدول المانحة إما قلصت كمية التبرعات، أو أوقفتها منذ فترة.
عجز مالي كبير
وكانت “الأونروا” أطلقت قبل أيام نداء عاجلاً للمانحين، دعتهم فيه لتوفير مبلغ 780.3 مليون دولار لسنة 2023 كي تستطيع أن تقدم خدماتها الطارئة في أقاليمها الخمسة.
وحدد نداء “الأونروا”، أن 301,400 لاجئ فلسطيني في لبنان يحتاجون إلى 160 مليون دولار، و420 ألف لاجئ فلسطيني في سوريا بحاجة إلى 247,2 مليون دولار، و20,000 لاجئ فلسطيني في الأردن بحاجة إلى 28,8 مليون دولار، و1,2 مليون لاجئ فلسطيني في غزة يحتاجون إلى 311,4 مليون دولار، و38,350 لاجئاً فلسطينياً في الضفة الغربية المحتلة، بما فيها شرق القدس، بحاجة إلى 32,9 مليون دولار
وقال المستشار الإعلامي لـ “الأونروا”، لصحيفة “القدس العربي” إن العام الحالي 2023 سيكون الأصعب على عمل الوكالة، لافتاً إلى أن هذا التقدير يأتي في ظل التحديات التي تواجه الدول المانحة جراء استمرار الأزمة الأوكرانية وغلاء الأسعار حول العالم، وأشار إلى أنه ولأول مرة في تاريخ عمل “أونروا” ينتهي عام 2022 بعجز مالي وصل إلى 80 مليون دولار حيث تم ترحيلهم للعام الجديد 2023.
وأشار إلى أن 95% من ميزانية “الأونروا” يجري تمويلها من خلال التبرعات غير الإلزامية للدول، لافتاً إلى أن عدداً من الدول لم توف بوعود قطعتها تخص التمويل.
وأكد في ذات الوقت أن الإضرابات تعرقل عمل “الأونروا” وتحول دون قدرتها على تقديم خدمات التعليم والصحة وتوزيع المساعدات الغذائية.
وأشار إلى وجود أزمات كبيرة تواجه “الأونروا” في هذا الوقت، بسبب ارتفاع أعداد اللاجئين الفلسطينيين، وزيادة متطلباتهم وضعف أوضاعهم الاقتصادية.
والمعروف أن تمويل الأونروا، التي تأسست في العام 1949، بقرار من الأمم المتحدة، من أجل مساعدة اللاجئين الفلسطينيين حتى إيجاد حل عادل لقضيتهم، يتم من خلال التبرعات غير الإلزامية.
وبسبب ذلك، طالب مسؤولون فلسطينيون ولجان اللاجئين بأن يجري تمويل هذه المؤسسة الدولية الهامة، بشكل مباشر من ميزانية الأمم المتحدة، على غرار باقي المنظمات الأممية الأخرى.
ويقول مسؤولون في هذه المنظمة الأممية أن الحرب الروسية الأوكرانية أدت إلى تراجع تمويل المانحين، الذين حولوا أموال مساعداتهم إلى أوكرانيا.
وكان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش قال وهو يشير لهذه المسألة: “بينما تتطلب الحرب في أوكرانيا اهتماماً دولياً، يجب على المجتمع الدولي أيضاً أن يعمل على معالجة الأزمات العالمية الأخرى بما في ذلك القضية الفلسطينية”.
والجدير ذكره أنه، إلى جانب أزمة التمويل، تواجه “الأونروا” حملات خطيرة من قبل منظمات صهيونية ودولة الاحتلال تستهدف وجودها، وتدعو إلى إلغاء هذه المنظمة التي تعتبر الشاهد الدولي على قضية تهجير اللاجئين الفلسطينيين من أراضيهم عام 1948.
أونروا تطلب تمويلا بقيمة 1.6 مليار دولار للعام الحالي
ناشدت وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل لاجئي فلسطين في الشرق الأدنى (أونروا) يوم الثلاثاء، الحصول على تمويل بقيمة 1.6 مليار دولار للبرامج والعمليات في عام 2023؛ بعد أن حذر رئيسها من أنها تكافح من أجل الاضطلاع بمسؤولياتها؛ بسبب ارتفاع التكاليف، وتقلص الموارد.
