وصف فهد سليمان، نائب الأمين العام للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، الإجراءات الأمنية المتشددة التي اتخذتها حكومة نتنياهو الفاشية، بحق عوائل شهداء عمليتي القدس وسلوان، وعدد آخر من الأسرى، بأنها تعبير عن فشل دولة الاحتلال في استئصال المقاومة الباسلة لأبناء شعبنا، وعن فشل ما يسمى بالاستراتيجية الأمنية لجيش الاحتلال وشرطته، في وقف النضال الفلسطيني بأشكاله المختلفة في المواجهة المفتوحة مع الاحتلال والاستيطان، ولأجل تحرير الأرض وإقامة الدولة المستقلة وعاصمتها القدس وعودة اللاجئين.
وكان فهد سليمان يتحدث في مخيم اليرموك، قرب العاصمة السورية مدينة دمشق، دعت لها الجبهة في قاعة الشهيد خالد نزال في المخيم.
وأوضح فهد سليمان، في أولى احتفالات الجبهة في سوريا، في العيد الـ 54 لانطلاقتها المجيدة في 22 شباط (فبراير) 1969: إن لجوء دولة الاحتلال وعلى رأسها الحكومة المتطرفة إلى العنف الدموي، سوف يؤجّج ويسعّر نار المقاومة في الأراضي المحتلة، خاصة وأن شعبنا أدرك بحسه الوطني العميق أن الوعود الأميركية والغربية بحلول سياسية لا تبدو معالمها حتى الآن، ولا في المدى المنظور، تهدف إلى تخدير الحالة السياسية الفلسطينية، وزرع الأوهام لدى أبناء شعبنا، بإمكانية الوصول إلى حل متوازن، يكفل له حقوقه الوطنية المشروعة غير القابلة للتصرف، كما هي في الوقت نفسه محاولة فجة للتغطية على سياسات إسرائيل في انتهاكها اليومي لقرارات الشرعية الدولية وتصعيدها الإجرامي ضد أبناء شعبنا بما في ذلك في أراضي الـ 48.
وشدد فهد سليمان على ضرورة تعميق الوحدة الوطنية والميدانية لشعبنا، وعدم السماح للانقسامات السياسية بين حركتي فتح وحماس، أن تمس هذه الوحدة.
ووصف «وحدة الشعب الفلسطيني» و«وحدة حقوقه» و«وحدته النضالية» بالثالوث المقدس، الذي علينا جميعاً أن نعمقه وصولاً إلى التوافق على استراتيجية سياسية وطنية، ووحدة داخلية تعيد بناء نظامنا السياسي الفلسطيني، وترسم برنامجنا النضالي بعلاماته المعروفة، في العودة وتقرير المصير والدولة المستقلة، ورسم الآليات والخطوات التي تعزز وحدة الجبهات والساحات، كما وردت في البرنامج المرحلي، وحدة النضال في الـ 48 دفاعاً عن الحقوق القومية لشعبنا، والمساواة في المواطنة، ودحر الاحتلال وتفكيك الاستيطان في أراضي الـ 67 وقيام الدولة الفلسطينية المستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس، على حدود 4 حزيران (يونيو) 67، وحل قضية اللاجئين بموجب القرار 194 الذي يكفل لهم حق العودة إلى الديار والممتلكات التي هجروا منها منذ العام 1948.
وفي حوار مع جمهور الحاضرين، تناول فهد سليمان الحالة الدولية، مؤكداً أن العالم يعيش حالة انتقالية يغادر فيها نظام القطب الواحد والهيمنة المتفردة للولايات المتحدة، لصالح نظام جديد، لم تتضح معالمه بعد، لكننا لن نعود أبداً إلى النظام السابق فموازين القوى العالمية والإقليمية تؤكد أننا أمام منحى جديد للصراعات الدولية على جبهتين: أوكرانيا حيث تواجه روسيا الاتحادية حلف الناتو وتحالفاته العسكرية والسياسية، والصين الشعبية التي بدأت منذ 2021 تشكل عامل تحدٍ فاعل ومؤثر، على الصعيد الاقتصادي للولايات المتحدة.
وعن احتمال انعكاس التحولات الدولية على الوضع الإقليمي أكد نائب الأمين العام للجبهة الديمقراطية، أن المنطقة بدأت تعيش هذه الإرهاصات، من بينها العلاقات الجديدة، بين السعودية ومجلس التعاون الخليجي والصين الشعبية، وتطور العلاقات الثنائية بين موسكو وطهران، وصعود الدور الإقليمي للرياض، وفي الوقت نفسه تشكل أطر جديدة للتطبيع العربي الإسرائيلي، من أبرزها «منتدى النقب»، الذي يجمع إسرائيل ومصر والبحرين والإمارات والمغرب، وفي وقت تشتد فيه الضغوط على الجانبين الأردني والفلسطيني للالتحاق بهذا المنتدى.
وفي استخلاص عام أكد فهد سليمان، أن دولة الاحتلال بعد انتخاب الكنيست الـ25 دخلت مرحلة جديدة، تعيد فيها حكومة نتنياهو النظام السياسي الإسرائيلي ليصبح أقل ليبرالية، تتراجع فيه دور السلطة القضائية، وتفقد استقلاليتها، وتندمج فيه السلطة التشريعية بأكثريتها المؤيدة للحكومة مع السلطة التنفيذية، ما يهدد بإمكانية تصاعد المعارضة اليهودية حول طبيعة النظام، دون أن يعني ذلك أن ثمة صراعاً إسرائيلياً يهودياً يدور حول الموقف من المسألة الفلسطينية، فكل الأحزاب والقوى اليهودية اليمينية، تتوحد في إنكارها للحقوق الوطنية لشعبنا الفلسطيني، كما تتوحد حول الرؤية لأسطورية الغيبية لطبيعة الصراع في فلسطين.
كذلك أكد فهد سليمان أن ما تشهده الأراضي الفلسطينية المحتلة من تصاعد في المقاومة هو بداية لمرحلة جديدة، نجحت في الضغط على القيادة الرسمية الفلسطينية التي رأت نفسها في ظل التصعيد الإسرائيلي، وتصاعد المجابهة الشعبية وحركته على وقف التنسيق الأمني مع الاحتلال، دون أن نستبعد ما سوف تتعرض له القيادة الرسمية من ضغوط أميركية وغربية للتراجع عن قرارها، ما يضعنا في تنافس محموم بين قدرة شعبنا على التصعيد وتطوير المقاومة، لقطع الطريق أمام الضغوط الغربية على السلطة، مشدداً على أن تحصين قرار وقف التنسيق الأمني، يتطلب استكمال قرارات المجلس المركزي في وقف العمل بالمرحلة الانتقالية لاتفاق أوسلو، بما في ذلك سحب الاعتراف بإسرائيل، ووقف العمل بـ«بروتوكول باريس الاقتصادي»، والخروج من العلاقات الجمركية الموحد، والتحرر من التبعية للاقتصاد الإسرائيلي ■