وقال المفوض العام لأونروا فيليب لازاريني، إن التحديات المتضاعفة التي واجهت الوكالة العام الماضي بما في ذلك نقص التمويل والأزمات العالمية والتضخم المالي والأزمات المرتبطة بسلسلة التوريد والتغيرات الجيو-سياسية والارتفاع الهائل في مستويات الفقر والبطالة بين لاجئي فلسطين فرضت ضغوطا هائلة على أونروا.
وأشار لازاريني إلى أن معظم لاجئي فلسطين يعيشون الآن تحت خط الفقر؛ فيما يعتمد الكثيرون منهم على المعونات الإنسانية، التي تشمل المساعدات النقدية والغذاء التي تقدمها أونروا.
"في كافة مناطق العمليات، تواصل الأونروا لعب دور لا غنى عنه في حياة الملايين من لاجئي فلسطين. نعمل من أجل المحافظة على تقديم الخدمات الأساسية في سياق مالي وسياسي صعب للغاية" بحسب لازاريني.
وقال لازاريني: "إن لاجئي فلسطين – وهم أحد أكثر المجتمعات حرماناً في المنطقة – يواجهون تحديات غير مسبوقة ويعتمدون بشكل متزايد على أونروا للحصول على الخدمات الأساسية، وفي بعض الأحيان لمجرد البقاء على قيد الحياة".
"معاناة ويأس لا يوصفان"
وتابع المفوض: "عدت للتو من سوريا؛ حيث شهدت معاناة ويأسا لا يوصفان. إن وضع لاجئي فلسطين هناك ينعكس للأسف في أماكن أخرى مثل لبنان وغزة حيث وصل لاجئو فلسطين إلى الحضيض. أخبرني الكثيرون أن كل ما يطلبونه هو أن يعيشوا حياة كريمة، وهو طلب ليس بالكثير".
واضطرت الوكالة لترحيل أكثر من 70 مليون دولار من نفقاتها في 222 إلى السنة المالية الجديدة؛ في ظل معاناة الوكالة من أزمة مالية وعجز "مزمن".
وقررت الجمعية العامة للأمم المتحدة الشهر الماضي تمديد ولاية وكالة "أونروا" التي تأسست في 1949، وفوضتها بمهمة تقديم المساعدة الإنسانية والحماية للاجئي فلسطين المسجلين في مناطق عمليات الوكالة حتى التوصل إلى حل عادل ودائم، وتعمل الوكالة في الأردن، ولبنان وسوريا، وقطاع غزة، والضفة الغربية المحتلة التي تشمل القدس الشرقية.
وتتمثل مهمة الوكالة في مساعدة اللاجئين الفلسطينيين على تحقيق كامل إمكاناتهم في التنمية البشرية إلى أن يتم التوصل إلى حل دائم وعادل لقضية اللاجئين، وتشمل خدمات "أونروا" التعليم والرعاية الصحية، والإغاثة والخدمات الاجتماعية والبنية التحتية، وتحسين المخيمات والحماية والإقراض الصغير للاجئي فلسطين.
في نهاية عام 2021، بلغ عدد اللاجئين الفلسطينيين المسجلين المشمولين بولايتها قرابة 5.8 ملايين لاجئ، وبلغ عدد موظفيها 28 ألف موظف تقريبا.
وتدير أونروا نظاما تعليميا يضم أكثر من 700 مدرسة توفر التعليم لأكثر من نصف مليون طفل في المنطقة، ويقدم موظفوها والذي يبلغ عددهم نحو 30 ألفا – معظمهم من لاجئي فلسطين – خدمات الصحة والصرف الصحي والتعليم والخدمات الاجتماعية بما في ذلك المعونات الغذائية والنقدية.
ودعا لازاريني إلى نموذج تمويل أكثر استدامة لهذه الوكالة الحيوية بموجبه يكون لوكالة "أونروا" مصدر تمويل منتظم وطويل الأمد، ويمكن التنبؤ به.